| 04 مايو 2024 م

كلام يهمنا

فتاوى الصيام

  • | الأحد, 2 يوليه, 2017
فتاوى الصيام

_ ما الحكم فيمن صام رمضان ولكنه لا يصلي.. هل ذلك يُفسِد صيامه ولا ينال عليه أجراً؟

- لا يجوز لمسلمٍ تركُ الصلاة، وقد اشتد وعيد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن تركها وفرط فى شأنها، حتى قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «الْعَهْدُ الَّذِى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» أخرجه الإمام أحمد والترمذى والنسائى وابن ماجه، وصححه الترمذى وابن حبان والحاكم، ومعنى «فقد كفر» فى هذا الحديث الشريف وغيره من الأحاديث التى فى معناه: أى أتى فعلاً كبيراً وشابه الكفار فى عدم صلاتهم، فإن الكبائر من شُعَب الكُفر كما أن الطاعات من شُعَب الإيمان، لا أنه قد خرج بذلك عن ملة الإسلام -عياذاً بالله تعالى- فإن تارك الصلاة لا يكفر حتى يجحدها ويكذب بها، ولكنه مع ذلك مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب. والمسلم مأمورٌ بأداء كل عبادة شرعها الله تعالى من الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها مما افترض الله عليه إن كان من أهل وجوبه، وعليه أن يلتزم بها جميعاً كما قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِى السِّلْمِ كَافَّةً» البقرة: 208، وجاء فى تفسيرها: أى التزموا بكل شرائع الإسلام وعباداته، ولا يجوز له أن يتخير بينها ويُؤدِّيَ بعضاً ويترك بعضاً فيقع بذلك فى قوله تعالى: «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ» البقرة: 85. وكل عبادة من هذه العبادات المفروضة لها أركانها وشروطها الخاصة بها، ولا تَعَلُّق لهذه الأركان والشروط بأداء العبادات الأخرى، فإن أدَّاها المسلم على الوجه الصحيح مع تركه لغيرها من العبادات فقد أجزأه ذلك وبرئت ذمتُه من جهتـها، ولكنه يأثم لتركه أداء العبـادات الأخرى، فمن صـام وهو لا يصلى فصومه صحيح غير فاسد؛ لأنه لا يُشتَرَط لصحة الصوم إقامة الصلاة، ولكنه آثمٌ شرعاً من جهة تركه للصلاة ومرتكب بذلك لكبيرة من كبائر الذنوب، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى. أما مسألة الأجر فموكولة إلى الله تعالى، غير أن الصائم المُصَلِّى أرجى ثواباً وأجراً وقَبولاً ممن لا يصلى.

_ على أى توقيت يُفطر المسافر بالطائرة؟

- علق الشرع الشريف الإفطار والإمساك بتَبَيُّن الصائم غروبَ الشمس وطلوعَ الفجر؛ فقال تعالى: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ البقرة: 187، وفى الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ»، وفيهما أيضاً عن عبدالله بن أبى أوفى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَاهُنَا -وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ- فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ»، وهذا كله يدل على أن العبرة فى الإفطار تحقق الصائم من الظُّلْمة إمّا حِسًّا برؤيته هو أو خبراً بتصديق من يُعتَدُّ بإخباره فى ذلك، وكذلك الحال فى الإمساك؛ العبرة فيه بتحقق المكلَّف من طلوع الفجر الصادق إمَّا حِسًّا أو بإخبار من يُعتَدُّ بإخباره.

ومن المعلوم أن الإنسان كلما ارتفع عن سطح الأرض كلما تأخر غروب الشمس فى حقه، وهذا مشاهَد لمن يقطنون الأدوار العليا، وذلك بسبب كُرَوِيّة الأرض، وحينئذٍ فمقتضى القواعد الشرعية أنه لا إفطار حتى تغرب الشمس فى حق الصائم نفسه، قال الإمام فخر الدين الزيلعى الحنفى فى «تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق»: «رُوِيَ أَنَّ أَبَا مُوسَى الضَّرِيرَ الْفَقِيهَ صَاحِبَ «الْمُخْتَصَرِ» قَدِمَ الإِسْكَنْدَرِيَّة، فَسُئِلَ عَمَّنْ صَعِدَ عَلَى مَنَارَةِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَيَرَى الشَّمْسَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ بَعْدَمَا غَرَبَتْ عِنْدَهُمْ فِى الْبَلَدِ، أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ؟ فَقَالَ: لا، وَيَحِلُّ لأَهْلِ الْبَلَدِ؛ لأَنَّ كُلاًّ مُخَاطَبٌ بِمَا عِنْدَهُ» اهـ.

وقال العلاّمة ابن عابدين فى «حاشيته»: «قال فى «الفيض»: ومن كان على مكان مرتفع كمنارة إسكندرية لا يفطر ما لم تغرب الشمس عنده، ولأهل البلدة الفطرُ إن غربت عندهم قبله، وكذا العبرة فى الطلوع فى حق صلاة الفجر أو السحور اهـ.

وبناءً على ذلك: فالإفطار المعتبَر فى حق المسافرين بالطائرة إنما هو برؤيتهم غروبَ الشمس بالنسبة إليهم وفى النقطة التى هم فيها، ولا يفطرون بتوقيت البلد التى يُحَلِّقُون عليها، ولا التى سافروا منها، ولا التى يتجهون إليها، بل عند رؤيتهم غروب الشمس بكامل قُرصِها.

فإن طالت مدةُ الصيام طولاً يَشُقُّ مثلُه على مستطيع الصوم فى الحالة المعتادة فلهم حينئذٍ أن يُفطروا للمشقة الزائدة المركبة فى السفر وليس لانتهاء اليوم، وعليهم أن يقضوا الأيام التى أفطروها، وعلى ذلك فإن ما يقوله بعض قُوّاد الطائرات من الإفطار على ميقات البلد الأصلى أو البلد الحالى غير صحيح شرعاً.

وهناك حالة تغيب فيها الشمس ثم تخرج مرة أخرى من جهة المغرب لسرعة الطائرة، وهنا يفطر الصائم عند غيابها الأول ولا يلتفت لردها وعودتها.

_ ماهى الحكمة فى مشروعية الصوم بالأيام المعدودات؟ وما هو المقصود بالأيام المعدودات؟

- إن الله عز وجل قد جعل مدة الصوم المفروض «أياماً معدودات» كما ذكر القرآن الكريم، والحكمة فى ذلك أن الإنسان لو أسرف فى تجويع نفسه لأضعف جسمه، وأنهك قوته، وفقد الوقود الذى يحتاج إليه فى عمله ونشاطه وخاصة إذا كان يبذل جهداً عظيماً فى وظيفته كأصحاب الأعمال اليدوية المتعبة الشاقة. لذلك جعله الإسلام شهراً واحداً فى العام، وحث على وجبة السحور ليقوى الإنسان على صوم النهار والله سبحانه وتعالى قد بين لنا بعد ذلك أن تحديد الأيام المعدودات بشهر رمضان إنما هو «أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»- (البقرة 184).

_ هل دخول الدخان أو أحد الروائح فى أنف وفم الصائم الذى يعمل فى المطابخ أو أحد مصانع التبغ والسجائر يفسد الصوم؟

- ذكر الفقهاء أن من الأشياء التى لا تفطر - لعموم البلوى بها - ما لا يمكن الاحتراز عنه، كبلع الريق وغبار الطريق، وذوق الطعام للمرأة فى البيت وشم الروائح الطيبة، وقد ذكر بعض الفقهاء أن مثل هذه الأمور لو كانت مما حرمها الله تعالى ورسوله فى الصيام، أو مما يفسد بها الصيام لأوضحها وبينها وشرحها صلى الله عليه وسلم للأمة.

طباعة
الأبواب: الرئيسية, فتاوى
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg