| 07 مايو 2024 م

الأمة تحترق .. دوَّامة الاقتصاد تكاد تغرقنا .. والبعض مشغول بـ "الاختلاط"!

  • | الخميس, 13 أكتوبر, 2016
الأمة تحترق .. دوَّامة الاقتصاد تكاد تغرقنا .. والبعض مشغول بـ "الاختلاط"!

محاكمة فتاوى تتجاهل فقه الأولويات وتكسر مصالح الوطن؟

د.مختار مرزوق: المرأة مظلومة من المستغربين والمتشددين

د.حسن عبدالفتاح: الاختلاط واقع لا يمكن تجاهله شريطة الضوابط الشرعية

د.عطية لاشين: دعوات باطلة وخرافات لا يعرفها الشرع

 

تحقيق: نعمات مدحت

بين الحين والآخر تخرج علينا دعوات تثير الرأي العام وتشتت شمل المجتمع وتحدث بلبلة علي غير ما يسمعه المواطنون واعتادوا عليه، كانت المحطة الأحدث لقطار هذه الفتاوى تحريم الاختلاط بين الرجل والمرأة سواء فى الدراسة والعمل والمواصلات العامة، ما أثار غضب المجتمع المصري.

"صوت الأزهر" التقت علماء الدين لمعرفة رأيهم حول تلك الفتوي، واالضوابط الشرعية التي وضعها الإسلام للاختلاط بين الرجل والمرأة.

قال الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم عميد كلية أصول الدين بأسيوط السابق، إن الاختلاط بين الرجال والنساء في مواقع الحياة المختلفة من الموضوعات التي يجب أن تحاط بميزان من الشرع وكما يقول بعض المحققين، إن المرأة قد ظلمت من صنفين من الناس الصنف الأول:هم المستغربون الذين يريدون أن يفرضوا على المرأة التقاليد الغربية بكل ما فيها من فساد وتحلل من القيم الإسلامية بل والقيم العربية التي كانت تحفظ للمرأة كرامتها قبل الإسلام، والثاني يتمثل في المتشددين الذين يريدون أن يجعلوا المرأة حبيسة البيت فلا تخرج إلا في الحالات النادرة وبعضهم أحياناً يقول المرأة تخرج مرتين الأولى إلى الزوج، والثانية إلى القبر، مشيراً إلى أن الذي ينظر إلى حياة المرأة في الإسلام يجد أنها لم تكن مسجونة أو معزولة عن المجتمع في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على ذلك كانت تشهد الجمعة والجماعة كما هو معلوم من كتب الحديث والفقه، فكانت الصفوف الأخيرة للنساء ولم يكن هناك عازل بينهما.

مشاركة مجتمعية

وأضاف مرزوق أن النساء كن يحضرن الصلاة مع النبي وكان هذا الحضور مع الرجال وكن أيضا يجلسن في الصفوف الخلفية، وقد ورد في صحيح مسلم عن أم عطية قالت كنا نؤمر بالخروج في العيدين وفي رواية أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن نخرج في الفطر والأضحى حتى المرأة التي كان عليها العادة الشهرية كانت تحضر مشهد العيدين، ولكن تعزل المصلى لكي تشهد دعوة الخير، وكان النساء يحضرن دور العلم مع الرجال عند النبي ويسألن عن أمور دينهن حتى قالت السيدة عائشة نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، بل وشاركت المرأة في المجهود الحربي مع الصحابة؛ فقد ورد في صحيح مسلم عن أم عطية أنها قالت غزوت مع رسول الله سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فاصنع لهم طعاما وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى، لافتاً إلى أن الإسلام وضع ضوابط شرعية للاختلاط بين الرجل والمرأة، منها: الالتزام بغض البصر من الرجال والنساء فلا ينظر أحدهم إلى الآخر نظرة بشهوة ولا يطل النظر من غير حاجة، مصداقاً لقوله تعالى: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ"، موضحاً أن الالتزام من جانب المرأة بالزي الشرعي الذي لا يظهر منه إلا الوجه والكفان، بالإضافة إلى الالتزام بأدب المرأة المسلمة في التعامل مع الرجال في الكلام والمشي والحركة وغيره، ومن ضمن الضوابط الشرعية أن تتجنب المرأة كل ما من شأنه يثير ويغري الشباب كالروائح العطرة وألوان الزينة المختلفة، وأن يحذر الشباب الفتيات من الخلوة في أي مكان لأنها محرمة.

التزام في العبادة

وقال الدكتور حسن عبدالفتاح أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بتفهنا الأشراف جامعة الأزهر، إن الاختلاط بين الرجال والنساء في الجامعات وأوجه الحياة أصبح واقعا لا يمكن تجاهله أو إغفاله وضبط هذه المسألة بالضوابط الشرعية أمر سهل وميسور وبالقدر المستطاع، وذلك بأن نقول إذا لم يكن هناك ضرورة لاختلاط الرجل والمرأة، فمن الأولى أن يكون هناك أماكن مخصصة للرجال وأخرى للنساء، ويوجد هذا مطبقا بالفعل في أماكن عديدة في مجالات مختلفة داخل مصر، ويستثنى من هذا ما يقوم به الطبيب من نظر ولمس لبدن المرأة؛ لأن ذلك موضع ضرورة، وفي بعض وسائل المواصلات العامة  كـ" مترو الأنفاق"، يوجد عربات للسيدات بل ويغرم الرجل إذا ركب فيها، وكذلك في أغلب وسائل المواصلات الخاصة يوجد مقاعد للرجال وأخرى للنساء، وفي الجامعات الحكومية يوجد بعض الجامعات تمنع الاختلاط داخلها فيوجد بها كليات للبنين وأخرى للبنات كجامعة الأزهر الشريف.

وأضاف عبدالفتاح أن الإسلام اشترط تحريم الخلو بالمرأة الأجنبية وتحريم لمسها، والنظر إليها بشهوة، وتحريم إظهار مفاتن المرأة، فالاختلاط المنضبط بهذه الضوابط لا بأس به، موضحاً أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "هي ووجهها وكفاها والخاتم"، وقد رُوي بطرق صحيحة عن عمر وابنه عبد الله وعائشة وعبد الله بن عباس أنهم فسروها بالوجه والكفين؛ لأن في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذاً وعطاء، وقال صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه "، كذلك اتفق الفقهاء على حرمة لمس الأجنبية، إلا إذا كانت عجوزا لا تشتهى فلا بأس بالمصافحة، موضحاً أنه إذا نظر إلى واقع النساء في العهد الأول، وجدتهن بعيدات عن خلطة الرجال، يخرجن للحاجات والضروريات، متقيدات بالشريعة غير متبرجات، ملتزمات في عبادتهن بما يكفل لهن الصيانة من خلطة الغرباء.

ووصف الدكتور عطية لاشين أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة هذه الدعوات بالباطلة والمتشددة، لافتاً إلى أن ضابط الخلوة غير متوفر في حرم الجامعة، وأنها في تعريف الشرع أن يأمنان من الاطلاع عليهما، وليس متوفراً في التعليم الجامعي؛ لأن مساحتها مفتوحة للجميع وليس هناك أمور مخيفة ولا انفرادات لا يطلع عليها أحد بين الفتى والفتاة أو بين الطلاب، وأن الوسطية المعتدلة لا تتحق الخلوة بالمعنى الشرعي المحظور ورد فيها حديث قال صلى الله عليه وسلم: "ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان؛ لأن هذا المعنى منفي عن الاختلاط في الجامعة".

انفلات أخلاقي

وقالت الدكتورة فتحية الحنفي أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة فرع البنات جامعة الأزهر، إن فتوى منع الاختلاط هذا الأمر يرجع إلى طبيعة البلد ومقوماتها المادية، بالإضافة إلى الكثافة السكانية مع العلم أن كثير من المراحل التعليمية لا يوجد بها اختلاط ومع ذلك يكون هناك انفلات أخلاقي؛ لأن الضابط الأول والأخير من الأسرة والمؤسسات التعليمية، عدم الطاعة للوالدين، تأثير أصدقاء السوء، سفر كثير من الأسر المصرية وترك الأبناء في مهب الريح يتلقفه أهل السوء بأن كل شيء مباح له تحت مسمى الحرية والرجولة، مشيرة إلى أن الاختلاط لابد منه سواء على مستوى المؤسسات التعليمية ومجالات العمل إذن لابد من أمور وجب التمسك بها منها ستر الزينة والمفاتن وغض البصر، وعدم الخلوة، وعدم التلامس، وعدم الخضوع بالقول، ومنع كل ما يثير الفتنة ويغري بالسوء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "صنفين من أهل النار لم أرهما بعد، نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، على رؤوسهم أمثال أسنمة البخت المائلة، لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس" رواه مسلم، وقال النبي: "ما تركت بعدي فتنة أضر علي الرجال من النساء".

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg