| 04 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور طه أبو كريشة يكتب "نور وهداية": الصيام وفضيلة التزود الإيماني

  • | السبت, 17 يونيو, 2017
الدكتور طه أبو كريشة يكتب "نور وهداية": الصيام وفضيلة التزود الإيماني
د. طه أبو كريشة

فى القرآن الكريم نرى توجيها وأمرا ربانياً لجماعة المؤمنين بأن يتزودوا بزاد إيمانى ينفعهم فى دنياهم وأخراهم وهو زاد التقوى.

إن هذا التوجيه الآمر هو الذى جاء فى قول الله تعالى: «وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب» البقرة :197.

ومن هنا فإننا نقول إن الوعاء الزمنى لهذا التزود هو هذا الشهر المبارك الذى نؤدى فيه فريضة الصيام لأن الله تعالى يبين لنا الغاية الإيمانية التى تترتب على أداء هذه الفريضة وهى غاية التقوى، كما جاء الإخبار عن ذلك فى قول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» البقرة:183.

فالغاية هى التقوى التى هى خير زاد وأنفعه، فمن خلال تحققها تستقم حياة الإنسان، حيث يسير على صراط الله تعالى المستقيم فيلتزم بالفضائل ويبتعد عن الرذائل فلا يفرط فى فضيلة أمر بها ولا يقترب من معصية نهى عنها، وهذا الالتزام هو الذى يجعل صيامه مقبولاً ومأجوراً عند رب العالمين سبحانه وتعالى.

إن من مصادر هذا التزود الإيمانى أن يكون المؤمن حسن الصلة بربه عز وجل فى السر والعلن، وفى الجهر والخفاء وأن يكون على يقين إيمانى بأن الله تعالى معه حيث كان، وأنه لا يخفى عليه شيء فى الأرض ولا فى السماء وأنه كما قال سبحانه: «ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا» المجادلة: 7.

ومن هنا فإنه يستحيى من ربه عز وجل حق الحياء، ويلتزم بكل الطاعات ويبتعد عن كل المعاصى، وكذلك فإن من مصادر هذا التزود الإيمانى أن يكون المؤمن حسن الصلة بنفسه التى بين جنبيه وأن يسد كل المنافذ التى يمكن أن ينفذ منها الشيطان لكى يبعده عن صراط الله المستقيم وذلك من خلال تنفيذ الأمر الربانى الذى جاء فى قول الله تعالى: «وإما ينزغنك من الشيطان نزع فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم» فصلت:36، وفى قوله سبحانه: «إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون» الأعراف: 201، وفى قوله عز وجل: «إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير» فاطر: 6، إن سد منافذ الشيطان يمثل جهادا نفسياً يحصن المؤمن تحصيناً إيمانياً يحميه من أى انحراف عن صراط الله تعالى المستقيم ويجعله دائماً مسارعاً إلى الاستجابه لنداء الحق الذى يدعوه إلى المسارعة إلى فعل كل خير تستقيم به النفس وتستقيم به الأمة، كما جاء التوجيه إلى ذلك فى قول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون» الأنفال: 24. وفى قوله سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم» الحديد: 28.

وإلى جانب إحسان الصلة بالله عز وجل وإحسان الصلة بالنفس فإن التزود بالتقوى يؤدى إلى إحسان الصلة بين الإنسان وأخيه الإنسان، وهو إحسان يقوم على المودة والمحبة والإخاء وإلى الحفاظ على الكرامة الإنسانية القائمة على حفظ الدين والعقل والدم والنسل والمال، وذلك على النحو الذى جاء التوجيه إليه فى قول النبى صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» وفى قوله: «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا»، وفى قوله عليه الصلاة والسلام: «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» حقاً إن من فضل الله تعالى على هذه الأمة أن شرع لها هذه الفريضة فريضة الصيام التى تحقق لها غاية التقوى التى هى خير زاد يتزود به المؤمن فى هذا الشهر المبارك، وهو الزاد الإيمانى الذى يحقق لها الاستقامة الدائمة على صراط الله تعالى المستقيم الذى ليس فيه انحراف إلى يمين أو إلى يسار فى علاقة المؤمن بربه عز وجل وفى علاقته بنفسه التى بين جنبيه وفى علاقته بكل أفراد المجتمع الذين يعيشون معه ويعيش معهم فيه، وبهذا تكون الأمة حقاً هى خير أمة أخرجت للناس، وتلك هى الثمرة التى أثمرتها هذه الفريضة.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg