| 20 أبريل 2024 م

مرصد الأزهر: تزايد أعداد المسلمين في أوروبا رغم تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا

  • | الأربعاء, 3 فبراير, 2016
مرصد الأزهر: تزايد أعداد المسلمين في أوروبا رغم تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا
مصاحف رقمية بطريقة "برايل" في إندونيسيا
إقبال كبير من الشركات الإسبانية على تصاريح المنتجات الحلال
مسلمو أستراليا أکثر عرضة للتمییز والتعصب الدیني

انطلاقا من مسؤولية الأزهر الشريف التي يتحملها تجاه المسلمين في كل بقاع الأرض، يعكف مرصد الأزهر على متابعة أحوال المسلمين في العالم وخاصة في الدول الناطقة باللغات التي يجيدها الباحثون به، وكان من أبرز ما تابعه المرصد هذا الشهر:
- تزايد أعداد المسلمين
على الرغم مما يشهده العالم من أحداث إرهابية تنسب إلى الإسلام تزداد معها مظاهر الإسلاموفوبيا إلا أن أعداد المسلمين تشهد تزايدا مستمرا في الدول الأوروبية. فعلى سبيل المثال شهدت فرنسا تزايدًا في بيع نسخ المصاحف في العام الماضي مقارنةً بالأعوام السابقة وارتفعت نسبة معتنقي الدين الإسلامي لتتراوح بين 20-50% في بعض المدن الفرنسية. وفي إندونيسيا صدرت مصاحف رقمية بطريقة برايل لتسهل على المكفوفين قراءته، ويطمح هذا المشروع إلى توزيع أكثر من مليون نسخة. وفي إسبانيا يبلغ عدد المسلمين أكثر من 2 مليون نسمة منهم 40% من الإسبان بزيادة 30% خلال 12 عاماً بسبب الجيل الثاني ومعتنقي الإسلام. وقد شهد شهر ديسمبر افتتاح مسجد ومركز إسلامي جديد بجزر الكناري وآخر بالمستشفى الجامعي لمدينة سبتة الإسبانية وسط تطلعات ببناء مساجد جديدة ضمن مطالبات مستمرة ببناء مساجد ومقابر للمسلمين هناك.
- قضايا الأقليات المسلمة
ومن القضايا التي تشغل المسلمين في أوروبا: المنتجات الحلال، حيث رصد إقبال كبير من الشركات الإسبانية على طلب تصاريح المنتجات الحلال، ومن الجدير بالذكر أن إسبانيا تعد من الدول المصدرة بل والرائدة في هذا المجال. وقد نشر المرصد على صفحته على الانترنت تقريرا بهذه الشأن بعنوان "صناعة المنتجات الحلال تجارة رائجة في أوروبا".
أما ما يتعلق بمشاركة المسلمين على الساحة السياسية خاض تحالف إسلامي الانتخابات المحلية في فرنسا تحت مسمى "تحالف المسلمين الديمقراطيين الفرنسيين" ولم يحصل على نتيجة تؤهله لخوض الجولة الثانية، فقد شكل فوز أحزاب اليمين المتطرف في فرنسا بنسبة تقارب 27% من الأصوات في الانتخابات الأخيرة صدمة للمسلمين، ويرجع ذلك إلى سياسات هذه الأحزاب المعروفة بمواقفها غير المرحبة بالأجانب عمومًا والمسلمين خصوصًا. وكان من أسباب هذا النجاح مشاكل الهجرة والأمن والإرهاب.
وفي بريطانيا رصدت التحقيقات تطرف بعض الأفراد من القائمين على المحاكم الشرعية والتي تكون في الغالب جزءًا من المسجد أو المركز الإسلامي. وإذا كنا نؤكد على ضرورة وجود مراكز إسلامية ترعى أحوال مسلمي هذه البلدان، كما أننا نقر بأن الإسلام له خصوصيته في أحكامه وتشريعاته، إلا أن إشراف هذه المراكز لا بد أن يكون تابعًا لمؤسسات علمية معتبرة كما يجب التحذير من أن يكون ذلك ذريعة للتضييق على المسلمين أو اضطهادهم.
وقد تطرق الحديث إلى ذلك أثناء زيارة وفد كنيسة كانتبري لمشيخة الأزهر عند ذكر المدارس الدينية -على اختلاف دياناتها- في المجتمعات الغربية وأثرها في تصرفات الأفراد. ذلك اللقاء الذي أبدى وفد الكنيسة فيه إعجابًا بالغًا بما سمعوه من علماء الأزهر الشريف وتمنوا أن تصل هذه الرؤى لمسلمي بريطانيا. وليس العالم الغربي جميعه على هذا القدر من الوعي والتفهم لحقائق الأمور، فكثيرون لا يستطيعون التفريق بين الإسلام وما يقوم به المتطرفون من أعمال إرهابية، ما كان سببا في كراهية المسلمين في عدد من المدن حول العالم.
- الإسلاموفوبيا
تأثرت أحوال المسلمين عامةً -وفي الغرب خصوصًا- بالأعمال الإرهابية التي يقوم بها تنظيم داعش وأمثاله، وكان لهذه الأعمال تأثيرات سلبية في تزايد مظاهر الإسلاموفوبيا وأعمال التمييز والعنف ضدهم. وفي ظل الهجمات الإرهابية التي وقعت على الأراضي الأوروبية خلال عام 2015 وخاصة هجمات باريس في نوفمبر، فضلا عن موجات المهاجرين التي قدمت إلى أوروبا، شهد العداء والكراهية للإسلام والمسلمين -أو ما يعرف بالإسلاموفوبيا- تصاعدا ملحوظًا على المستويات الرسمية والشعبية.
كانت أكثر حالات الإسلاموفوبيا هذا الشهر تتعلق إما بأحداث باريس أو بأحداث كاليفورنيا والتي كان أبرزها تصريحات المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب الذي طلب منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية وذلك في أعقاب أحداث كاليفورنيا الإرهابية. جدير بالذكر أن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض أفاد بأن تصريحات ترامب العدوانية لا تؤهله لكي يكون رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ودعا إلى التراجع عن دعم هذا المرشح العنصري. وبالإضافة إلى تصريحات ترامب بث رئيس جامعة ليبرتي "جيري فوليل" تسجيلًا يُحرض فيه الطلاب على حمل السلاح في الحرم الجامعي من أجل مواجهة أي تهديد مسلح قائلا: "على الجميع حمل أسلحة للتخلص من هؤلاء المسلمين".
أما بخصوص ردود الأفعال المعادية للمسلمين كتداعيات لأحداث باريس الإرهابية، فقد شهدت فرنسا حملة مداهمات جاوزت 1800 حالة اعتقل على إثرها العديد من الشباب المسلم. وقررت رابطة اتحاد المسلمين من أجل الكرامة إطلاق حملة للتوقيع على عريضة شكوى للحكومة الفرنسية للتوقف عن الممارسات القمعية الموجهة ضد المسلمين. كما سجلت فرنسا خلال عام 2015م أكثر من 400 حالة إسلاموفوبيا مقابل 130 حالة خلال عام 2014، فهناك ما بين 1000 إلى 2500 دار للعبادة بفرنسا تحت حماية أجهزة الدولة حاليا -تم استهدافها بالحرق أو بكتابة العبارات المسيئة أو تعليق رؤوس خنازير مقطوعة على جدرانها، كذلك يتعرض المسلمون وخاصة النساء المحجبات للضرب في الأماكن العامة. واستمر تنامي حدة الإسلاموفوبيا حتى نتج عنها أحداث أجاكسيو حيث تعرض أحد المساجد بالجزيرة الفرنسية كورسيكا للحرق والتدنيس وحرق نسخ من المصحف الشريف. وقد أدان الأزهر الشريف هذه الحادثة في بيان رسمي طالب فيه الحكومة الفرنسية باتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير لحماية دور العبادة الإسلامية وغير الإسلامية من مثل هذه الاعتداءات. أما في إسبانيا فزادت البلاغات بنسبة 70% خلال عام 2015 حيث بلغت حوالي 80 بلاغاً مقارنة ب 49 في 2014، وتعد إسبانيا واحدة من أكثر عشر دول في العالم رفضاً للإسلام هي فرنسا والدنمارك وهولندا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وأوكرانيا، وتأتي العاصمة مدريد على رأس المناطق التي تقع فيها جرائم تتعلق بالإسلاموفوبيا أو العنصرية ضد المسلمين.
كذلك رصدت ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من البلدان من بينها أستراليا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا. فقد أظهرت دراسة حدیثة أن المسلمین في أسترالیا -والذين يبلغ عددهم 2% من السكان هناك- هم أکثر عرضة للتمییز والتعصب الدینی بحوالي ثلاثة أضعاف مقارنة بغیرهم من الدیانات الأخرى فی البلد. وفي بلجيكا وجهت جماعة متطرفة تُطلق على نفسها اسم "الدولة المسيحية" تهديدًا إلى الجامع الكبير في منطقة مولينيك الواقعة في العاصمة البلجيكية بروكسل بقتل المسلمين وتدمير أماكنهم التجارية. كما هدد رئيس الوزراء البلجيكي بغلق المساجد في المناطق التي يكثر بها المتطرفون. أما إيطاليا فقد أصدرت الحكومة إعلانًا بإغلاق المساجد غير المُرخصة رسميا على أنها دور للعبادة والتي يبلغ عددها 800 مسجد. بينما شهدت هولندا إلقاء أربعة عشر رأس خنزير مقطوع على أحد مخيمات المهاجرين مما يعكس رفضهم للمهاجرين المسلمين.
- مواجهة الإسلاموفوبيا ودفاع بعض المنصفين عن الإسلام
أثارت موجة العداء للإسلام ردود أفعال إيجابية من بعض الأوروبيين والأمريكيين والذين نددوا بما يتعرض له المسلمون من إساءاتٍ بدنية، وتراوحت ردود الأفعال هذه بين تصريحات المسؤولين على المستوى الرسمي والتظاهرات المنددة بهذه الأفعال العدائية والفعاليات والمؤتمرات على المستوى الشعبي. فبجانب المتعصبين ضد المسلمين لا نعدم الكثير من المنصفين الذين يحولون دون الاعتداء على المسلمين، ومن ذلك ما استطاعت أن تمنعه التظاهرات هذا الشهر من محاولة مجموعة من الأمريكيين حرق المصحف الشريف أمام البيت الأبيض.
وعقب هذه الأحداث أجرت وكالة رويترز الأميركية استطلاعًا للرأي بشأن نظرة الشعب الأمريكي للمسلمين بعد الحادث، وكانت النتائج في صالح المسلمين حيث أقر 51% من المشاركين في الاستفتاء أن المسلمين مثلهم مثل أي طائفة دينية أخرى وليس لديهم أية مخاوف منهم، بينما أعرب 14% عن مخاوفهم من المسلمين.
وعن الموقف الذي يتخذه الكثيرون من رفض اللاجئين بزعم تسلل الإرهابيين بينهم حتى أن بعض الدول لجأت إلى سياسة الانتقاء التي تسمح بدخول اللاجئين المسيحيين دون المسلمين، كان هناك أيضا عدد كبير من المتعاطفين مع هذه القضية الإنسانية الذين يرون أنه من الظلم إلصاق الإسلام بالإرهاب. من ذلك استقبال رئيس الوزراء الكندي بنفسه أول دفعة من المهاجرين السوريين في مطار تورنتو، وما قاله القاضي الاتحادي الأمريكي ديفيد جودبي "إن سلطات الولاية فشلت في أن تظهر أدلة قوية على أن أي إرهابيين تسللوا فعلا إلى برنامج المهاجرين. فهل يستطيع القضاء والمجتمع الأمريكي التصدي لمثل هذه الدعوات التي تصدر عقب كل حدث إرهابي أم سيظل مسلمو أمريكا في مهب الريح بعد كل حادث تتبناه الجماعات الإرهابية؟"
كذلك رفض كثيرون تصريحات دونالد ترامب العنصرية من بينهم الملاكم العالمي محمد علي كلاي. وقد وجه البيت الأبيض نقدًا صريحا له ووقع أكثر من 300 ألف بريطاني على عريضة تطالب بمنعه من دخول بريطانيا -حسب ما نقلته BBC- وتجاوز عدد الموقعين عليها قبل منتصف ديسمبر نصف مليون. كذلك أدان قادة الأحزاب السياسية هناك المظاهرات المعادية للإسلام.
وعلى الصعيد الرسمي خرجت تصريحات بعض المسؤولين داعمة للمسلمين، ففي ألمانيا -التي ترحب حكومتها باللاجئين وتتبنى سياسة فتح الأبواب- جاءت مهاجمة وزير الخارجية الألماني للنخب السياسية المحرضة على العنف واعتبرها شريكةً في المسؤولية عن الجرائم الواقعة بحق المهاجرين. كما طالب وزير العدل الألماني الأغلبية الصامتة من الألمان برفض التطرف والعنصرية والتصريح بذلك في المقاهي ومقرات العمل وحتى مباريات كرة القدم. بينما دعا رئيس اللجنة المركزية للألمان الكاثوليك بضرورة التكاتف مع الجاليات المسلمة ضد تشويه الجماعات الإرهابية للإسلام. كما تشهد ألمانيا تظاهرات حاشدة ضد حركة بيجيدا شديدة العداء للإسلام تحت اسم "حركة التعاطف بدل التحريض".
وعلى المستوى السياسي كان هناك العديد من الفعاليات الداعية لعدم اتهام المسلمين بالإرهاب، من ذلك ما شهدته إسبانيا من اجتماع متحدثين باسم خمسة أحزاب إسبانية لصياغة بيان رسمي للتنديد بالإسلاموفوبيا، وتأسيس حركة تسمى "مسلمون ضد الإسلاموفوبيا" بقطلونية. كانت إسبانيا قد شهدت الشهر الماضي مظاهرات للتنديد بالإرهاب والتأكيد على أن الإسلام بريء من هذه الأعمال الإجرامية، بمشاركة عمدة مدريد وبرشلونة ولا كورونيا وسرقسطة. كذلك صرح البرازيل رئيس الجبهة البرلمانية للحريات الدينية بأن الإسلام واضح في دعوته للتعايش السلمي وينبغي التفريق بينه وبين تصرفات بعض أتباعه.
أما عن الجهود غير السياسية التي يقوم بها المناهضون لإسلاموفوبيا حول العالم فقد جاء على رأسها إعلان مؤسس شبكة فيس بوك مارك زوكربيرج عن دعمه لسكان العالم من المسلمين، وإشادة المخرج الأمريكي فرانسيس فورد كوبولا في افتتاح مهرجان مراكش الدولي بالإسلام وحضارته. وفي كندا عبرت بعض النساء المسلمات عن امتنانهن لسكان المدینة للدعم الذی أظهروه للمرأة المسلمة بعد الموجة الأخیرة من الهجمات الإرهابیة، وذلك بوضع ألف وردة في أحد المیادين كتب عليها "من المسلمين الذين يحبون البشرية كلها ويقدرونها، فيما اجتمع أکثر من ۲۰۰ رجل من زعماء الأديان في مسجد بمدینة "تورونتو" الکندیة للتعبیر عن تضامنهم مع المسلمین واحتجاجهم علی ممارسة العنصریة ضدهم. وفي الإطار ذاته قام عدد من الهنود بتنظيم حملة وطنية للتنديد بالطائفية ولمكافحة العنصرية المذهبية التي تستهدف المسلمين والمسيحيين والأقليات الدينية في الهند.
وعلى النقيض من ادعاء البعض أن المسلمين لا يستطيعون الاندماج في المجتمعات غير الإسلامية، استحق المسلمون في كينيا الثناء على شجاعتهم وتضحيتهم من أجل حماية إخوانهم من المسيحيين وفقا لتعاليم الإسلام التي تقضي بأن إنقاذ روح واحدة مثل إنقاذ العالم بأكمله وقتل روح واحدة بريئة مثل قتل العالم بأكمله؛ وذلك حينما هاجمت "حركة الشباب" الإرهابية إحدى الحافلات في كينيا وطلبوا من المسلمين أن يدلوهم عن الركاب المسيحي لقتلهم لكنهم رفضوا ذلك، بل إن بعض المسلمات خلعوا حجابهن وأعطوه للمسيحيات للحيلولة دون معرفة المسلمين من المسيحيين. وتحقيقا للتعايش بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى تأتي مبادرة أحد المساجد بمدينة هافر الفرنسية، والتي تتمثل في فتح أبواب المسجد للزوار الفرنسيين ليطلعوا عن قرب على سماحة الإسلام ويحضرون الصلاة. وتضمنت هذه المبادرة جلسات حوار مع الزائرين بهدف التعريف بشعائر الإسلام ورسالته الوسطية؛ وقد لاقت هذه المبادرة ترحيب الفرنسيين الذين أبدوا إعجابهم بتعرفهم على الإسلام. وبعد نجاح هذه المبادرة وعد المسجد بتكرار مثل هذه المبادرات في المستقبل. كذلك نشر "مركز الدراسات الإسلامية العقدية بجامعة مونستر" بيانًا لأبرز الباحثين في علم الأديان بالجامعة عقب هجمات باريس بعنوان "المسلمون وغيرهم يدٌ واحدة". جاء فيه أنه لا يكفي إظهار الحزن والغضب والتضامن عقب هذه الأحداث، ولكن لابد من طرح الأسئلة حول الأسباب التي تجعل البشر قادرين على القيام بمثل هذه الأفعال. وطبقا لهذا البيان فإن أهم دوافع هؤلاء الشباب هو شعورهم بأنهم على هامش المجتمع وعدم الاعتراف بهم.
- العنصرية
قد تشهد بعض المدن والبلدان قدرا من العدل والإنصاف في التعامل مع المسلمين مثلما جرى في سويسرا من رفض المحكمة القضائية وهي أعلى سلطة قضائية بالبلد حظر إحدى البلديات على الحجاب في قضية رفعت للمحكمة منذ 2013، بيد أن عددا كبيرا من البلدان تنتشر فيه الأفكار العنصرية والتعصب ضد المسلمين. تلك الأفكار التي تعمد إلى التفريق في المعاملة بين المسلمين وغيرهم على المستويات العامة والفردية أيضا. فالهند على سبيل المثال تشهد موجةً كبيرةً من العنصرية ضد المسلمين بعد صعود الحزب الحاكم لسدة الحكم، ومن مظاهر ذلك حبس المسلمين في جرائم ذبح البقر وتخصيص 3 % فقط من الوظائف العامة للمسلمين وأقلية الدلت (طائفة هندوسية منبوذة). ولم يقتصر الأمر على المستوى الرسمي بل تخطاه إلى المستوى الشعبي، حيث تعرض ممثلا السينما الشهيران عامر خان وشاروخان لهجوم عنيف وصل إلى حد المطالبة بفصل رأس الأول عن جسده وذلك على إثر انتقادهم للعنصرية المتفشية في المجتمع الهندي. بينما يطالب أحد أعضاء البرلمان الحكومة الهندية بضرورة التصدي للممارسات السلبية التي ينتهجها الهندوس وأحزابهم المتطرفة ضد مسلمي الهند مستنكرا ازدواجية الحكومة في التعامل مع القضايا التي تتعلق بهم، وطالب كذلك بإجراء تعديلات فورية على القوانين التي تعصف بحقوق المسلمين.
- جهود وأنشطة دولية للتقارب بين الأديان
كان لموجات الكراهية والعداء للإسلام التي تزايدت حدتها في شهر ديسمبر صدى كبير في المحاولات الدولية للتقارب بين الأديان للوقوف في وجه تلك الموجات ومحاولة رأب الصدع في البلدان التي تعاني من النزاعات الدينية والطائفية.
يأتي تصريح بابا الفاتيكان فرانسيس على رأس هذه الجهود، حيث حذر من تعميم الإدانة للإسلام، مصرحا بأن الإرهاب لا دين له. وفي محاولة لتجاوز الانقسام الديني في بلد من البلاد التي تعصف بها أعمال العنف، اختتم بابا الفاتيكان جولته الإفريقية بزيارة مسجد محاصر في مدينة بانجي عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى. وفي ألمانيا نظم مركز هامبورج الإسلامي ملتقىً بعنوان "دعاء الأدیان والمذاهب الإبراهیمیة من أجل السلام" تضامناً مع ضحایا العنف في المنطقة. شارك فيه عدد من العلماء اليهود والمسيحيين والمسلمين، حيث أدان كل منهم الحركات الإرهابية متمنيًا السلام والهدوء لكل شعوب العالم. كذلك حرصت الكثير من المؤسسات الإسلامية والمراكز البحثية في إسبانيا وبعض دول أمريكا اللاتينية على عقد دورات ومؤتمرات بهدف نشر ثقافة السلام والتسامح والإخاء بين أصحاب الديانات المختلفة.
- قضية المهاجرين إلى أوروبا
تعاني البشرية من ويلات الظلم والقهر في أماكن عدة، فما بين أعمال العنف ضد المسلمين تحت مسمى "الإسلاموفوبيا" وما بين التطرف والدمار الذي تنشره داعش في أنحاء مختلفة من العالم، تظهر قضية المهاجرين لتزيد من معاناة الفارين من لظى الحرب إلى المصير المجهول وتضاعف الشعور بالحزن والأسى. بدأت أزمة اللاجئين تتفاقم بسبب تدفق موجات كبيرة منهم إلى البلاد الأوروبية ورفض بعض الدول دخولهم بشكل مطلق مثل المجر، التي رفضت مجرد عبورهم من خلالها إلى دول أخرى، بينما استقبلت بعض الدول المسيحيين منهم فقط. وقد تناول المرصد من خلال متابعاته قضية المهاجرين إلى أوروبا ونشر تقريرين حول هذه القضية على صفحة المرصد على بوابة الأزهر بعنوان "ألمانيا.. زيادة نسبة العنف ضد اللاجئين" و"هل ينهار الاتحاد الأوروبي بسبب أزمة اللاجئين؟"
وقد دعت الأمم المتحدة قادة الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة فتح قلوبهم للمهاجرين، وأكد قادة الاتحاد الأوروبي على ضرورة حسن استقبال النازحين ومعاملتهم معاملة طيبة. تأتي ألمانيا على رأس الدول المرحبة باللاجئين حيث صرحت المستشارة ميركل بفتح الأبواب أمامهم دون أي قيود تضامنًا معهم كما دعت ألمانيا إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد الدول الأوروبية المتجاهلة لحصتها من المهاجرين.
ومن ناحية أخرى أخذت أعمال العنف تتصاعد داخل مخيمات المهاجرين والتي تصل إلى إشعال الحرائق في أحد المباني بألمانيا كان من المفترض أن ينتقل إليه 120 لاجئًا مع بداية العام الجديد. وقد أرجع وزير الخارجية الألماني السبب في مهاجمة المهاجرين إلى استغلال بعض المنظمات والأحزاب اليمينية قضية المهاجرين في اصطياد الأصوات الانتخابية.
على الرغم من كل تلك السلبيات التي واجهها المهاجرون إلا أن هناك جوانب إيجابية عملت على تعزيز التعايش السلمي؛ منها مناداة الاتحاد المسيحي الاجتماعي بألمانيا بضرورة عمل دورات لتعليم المهاجرين اللغة الألمانية ومطالبة البعض بتدريب المهاجرين عسكريًا؛ حتى يساهموا في عملية إحلال السلام في أوطانهم.
كذلك تعتبر كندا من الدول المرحبة بالمهاجرين حيث استقبل رئيس الوزراء الكندي اللاجئين السوريين في مطار تورنتو ورحب بهم كمسلمين داخل الأراضي الكندية، محذرًا من دعوات الكراهية. وصل إلي الآن حوالي 160 مهاجرا سوريا في إطار الخطة التي أعلنها رئيس الوزراء ليصل عددهم إلي 25000 بحلول مارس القادم. كذلك لقي المهاجرين ترحيب العديد من الكنديين بقدومهم إلى كندا، مصرحين بأن كندا تختلف كثيرا عن أمريكا وخطاباتها المعادية ضد المسلمين.


طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg