| 28 مارس 2024 م

د. إدريس السفياني: التحلل الأخلاقى.. طلقة يصوبها أعداء الأمة لوحدة الشعوب

  • | الثلاثاء, 9 فبراير, 2016
د. إدريس السفياني:  التحلل الأخلاقى.. طلقة يصوبها أعداء الأمة لوحدة الشعوب
داعش منظمة هلامية لا يمكن ملاحقتها قانونيا

إيقاظ القلوب بالغيرة على الإسلام.. مهمة
الإعلام

المجتمع المتغافل عما يحيط به عرضة لكل الأخطار


أكد الدكتور إدريس السفيانى رئيس قسم الماستر وتوثيق المنازعات المدنية بالقانون وأصول الفقه بكلية الحقوق جامعة محمد الخامس بالمغرب أن العلاقات بين الناس تبنى على المحبة والتراحم والتعاون على البر والتقوى والابتعاد عن الاثم والعدوان.. والمسلمون رغم سماحتهم ومبادرتهم إلى الإسلام يواجهون شتى أنواع الاضطهاد والكيد وعليهم الاتفاق على الوحدة وخاصة الاقتصادية التى تقرب بين الشعوب والالتفاف حول ما يجمعنا من العقيدة والتصورات الكبرى وبث روح الأخوة فيما بيننا..
وأضاف إدريس لـ "صوت الأزهر" أن داعش ظهرت على حين غرة فى أحضان الأمة الإسلامية لا نعرف من أين جاءت، هدفها تشويه الإسلام، كما لا يمكن ملاحقتها دوليا لأنها منظمة هلامية..


يموج العالم الإسلامى بفتن وأحداث لا حصر لها من اقتتال وعنف ودمار.. لماذا وصلنا لهذه الحالة ؟
واقع حال المسلمين عرف شيئا من هذه الفتن خلال الأعوام الاخيرة ولكنها ليست بهذه الكثرة، وربما تكون أسبابها خارجية فلا ننفى المؤامرات وفى الوقت نفسه لا نرجع كل ذلك اليها.. وأخرى داخلية فأعداء الداخل أشد فتكا بمصالح الناس من أعداء الخارج والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله هو المنقذ لهذه الأمة مما يحاك لها ليل نهار ومتى كانت تنطفئ نار الفتنة فى بقعة من بقاع العالم إلا شبت فى أخرى، ينبغى الرجوع إلى أصول الإسلام الأولى الموحدة والإسلام ليس من مقاصده السعى إلى تحقيق مطامع ذاتية إذ يقوم على أصول عقائدية ثابتة تعد من أعظم ضمانات الاستقامة والبعد عن الشطط والعدوان مما يستلزم عودة المسلمين إلى تكاتفهم وتعاونهم للخروج من هذه المحن، لابد من الوقوف للتباحث والتوافق والاتفاق على الوحدة فى جميع المصالح وخاصة الاقتصادية التى تقرب الشعوب وباتت ضرورية أكثر من أى وقت مضى والالتفاف حول ما يجمعنا من العقيدة والتصورات الكبرى وبث روح الأخوة فيما بيننا وما تبقى من خلافات قد يذوب أو لا يذوب.
هل كتب على المسلمين الاقتتال على مر العصور كما يحدث فى واقعنا الآن لدرجة وصفنا أننا نعشق الدموية؟
الإسلام رسم منهج الدعوة إلى هذا الدين (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ) ومع كل تلك السماحة والمبادرة بالسلام واجه المسلمون منذ صدر الإسلام شتى أنواع الإكراه والاضطهاد والكيد للحيلولة دون الاستمساك بحبل الهداية والإرغام على الاستسلام إلى الطغيان والاستعباد دون وجه حق لأجل ذلك شرع الله تعالى القتال وأوضح أهدافه وغاياته كما فى قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) وأوضح القيود التى تحد من سفك الدماء وتحول دون الإفساد فى الأرض عن طريق ردع الظالم ومنع ظلمه وإشاعة السلم والأمان وهنا يتجلى الدور الإيجابى للمجتمع المسالم والمدافع عن السلام أما المجتمع السلبى المتغافل عما يحيط به فإنه عرضة لكل الأخطار التى تهدد السلم والأمن الأجتماعى فالعقيدة الإسلامية فى بساطتها ووضوحها لا تحتاج إلى إكراه بل ولا تحتاج حتى إلى كبير مشقة أو جهد لأجل إقامة الحجة كما قال الله تعالى (لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ) فلا نكره أحدا على الدين.
بين فترة وأخرى يخرج علينا من يقول ان هناك صراع حضارات.. إلى أى مدى تتفق أو تختلف مع هذا التصور؟
كل حضارة تريد إظهار نفسها وإبراز قوتها ولكن ليس من خلال ذاتها فقط ولكن من خلال إضعاف الحضارة الأخرى ببعث الفتن.. والأمة الإسلامية عبر تاريخها وبسبب الدين تعرضت لهذا الأمر لذلك لابد أن يعى قادتها وساستها ومفكروها وعلماؤها ذلك وأن يعملوا ما أمكن على نبذ الصراعات التى ترجع إلى أشياء يمكن تجاوزها بوسائل أرقى ولكن هناك معايير مختلفة فى تصنيف الحضارات فمثلاً هناك من جعل الحضارة اللاتينية والغربية حضارتين مختلفتين مع أنهما تشتركان فى الدين واللغة والثقافة والتراث والتاريخ ومنهم من لا يعتمد الدين كأساس فى تصنيف الحضارات إلا فى حالة الحضارة الإسلامية فقط وإلا لكان اعتبر الحضارتين اللاتينية والغربية حضارة واحدة واعتبر الحضارة الهندية والصينية واليابانية حضارة واحدة تدين بالبوذية هنا نجد فى تصنيف للحضارات من يعتمد الدين تارة وتارة يعتمد الهوية الثقافية وقد عمدت الإدارة الأمريكية الى وضع الحضارة الصينية والإسلامية كحضارتين معاديتين للحضارة الغربية والواقع أن هذا التصنيف على أساس الحضارات هو تصنيف زائف ومضلل تماماً فنحن نعلم أن هناك صراعا داخل الحضارة الواحدة أهم وأعمق من كل الصراعات المدعاة وهو الصراع الطبقى.
الجميع شاهد ما ارتكبته داعش من حرق وذبح وتنكيل وجرائم موثقة يحاسب عليها القانون الدولى ولا تمت للإنسانية بصلة.. كيف نظرت لهذه الجرائم ؟
داعش أخذتنا على غرة فى الأمة الإسلامية لا نعلم لها سبب قيام ومن لها بهذا الاسم غير الارتباط بالإسلام فى الشكل الخارجى فقط ولا تعلم عن جوهر الإسلام سوى المظهر لالصاق التهم بالمسلمين تعمل بكافة الوسائل الإعلامية وغيرها لتشوية صورة الإسلام واجماع الأمة من أهل العلم على أعمالها بأنها لا تمت للإسلام بصلة، وينبغى التصدى لها من جميع الدول الإسلامية وغيرها لأن هناك من يغذيها ويمولها سواء بالمال أو بالفكر فهناك بعض الأفكار باطنها الرحمة وظاهرها العذاب؛ فداعش ظاهرها احياء السنة واعلاء الشريعة ولكنها تعمل بكل تطرف وتتجنب وسطية الإسلام ودعوة نبينا صلى الله عليه وسلم الى حرمة الدماء والأنفس ونشر السماحة والعدل والخير بين الناس لتجعل كل همها اراقة الدم وقتل الأنفس وانتهاك الحرمات.. مثل هذا عرفه التاريخ ولكن الصبر والمثابرة والرشد فى السياسة وانتهاج السنة والأخذ بالأسباب ستعمل على رفعها وإبادة هذا التنظيم المنحرف.
هل يمكن ملاحقة داعش قانونيا؟
داعش حركة غير راشدة ولن نبرر هذه المصطلحات وما تمارسه من سلوكيات، فهى منظمة لها من يمولها ويمد يده لها فى الخفاء ولكن لا ينبغى أن نتخذ من ذلك شماعة لتعليق تخاذلنا عليها، لأن ذلك قد يكون فيه دعوة إلى التواكل وعلينا ان نشمر على سواعدنا من الناحية الفكرية والسياسية فهى فاقدة لمشروعيتها فلا يمكن اعتبارها دولة ولها سلوكياتها حتى تحاسب ولكن يجب محاربتها كما هو الحادث الآن، وعلى مستوى الأشخاص يجب متابعتهم على الجانب الدولى وتقديمهم إلى المحاكمات الدولية الجنائية إن عثرنا على أحد منهم وهذا صعب لكونهم يتبخرون كما لو كانوا لا وجود لهم .
كيف نسترجع قوتنا وتتوحد أمتنا للوقوف فى وجه مثل هذه المنظمات الإرهابية وما تبثه من تطرف؟
لا شك أن التمسك باسترجاع القيم الأخلاقية والدينية وتعاليم الاسلام السمحة فى العفو والتسامح وتقبل الاخر وكل ما أتى به الإسلام من نقاء الإيمان وروحانيته يظهر فى الفضائل التى دعا لها وفيما نهى عنه من الرذائل والأعمال البغيضة التى يشمئز منها أى إنسان على وجه الأرض كل هذا يوحدنا ضد أى تطرف أو إرهاب مما ابتلى به المسلمون بهذا النبت الطالح الذى عكر صفو الحياة من العنف وشلالات الدماء وفرض الرأى بالقوة وما ترتب عليه من اختلال القيم الإنسانية وتجرد الكثير من القيم.. أضف إلى ذلك الصراع بين المذاهب وما أحدثه من تصارع على سيادة العالم مستخدمين كل الوسائل المشروعة وغير الأخلاقية وما أشبه اليوم بالبارحة فالكل ينادى بحقوق الإنسان والحرية وهناك من يقتل ويسحل ويحاصر فى بلادنا ولا أحد يتحرك وعلى الاعلام أن يوقظ قلوب الشعب بالغيرة على الإسلام لا أن يساعد على التحلل الأخلاقى الذى يصنف بأنه الطلقة الأولى لانهيار الشعوب وتفككها فتقدم الأمم وتماسكها بالأخلاق ولا غيرها وعلينا أن نحلل ظاهرة التطرف من جذورها وما يلبسه من أثواب.
كيف نحارب من لبسوا عباءة الدين من أصحاب الفكر المتشدد ويريدون فرضه على المجتمع بالعنف ؟
الأفكار الضالة والمضللة يشيعها المنحرفون فكريا ممن ليس لهم علم شرعى أو دراسة شرعية بفرض التشدد على المجتمع ولا يعلمون الاثم الكبير الذى ينتظرهم لأن الدين يسر وليس عسرا والجميع مطالب بان يقف فى وجه كل تطرف أو عدوان لأن الإسلام دعا إلى عدم التعصب فى الرأى وفرضه بالقوة فالإسلام يقبل الاخر فكيف لا يقبل الرأى والرأى الاخر والحرب مع هؤلاء لابد ان تكون بالمنطق ومقارعة الحجة بالحجة وتعليمهم الثقافة الإسلامية الصحيحة من منابعها فالعلاقات بين الناس تبنى على المحبة والتراحم والتعاون على البر والتقوى والابتعاد عن الأثم والعدوان.


مصطفى هنداوى

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg