د. أبو ليلة:
الإخلاص.. سبيل القبول من الله تعالى لأعمالنا
د. جاد الرب: المسلمون الأوائل سادوا الدنيا بالعمل المخلص
د. الأشوح: الإسلام راعى في نظامه الاقتصادي أن جعل العمل عبادة
وجه فضيلة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف دعوة للمجتمع بضرورة الإخلاص في العمل لنقل الصورة الصحيحة للاسلام، خاصة أن الإخلاص السبيل إلى تبليغ رسالة رب العالمين للناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وأنّ الدعوة إلى الإسلام والوسطية عمل دعوي يتطلب المداومة على طلب العلم والبحث في المسائل المختلفة للتمكن في العلم، ولتجديد الخطاب الديني على الوجه الأمثل.
وطالب شومان وعاظ الأزهر وعلماءه بنشر ثقافة العمل والاخلاص فيه من أجل نهضة الوطن، وبناء مستقبله، ورفعة الأمة وإظهار المبادئ الحقيقية للشريعة الغراء الساعية إلى البناء.. علماء الأزهر يجيبون على التساؤل الهام ويضعون الشروط الشرعية ليتحول العمل إلى أداة بناء لا هدم المجتمع والأمة بما يساهم في لحاقها بمصاف الدول المتقدمة..
قال الدكتور محمد أبو ليلة استاذ الدراسات الاسلامية بكلية اللغات والترجمة إن مبادرة فضيلة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف تعد دعوة إسلامية نابعة من جوهر الدين الحنيف الذي يأمر بالسعي في العمل والإخلاص والتفاني فيه، وإدراك قيمته، مصداقاً لقوله تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"، مبيناً أن هذا أمر الهي واجب النقاذ، وفرض علينا جميعا إتقان العمل والإخلاص والتفاني فيه، مستدلا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"، لأن الإخلاص في العمل هو سبيل من السبل التي نبتغي فيها القبول من الله تعالى لاعمالنا، داعيا الجميع إلى الاخلاص في العمل من أجل بناء وطننا ونهضته وبناء مستقبل أفضل لأبنائنا، مؤكداً أن العمل الذي يخلص فيه الإنسان، ويطلب فيه الرزق عبادة لله تعالى، مبينا أنه ليس من عبادة لله تعالى الاقتصار على أداء الفرائض فقط دون أداء العمل والاخلاص فيه، منوها على أن الالتزام بأداء الفرائض أمر واجب لكنه يكون ناقصا بدون العمل، موضحاً أن سر نجاح الغرب يكمن في تطبيقهم مباديء الإسلام في العمل، وأن المسلمين أولى بتطبيق تعاليم الإسلام والعمل بإخلاص لأنها السبيل الوحيد لبناء الوطن، مشيراً إلى أن العالم سوف يثبت أننا قادرون على العطاء وعلى التقدم وبناء الاوطان، وأن عملنا هذا سيجعل العالم يغير فكره عن الاسلام الذي تغيرت صورته عن أن المسلمين كسالى ولايقدمون عملا أو شيئاً نافعاً، وتغيير الصورة السلبية التي صنعها الارهاب عن الاسلام زوراً وبهتاناً.
من أجل العبادات
ويؤكد الدكتور جاد الرب أمين عميد كلية الدراسات الاسلامية والعربية أن العمل من أجل العبادات يأتي في سبيل التفاني والإخلاص، لافتاً إلى أن المولى أوجب على الأمة الإسلامية الإتقان في كل شيء، لما يتوافق مع دعوته إلى تعمير الكون وبناء الأوطان، فقال النبي الكريم: "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"، في إشارة واضحة أن اليد العاملة خير من التي لا تكتسب قوتها من عرق يدها، مستدلاً بالحديث الشريف: "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا فيسأله ، أعطاه أو منعه" وقوله أيضاً: "ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة"، وأوضح في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وفى يد احدكم فسيلة فليغرسها"، منبهاً على أن الاسلام جعل من الاخلاص في العمل نوع من الجهاد ينال به المسلم درجة المجاهدين وشرف المرابطين لقول الله تعالى: "وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".
وأوضح جاد الرب أن العلم سمة أساسية قبل العمل، مشيرا إلى أن العمل بلا علم وقيمة لــــه لأنه سيكون ناقصا، فلولا العلم ما نجح الغرب، داعيا المجتمع النظر إلى المسلمين الاوائل الذين اجتهدوا واخلصوا نيتهم في عملهم، منوها إلى أن كتب علماء الاسلام كالخوارزمى وابن سينا والادريسى والـــــــرازى وابن رشد وابن الهيثم تدرس في مختلف جامعات العالم واستقت منهم اوربا نهضتها، ولقد استغلـــــــت كل هذة العلوم، واخـذت تدرسها عن باخلاص وتعلم، وباتت تطبقها حتى وصلت إلى الرقي العلمي والتطور التكنولوجي في كافة المجالات والعلوم الإنسانية، مطالباً بالأخذ من المسلمين الأوائل الاجتهاد والتفقه والإخلاص في العمل، وإعلاء راية بـ"العلم والعمل تنهض الأمم".
اقتصاد الاسلام في العمل
وتوضح الدكتورة زينب الاشوح استاذ الاقتصاد الاسلامي بكلية التجارة بنات دور العمل في دعم الاقتصاد، مشيرة إلى أن الاقتصاد في الاسلام قائم على العمل بصفته عجلة الانتاج الرئيسية، مشددة على أن العمل عنصر اقتصادي هام لن تتحقق فيه الشروط الرائدة إلا بالإخلاص والاتقان فلا يمكن تصور أن اقتصادا يقوم على عمل ولا ينجح، أو أن الاقتصاد الإسلامي المستمد من الإسلام لا يقوم على الإنتاج النافع، مشددة على أن الإسلام راعى في نظامه الاقتصادي أن جعل العمل عبادة، والاتقان فيه أمر ضروري، لذا كان الاقتصاد الإسلامي ناجحا، بعيدا عن التكاسل والتباطؤ في العمل، مبينة أن الاسلام حث على العمل والسعي في طلب الرزق فالله تعالى يقول: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"، ويقول النبي صلَى الله عليه وسلَّم: "ما أكل أحدٌ طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده"، ولقد نظم الاسلام العمل تنظيما كاملا حتى يحصل العامل على حقه دون نقصان شريطة أن يؤديه باتقان وإخلاص.
حسن مصطفى