| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور سالم الكتبى يكتب "انتبه": الإرهاب المقبل أسوأ وعلينا الحذر

  • | الأحد, 18 يونيو, 2017
الدكتور سالم الكتبى يكتب "انتبه": الإرهاب المقبل أسوأ وعلينا الحذر

باتت هزيمة تنظيم «داعش» عسكرياً فى العراق وسوريا مسألة وقت بعد انهيار «عاصمة» خلافته المزعومة فى «الرقة».

هزيمة «داعش» المحتملة تعنى للمتخصصين أمورا ثلاثة مهمة تستحق النقاش والدراسة، أولها كيفية تحصين المناطق والمدن التى كان يحتلها التنظيم فى سوريا والعراق، من الموصل وحتى الرقة، لضمان تطهير هذه المناطق من الفكر المتطرف وعدم ظهور تنظيمات جديدة على أشلاء تنظيم «داعش»، أو محاولة إحياء التنظيم من جديد فى هذه المناطق، لاسيما أن التجارب التاريخية تفيد بأن تنظيمات التطرف لها «دورة حياة» ومد وجزر، وتعود فى كثير من الحالات وبصورة أكثر وحشية مما سبق، فداعش نفسه «نسخة» أكثر تطوراً من الناحية التنظيمية والخبرات مقارنة بتنظيم «القاعدة»، الذى هو عبارة عن أحد «أطوار» الفكر الجهادى وتنظيماته التى ولدت فى بعض الدول العربية خلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضى، وهذه بدورها كانت نتاجاً لأفكار متطرفة كانت تسكن الكتب والمؤلفات الخاصة بمنظرى التشدد والتطرف فى جماعات مثل «الإخوان المسلمين» وتيارات أخرى لا يمكن لأى باحث إنكار دورها فى التسلسل التاريخى للفكر الإرهابى.

والأمر الثانى يتعلق بمصير مئات الهاربين والعائدين من «جنة الخلافة» المزعومة فى الرقة والموصل، فالبعض من هؤلاء كان يعود إلى بلاده فى السابق، كما حدث مع «العرب الأفغان» الذين شاركوا فى الجهاد ضد الاحتلال السوفيتى السابق لأفغانستان، ثم عادوا إلى بلادهم وكانوا نواة لتنظيمات إرهابية جديدة تمارس نشاطها حتى اليوم عبر الأجيال الثانية والثالثة من الإرهابيين، من الصعب توقع عودة معظم العناصر الأجنبية المقاتلة ضمن صفوف «داعش» إلى دولها، فهم يعرفون أنهم ملاحقون، وسيتم اعتقالهم، وبالتالى الأرجح أنهم سيبحثون عن ملاذات آمنة جديدة للهروب إليها، خصوصاً أن «صناعة القتل» وسفك الدماء باتت «حرفة» لدى هؤلاء، ومن الصعب التخلى عنها.

الأمر الثالث يتعلق بالحرب ضد الإرهاب فى الفضاء الإلكترونى، أى عبر شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، واعتقد أنها الساحة الأصعب والمعركة الأكثر مشقة فى هذه الحرب طويلة الأمد. صحيح أن هناك مراكز متخصصة تحظى بقدرات وإمكانيات عالية التقنية باتت تعمل فى مواجهة تنظيمات الإرهاب فى الفضاء الإلكترونى، كمركزى «هداية» و«صواب» فى دولة الإمارات، ومركز «اعتدال» الذى دشن فى المملكة العربية السعودية خلال القمة الإسلامية الأمريكية، فضلاً عن جهود الأزهر الشريف وعلماء العالم الإسلامى المعتدلين، ولكن لا يزال الإرهاب يتحرك بحرية عبر الفضاء الإلكترونى، ومن السابق لأوانه القطع بأنه تم تحرير الإنترنت من قبضة الإرهاب، وقد نستغرق فى ذلك سنوات طويلة!

ومن ثم يجب علينا أن نعطى أهمية أكثر للحرب ضد الإرهاب عبر الإنترنت، فهى بوابة انتشار ما يعرف بالذئاب المنفردة، التى تزايدت جرائمها فى الآونة الأخيرة، وهى الظاهرة التى يمكن أن تمثل المرحلة المقبلة من الظاهرة الإرهابية، بحيث تختفى التنظيمات بشكلها الهرمى والتنظيمى التقليدى، وتتحول إلى تجمعات فردية أو خلايا عنقودية صغيرة تتواصل عبر الإنترنت.

ما بعد «داعش» قد يكون أخطر مما قبله.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg