| 24 مايو 2024 م

أراء و أفكار

د. مصطفى عثمان وزير خارجية السودان الأسبق: من هنا تبدأ خطوات القضاء على أسباب الصراعات فى العالم

  • | الخميس, 4 مايو, 2017
د. مصطفى عثمان وزير خارجية السودان الأسبق: من هنا تبدأ خطوات القضاء على أسباب الصراعات فى العالم

أكد الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير خارجية السودان الأسبق، أن مؤتمر السلام برعاية الأزهر والفاتيكان مثّل رسالة طمأنة لشعوب العالم أجمع وليس لمنطقتنا فقط لإحلال الحب مكان الكراهية والثقافة والتعلم بدل الجهل والتعصب..

وأضاف عثمان لـ«صوت الأزهر» أن مساعدة القادة لتنفيذ توصيات مثل هذه المؤتمرات تخلق أجيالًا تؤمن بفكرة السلام وما يعكسه على حياة الأفراد والمجتمعات من جنى ثمار الاستقرار والمنفعة للجميع.. وإلى نص الحوار.

_ كيف ترى أهمية توقيت مؤتمر السلام الذى جمع الأزهر والفاتيكان فى ظل توترات وأحداث إرهابية وتطرف على مستوى العالم؟

- يكتسب هذا المؤتمر أهميته من عدة أشياء؛ أولًا: الظرف الذى يعيش فيه العالم اليوم والذى يفتقد إلى السلام والمحبة والتسامح فالعالم الآن ملىء بالبغضاء والكراهية والحروب والدمار، وكان لا بد من هذا المؤتمر والعمل الدءوب حتى تعود الطمأنينة والأمن والسلام مرة أخرى إلى كل المجتمعات وعلى أى بقعة، وهو توقيت مناسب لعقد هذا المؤتمر وعلينا وضع الأساليب الناجعة خاصة فى وجود أعلى مرجعيتين للديانتين الإسلامية والمسيحية؛ لإحلال السلام وإعطاء تطمينات إلى الشعوب المقهورة أن هناك من يحاول جاهدًا الوقوف بجوارها، وجهوده لا تقتصر على المنطقة فقط ولكن ليعم السلام العالم أجمع.

 _ من وجهة نظركم، ما العقبات التى يجب التغلب عليها لإحلال السلام فى أرجاء المعمورة؟

- بإقناع الأمم والشعوب حكامًا ومرءوســين بإقامة موازين العدل بين الجميع؛ من هنا تبدأ أولى خطوات القضاء على أسباب النزاعات والصراعات فى العالم وعدم الكيل بمكيالين، خاصة فى القضايا العربية والإسلامية التى تستحوذ على اهتمام أكثر من مليار ونصف المليار مسلم؛ مثل: القضية الفلسطينية التى لم تتضح رؤيةٌ لحلها إلى الآن بعد سبعين عامًا من الصراع على وجودها، وبورما.. أضف إلى ذلك: ما يحدث الآن فى سوريا والعراق وليبيا واليمن.

_ ولكن هناك من يلعب على وتر الدين فى الحوادث التى يفتعلها باسم الإسلام؛ لنزع الثروات ووجود سوق لترويج وشراء الأسلحة.

- أولًا: علينا ضرورة الاستمرار فى نشر ثقافة السلام كما جاءت بها الرسالات السماوية والعمل يدًا واحدة من كل ممثلى الأديان، بطريقة: "ابدأ بنفسك"؛ لنبذ كل أسباب التعصب والكراهية وترسيخ ثقافة المحبة والرحمة بين الناس دون تفرقة بدعم حوار الأديان والحضارات والثقافات، وهو ما تحتاج إليه البشرية فى هذه المرحلة التى يئنّ منها العالم، فهناك من يتفننون فى إشعال النار بالبؤر الاستراتيجية التى تخدم مصالحهم ويتصنعون العمل على إطفائها بعد اشتعالها؛ فعندما اندلعت شرارة الحروب فى أوروبا من 1914 لم تتوقف إلا بعد 31 عامًا فى 1945 وخلّفت أكثر من ستين مليون ضحية بشرية لم يكن للإسلام شأن بهم، ولكن لكل زمن استراتيجية واختراعٌ يمهد له.

_ ما المسئولية التى تقع على القادة الدينيين فى مثل هذه الأوقات التى تتطلب نشر ثقافة السلام؟

- المسئولية جامعة لكل شخص يوجد على كوكب الأرض ما دام يعيش عليها ويتمتع بخيراتها، كل بطبيعته وعلى ديانته وفى موقعه، سواء القادة الرسميون الذين يمثلون الحكومات وعليهم مساعدة القادة الدينيين الذين يمثلون المؤسسات العالمية الكبرى؛ كما بدأ ذلك الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف وبابا الفاتيكان؛ لأن الشعوب تنظر إلى القيادات الدينية على أنها بوصلة لقيمها فى تنفيذ التوصيات والاقتراحات لخلق أجيال تؤمن بفكرة السلام وما يعكسه على حياة الأفراد والمجتمعات فى جنى ثمار الاستقرار والمنفعة للجميع، ولن يحدث ذلك إلا بإحلال الحب مكان الكراهية والثقافة والتعلم بدل الجهل والتعصب.

_ هل الاختلافات العقائدية والمذهبية والدينية من أسباب الكوارث التى خلفت كل هذه الحروب؟

- الكوارث والحروب أسبابها واهية معظمها صراع على السلطة والزعامة وفرض القوة ونزع الثروات، فهناك الاختلاف بين أصحاب العقيدة أو المذهب أو الديانة الواحدة، ولا يجوز جعل ذلك سببًا لتشريد وقتل ملايين الضحايا من البشر من خلال هذه الأقاويل التى غرسها البعض ليجد مبررًا للأفعال الشيطانية الحادثة على مر الزمان وفى كل مكان، فالعالم كتلة من الاختلاف فى كل شىء؛ فقد خلق الله الناس مختلفين فى ألوانهم وأجناسهم وأشكالهم ولغاتهم حتى بين أفراد الأسرة الواحدة، فالأديان فى جوهرها ليست لها علاقة بكل هذه الأحداث فكلها تدعو إلى التعاون والتسامح والتعارف والتآلف فى كل ما يعود على الإنسان بالخير والسلام ولا يمكن أن تكون سببًا من أسباب النزاع والشقاق، نعم هناك فى كل الديانات متشددون ولكن لا يجب تعميم ذلك.

_ المؤتمرات والاجتماعات العربية دائمًا ما توصف بأنها توصياتٌ حبيسةُ الأدراج، فهل سنجد تغيرًا فى هذا المؤتمر العالمى للسلام؟

- مثل هذه النوعية من المؤتمرات لها تأثير واسع فى كل الأوساط العالمية؛ لما لها من أتباعٍ لأكبر ديانتين فى العالم، وسيكون لها مردود أوسع من كل وسائل الإعلام التى حضرت وشاهدت عن قرب مدى ما يبذله الأزهر الشريف وإمامه الأكبر، ليعطى المثل الحى والقدوة للتعايش السلمى والأخوة وحب الأوطان مع شركائه المسيحيين فى بلده، ليعممها إلى العالم فى بث روح التقارب والتعاون ونشر ثقافة السلام، ليعلم العالم منهجية الدين الإسلامى وبعده عن أى تطرف أو إرهاب.

_ وماذا عن تسريب الروح الإحباطية وعدم الاستفادة من هذه المؤتمرات فى العودة إلى سابق عهدنا فى الريادة من جديد؟

- تقزيم الاجتماعات وبث روح الإحباط يأتى من أعداء الحضارة الداعين إلى إغلاق العقول وقمع حرية التفكير ورفض التجديد فى الفكر بوجه عام؛ لنظل تابعين لهم فى السياسات الظلامية التى تفرق ولا تجمع، مما تسبب فى تخلف الدول الإسلامية عن مسايرة الحضارة العالمية، لكن علينا أن نعمل ونجتمع ونتباحث فى كل الشئون والجلوس على طاولة واضحة؛ نناقش المشاكل ونضع الحلول ونحاول البدء بالممكن قدر استطاعتنا لتنفيذه ولو على مراحل، فكل خطوة إلى الأمام نجاح، وذلك أفضل من أن نجلس نلوم أنفسنا لعدم تحركنا، وتحويل مرجعية المسلمين إلى وجهات أخرى.

مصطفي هنداوى

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg