| 07 مايو 2024 م

علماء الشريعة يردون على مثيرى الزوابع فى قضايا الميراث

  • | الإثنين, 31 أكتوبر, 2016
علماء الشريعة يردون على مثيرى الزوابع فى قضايا الميراث

  النشار: المرأة تزيد على الرجل في 25 حالة

الصاوى: شيوع ثقافة جاهلية .. المشكلة الحقيقية  

السكرى: من يقول إن ميراث المرأة نصف الرجل.. جاهل  

 الأزهرى: دعوات هدامة لتحقيق الشهرة  

خدعة وراء ورطة أو شو إعلامى.. هكذا يتفنن البعض  فى محاولة تشويه المنظومة التشريعية من وقت لآخر فلا نلبث نقفل أحد الملفات الشائكة والمطالبات الطائشة بالدعوات المضللة إلا ويتبعها دعوات أخرى وكأنها مسلسلة وتظهر بترتيب معين ربما لإشغال الرأى العام أو حبا للظهور حتى وإن كان على حساب ثوابت الدين الحنيف.. فقد خرجت علينا إحدى نائبات مجلس النواب مطالبة بمساواة المرأة بالرجل فى الميراث! فكان رد أهل الدين قاطعا شافيا وذلك فى التحقيق التالى..

 فى البداية أكد الدكتور محمود الصاوى وكيل كلية الدعوة بالقاهرة أن الميراث قضية شرعية ضمن منظومة متكاملة من التشريعات الإسلامية راعت فيها الشريعة العديد من الابعاد وهو أمر محكم قطعى ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة وعلماء الأمة عبر العصور تولى رب العالمين تقسيمه من فوق سبع سماوات فى آيات تتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فلم يتركه لملك ولا لنبى فضلا عن بشر يخطئون ويصيبون..

وأشار الصاوى إلى أن من ينظر للميراث يجد الموازنة بين الحقوق والواجبات الشرعية فكل حق يقابله واجب وأى منصف يستيقن تمييز المرأة وليس الرجل وليس صحيحا ما يشاع دوما من أن نصيب المرأة نصف نصيب الرجل فهذه خدعة كبرى يروج لها لتشويه المنظومة التشريعية.

وأوضح الصاوى أن المشكلة الحقيقية فى شيوع ثقافة جاهلية تمنع المرأة حقها الشرعى والظلم الواقع من الرجال على النساء بحجج واهية مثل إن مال العائلة سينتقل إلى عائلة أخرى ويتغافلون أن بناتهم متزوجات فى عائلات أخرى فالله عز وجل جعل المال دائرا بين الناس متحركا بينهم لانعاش أحوالهم الأقتصادية والأجتماعية والنفسية.

وكشف الصاوى أن عدم أعطاء الميراث الشرعى لكل الورثة فى مدة أقصاها سنة فى حالة التركات الكبيرة والشركات الضخمة التى بها عمليات حسابية معقدة يترتب عليها مشكلة اجتماعية بالغة الخطورة ولها أثرها العميق فى قطع الأرحام وتفكك العلاقات الأسرية داخل المجتمع وأننى مع سن قانون يجرم تعطيل توزيع التركات وتأخير توزيع المواريث؛ لأن هناك حالات بقيت التركات والمواريث عقودا تتراوح ما بين 20 إلى 40 سنة يحتكرها بعض الأبناء ويحرمون الجميع من المواريث ويتركون أصحابها وهم يتضورون جوعا ويمدون أيديهم للصدقات والزكوات وذل السؤال ولو صرفت لهم حقوقهم الشرعية لكانوا من الأغنياء.

من جهته ذكر الدكتور محمد النشار أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بدمنهور أن نظام الميراث فى الإسلام هو جزء من منظومة إسلامية متكاملة يجب أن ننظر إلى كل جزئية من جزئياتها، وقد تكفل المولى سبحانه من فوق سبع سماوات ببيان أحكامه ولم يترك ذلك لنبى مرسل ولا لملك مقرب، وذلك لما استقر فى علم الله سبحانه أن النفس البشرية تشح بالمال وتضن به، فكان تشريع انتقاله من المورث إلى وارثه بنصوص قطعية الثبوت والدلالة لا لبس فيها، ولا مجال لإعمال الرأى والعقل بما يخالفها.

ومن ذلك قضية أن ميراث الذكر ضعف الأنثى فى بعض الحالات، والتى ظهر فى عصرنا من ينادى بمساواة المرأة بالرجل فى جميع حالات الميراث، والحقيقة أن من ينادى بذلك لم يدرك حكمة الشرع فى تشريع أحكامه، ولم يقف وقوفاً كاملاً وحقيقياً على حقيقة ميراث المرأة بالنسبة للرجل.

وأشار إلى أن الذى ينظر فى حقيقة المسألة يجد أن المرأة ترث مثل الرجل فى أكثر من مائة وخمسين حالة ذكرها الفقهاء، كما تأخذ نصيباً أكثر من نصيب الرجل فى أكثر من خمس وعشرين حالة، بينما يرث الذكر ضعف الأنثى فى حالتين اثنتين لا ثالث لهما، الحالة الأولى وهى حالة ميراث الأبناء والبنات إذا ورثوا بالتعصيب فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين، قال تعالى: "يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" ( النساء: 11 ).

والحالة الثانية هى حالة ميراث الإخوة والأخوات إذا ورثوا بالتعصيب أيضاً، قال تعالى: "وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين" ( النساء: 176 )، وما عدا هاتين الحالتين فإن المرأة قد ترث مثل الرجل أو أكثر منه أو أقل حسب كل حالة من الحالات.

وأضاف الدكتور سالم عبد الخالق السكرى أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالقاهرة أن الإسلام كرم المرأة وأعلى من مكانتها وساوى بينها وبين الرجل فى الحقوق والواجبات العامة، قال تعالى: "ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف"، كما ساوى بينهما فى المسئولية والجزاء حيث يقول تعالى: " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون".

أما قضية الميراث وقول البعض إن المرأة على النصف فيه من الرجل فهذا القول محض افتراء ولا يقول به إلا من جهل حقيقة التشريع الإسلامى العادل، أو يتخذها لخداع الناس والتلبيس عليهم، فهناك اعتبارات فى قضية الميراث لا دخل للذكورة أو الأنوثة فيها، وأنها عند تطبيقها كما تجعل المرأة ترث النصف من ميراث الرجل فإنها فى أحيان ترث بقدر مساو له وأحياناً أخرى ترث ضعف الرجل أو أكثر وفى أحيان ترث المرأة ولا يرث الرجل، وأهم هذه الاعتبارات التى اعتبرها الشرع فى فلسفة الميراث، أولا درجة القرابة من المتوفى؛ فكلما كان الوارث أكثر قرابة من المتوفى كان نصيبه من الميراث أكبر، فالإبنة مثلاً ترث أكثر من العم؛ حيث يكون نصيبها فى الميراث إذا كانت بنت واحدة النصف والزوجة ترث الثمن والأم ترث السدس والأب كذلك والباقى على قلته يرثه العم، وبهذا تكون ابنة المتوفى وهى أنثى أكثر بكثير من نصيب شقيق المتوفى وهو رجل.

ثانيا: العبء المادى أو المالى الذى يوجب الشرع الإسلامى على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين، وهذا المعيار الوحيد الذى يتميز فيه الذكر عن الأنثى كما قال تعالى: "يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" ففى هذه الحالة تأخذ المرأة النصف من الرجل، والحكمة فى هذا التفاوت، وهى أن الذكر مكلف بإعالة أنثى – هى زوجة – مع أولادها، بينما الأنثى الوارثة أخت الذكر إعالتها مع أولادها فريضة على الذكر المقترن بها فهى مع هذا النقص فى ميراثها بالنسبة لأخيها الذى ورث ضعف ميراثها أكثر حظاً منه فى الميراث، فميراثها مع إعفائها من النفقة الواجبة هو ذمة مالية خالصة لجبر ضعفها ولتأمين حياتها ضد المخاطر، ولله الحكمة البالغة فيما يشرعه لعباده.

وأكد الدكتور حسين الأزهرى بكلية بنات طيبة جامعة الأزهر ان هذه إحدى الدعوات الهدامة والهدف منها معروف وهو تحقيق الشهرة الزائفة والمصالح والأهداف الدنيوية ولا يقصد بها وجه الله.

وهذا لأن الإسلام جاء والمرأة ليس لها نصيب فى الميراث، فجاء الإسلام وجعل لها نصيبا مفروضا وجعل لها كيانا وذمة مالية خاصة بها قال تعالى (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا).

وكون هذا النصيب يتأخر دفعه إلى المرأة فى بعض الأحيان لايعتبر سببا ومسوغا؛ لأن ننادى بمساواة الرجل والمرأة فى الميراث، لأن الله هو الذى قسم هذا التقسيم لحكمة يعلمها هو قال تعالى:{ يُوصِيكُمُ الله فى أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين}، يقول الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوى عند تفسيره لهذه الآية: وقد جعل - سبحانه - نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى، لأن التكليفات المالية على الأنثى تقل كثيراً عن التكليفات المالية على الذكر، إذ الرجل مكلف بالنفقة على نفسه وعلى أولاده وعلى زوجته وعلى كل من يعولهم بينما المرأة نصيبها من الميراث لها خاصة لا يشاركها فيه مشارك.

 وبهذا يتبين أن الإِسلام قد أكرم المرأة غاية الإِكرام حيث أعطاها هذا النصيب الخاص بها من الميراث بعد أن كانت فى الجاهلية لا ترث شيئاً.

وهذا الفارق فى نصيب الرجل من الميراث هو الذى يتناسب مع قوامة الرجل على المرأة.

قال تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)

أى أن حكمة الله اقتضت أن يكون الرجال قوامين على النساء بسبب ما فضل الله به الرجال على النساء من قوة فى الجسم، وزيادة فى العلم، وقدرة على تحمل أعباء الحياة وتكاليفها وما يستتبع من دفاع عنهن إذا ما تعرضن لسوء.

ولا شك أن عقول الرجال وعلومهم أكثر، ولا شك أن قدرتهم على الأعمال الشاقة أكمل، فلهذين السببين حصلت الفضيلة للرجال على النساء فى العقل والحزم والقوة. وإن منهم الأنبياء والعلماء، وفيهم الإِمامة الكبرى والصغرى والجهاد، والأذان، والخطبة، والولاية فى النكاح. فكل ذلك يدل على فضل الرجال على النساء.

والمراد بالتفضيل فى قوله {بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ} تفضيل الجنس على الجنس لا تفضيل الآحاد على الآحاد؛ فقد يوجد من النساء من هى أقوى عقلا وأكثر معرفة من بعض الرجال، وأما السبب الثانى: فهو كسبى وقد بينه - سبحانه - بقوله: {وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}؛ أى أن الله - تعالى - جعل الرجال قوامين على النساء بسبب ما فضل الله به الرجال على النساء من علم وقدرة. وبسبب ما ألزم به الرجال من إنفاق على النساء ومن تقديم المهور لهن عند الزواج بهن، ومن القيام برعايتهن وصيانتهن..

من أجل كل ماسبق لا يصلح ولا يجوز أن ننادى بمساواة المرأة بالرجل فى الميراث؛ لأن هذا يتعارض مع تقسيم الله للميراث، كما يتعارض مع الحكمة التى وضع من أجلها هذا التقسيم وهى قوامة الرجل على المرأة، فينبغى علينا ألا نستمع لمثل هذه الدعوات الهدامة، وألا نلقى لها بالا ولا نروج لها، حتى نكون لله من الطائعين وعند حدوده واقفين، قال تعالى (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ).

مصطفى هنداوى - هبة نبيل 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
2.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg