| 27 أبريل 2024 م

هل الإسلام دين عنصري؟!‏

  • | الخميس, 18 فبراير, 2016
هل الإسلام دين عنصري؟!‏
إذا نظرنا في القرآن الكريم نجد أن أول آية: "الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ".. وأن آخر سورة: "الناس" كما أن الكثير من آياته تؤكد على ‏فكرة " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا "، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "النّاسُ كُلّهُمْ بَنُو ‏آدَمَ. وآدَمُ خُلِقَ مِنَ تُرَابِ" أخرجه الترمذي وحسنه. للتذكير بالأصل الواحد والمنشأ الواحد والمصير الواحد. وقال بوضوح في ‏العقوبات (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً).. وهنا تحدث ‏عن النفس دون نسبة إلى دين أو جنس أو عرقية. وفي سورة الممتحنة يتحدث الله عن العلاقة المستقبلية بين الكافرين والمسلمين بعد ‏طول عداء: (عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الممتحنة : 7]. تخيل ، يضع الله ‏احتمالية "المودة" بين كافرين محاربين وبين المؤمنين، ويكون ذلك رحمة من الله وإثباتا لقدرته!.‏
ويقرر القرآن الكريم أعظم مباديء المساواة بين البشر في حالة نادرة لم يشهدها أي دين أو قانون غير الإسلام بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا ‏النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات : 13].‏
‏ فالتقوى هي الميزان الدقيق للتفرقة بين الناس في نظر الله تعالى، وهي الميزان الذي يستطيع تحقيقه كل البشر على الإطلاق دون ‏استثناء!!، وإن كانت الأديان السماوية تتفق جميعها على إجلال الله تعالى، والمساواة بين البشر؛ إلا أن الإسلام هو الذي لم يكتف ‏بالناحية النظرية، وإنما وضع القواعد العملية والنظام الأمثل لتطبيق هذه المساواة.. والتي تتمثل خمس مرات في اليوم يجمع الناس، ‏الكتف في الكتف، والكعب في الكعب، الأبيض والأسود، والغني والفقير، والقوي والضعيف، والعربي والعجمي، والإفريقي والهندي، ‏كلهم يطبقون المساواة ويتدربون عليها خمس مرات في اليوم الواحد!!. ‏
يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه "حقوق الإنسان" ص11: إن قدر الإنسان- فى ظل الإسلام- رفيع. والمكانة المنشودة له تجعله سيدا ‏في الأرض والسماء. ذلك أنه يحمل بين جنبيه نفخة من روح الله، وقبسا من نوره الأقدس. وهذا النسب السماوي هو الذى رشحه ‏ليكون خليفة عن الله في أرضه. وهو الذى جعل الملائكة- بل صنوف المخلوقات الأخرى- تعنو له وتعترف بتفوقه (إِذْ قَالَ رَبُّكَ ‏لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [صـ :71-72].‏
فانظر تجد الآيات تكرم الإنسان من حيث هو إنسان، قبل أن يصبح مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو بوذيا وقبل أن يصبح أبيض أو ‏أسود أو أصفر..‏
وكثير من النصوص القرآنية تجدها تتحدث عن الإنسان، وتارة عن بني آدم، وتارة عن لفظ الناس هكذا عاما، وهذا التعميم لا تخفى ‏دلالته عند كل عقل منصف أنه يتعارض مع العنصرية!!.‏
والكرامة التي يقررها الإسلام للشخصية الإنسانية ليست كرامة مفردة؛ بل هي كرامة ثلاثية، كرامة هي عصمة وحماية، وكرامة هي ‏عزة وسيادة، وكرامة هي استحقاق وجدارة.. كرامة يستغلها الإنسان من طبيعته: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [الإسراء : 70]، وكرامة تتغذى ‏من عقيدته: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[المنافقون : 8]، وكرامة يستوجبها بعمله وسيرته: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ ‏بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) [الأنعام : 132].‏
هذه الكرامة التي يقررها الإسلام للأفراد هى ظل ظليل ينشره قانون الإسلام على كل فرد من البشر: ذكراً أو أنثى، أبيض أو أسود، ‏ضعيفاً أو قوياً، فقيراً أو غنياً، من أي ملة أو نِحلة فرضت، ظل ظليل ينشره قانون الإسلام على كل فرد يصون به دمه أن يسفك، ‏وعرضه أن ينتهك، وماله أن يغتصب، ومسكنه أن يقتحم، ونسبه أن يبدل، ووطنه أن يخرج منه أو يزاحم عليه، وضميره أن يتحكم فيه ‏قسراً، أو أن تعطل حريته خداعاً ومكراً...‏
ختاما: من يدعي عنصرية الإسلام، لم يدرك أن الإسلام دين عالمي، لا تقف حدوده عند الجزيرة العربية، ولا تقف إصلاحاته على ‏المنتمين له فقط؛ بل هو رحمة الله للعالمين، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107]. ومما بينه النبي صلى الله ‏عليه وسلم للناس في حَجَّة الوداع وأمر أن يبلغه الشاهد للغائب أنْ (لا فضلَ لعربي على عجمي , ولا لعجمي على عربي ، ولا أحمر ‏على أسود إلا بالتقوى) ، وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: (إني ساببت رجلاً (يعني بلالاً) فعيرته بأمه - وفي رواية فقلت له: يا ‏ابن السوداء - فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - أي بعد أن شكا إليه بلال ذلك: يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، ‏إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن ‏كلفتموهم فأعينوهم).‏
وهكذا يضع الإسلام المعيار الإنساني العام القائم على أخوة الخلق ووحدة الرب دون تفرقة بين دين أو جنس.‏
وبهذا يقدم المسلمون للعالم كله أرقى أنواع التكريم والتقدير من خلال آداب دين الإسلام العظيم، وشرائعه وشعائره، وتعاليمه
طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg