| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور طه أبوكريشة يكتب "نور وهداية": رمضان والحصاد الإيماني

  • | الأحد, 2 يوليه, 2017
الدكتور طه أبوكريشة يكتب "نور وهداية": رمضان والحصاد الإيماني
د. طه أبو كريشة

مع اقتراب الشهر الفضيل شهر رمضان على إكمال الأيام المعدودات التى أدى فيها المؤمنون فريضة الصيام، فإن علينا أن نتذكر النعم الكثيرة التى أنعم الله تعالى بها على عباده المؤمنين وهم يؤدون هذه الفريضة، ففى آيات الصيام دعوة من الله عز وجل إلى هذا التذكر وذلك فى قول الله تعالى: «ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعكم تشكرون» البقرة:185، فالقيام بالشكر مترتب على تذكر النعم، وإذا أردنا أن نشير إلى بعض هذه النعم فإن علينا أن نتذكر الغاية الإيمانية التى يحققها أداء هذه الفريضة وهى غاية التقوى التى جاء الإخبار عنها فى قول الله عز وجل: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون» البقرة: 183، وإذا رجعنا إلى حديث القرآن الكريم عن التقوي وعن ثمراتها الإيمانية فإنه يتبين لنا عظم النعم التى ينالها المؤمنون من وراء اتصافهم بصفة التقوى، إن فى صدارة هذه النعم ما ينتظر المتقين فى الآخرة من الثواب العظيم والأجر الجزيل، ومن شواهد ذلك قول الله تعالى: «إن المتقين فى جنات ونهر، فى مقعد صدق عند مليك مقتدر» القمر:54-55، وقوله عز وجل: «إن المتقين فى جنات وعيون، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وفى أموالهم حق للسائل والمحروم» الذاريات: 15-19، وإلى جانب هذا الثواب الأخروى الذى ينتظر المتقين فإن هناك ثمرات إيمانية دنيوية ينالها المتقون فى دنياهم وينعمون بها، فمن هذه الثمرات ثمرة النور الإيمانى نور البصيرة الذى يحظى به من يتقى الله تعالى حق تقاته، إنه النور الذى يلازمه ويصاحبه فى غدوه ورواحه وفى سره وفى علانيته، فيرى من خلاله الحق حقاً فيتبعه، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه ولا يختلط عليه واحد منهما بالآخر وكذلك فإنه النور الذى يجعله يلازم الفضائل ويبتعد عن الرذائل إنه النور الذى يجعل المؤمن حيا حياة إيمانية كما قال الله عز وجل: «أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها» الأنعام:122.

إن شاهد النور الذى يحظى به المتقون من وراء تقواهم لله تعالى هو الذى جاء فى قوله سبحانه:«يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم» الحديد: 28.

ومن هذه الثمرات التى ينعم بها المتقون ثمرة المعية الربانية، وهى المعية التى تجعل المؤمن المتقى فى حماية ربه عز وجل، فيكون له ناصراً، ويكون له مؤيداً، ويكون له مدافعاً، ويجعله ينعم بالأمن والطمأنينة مع البعد عن أى مظهر من مظاهر الخوف والحزن.

ومن شواهد هذه الثمرات الإيمانية ما جاء فى قول الله تعالى: «إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون» النحل :128، وما جاء فى قول الله عز وجل: «ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشري فى الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم» يونس 62-64.

ومن هذه الثمرات المعجلة للمتقين فى دنياهم ثمرة تفريج الكروب، واجتياز الشدائد، وإزالة الضوائق والإنعام بالسعة بعد الضيق، والفتوح بعد الإغلاق، وتذليل العقبات والوصول إلى أفضل الغايات، ومن شواهد الوعد الربانى بهذه الثمرة الدنيوية ما جاء فى قول الله عز وجل: «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شىء قدرا» الطلاق:2-3، ومن هذه الثمرات الدنيوية التى ينعم بها المتقون في دنياهم ثمرة تيسير الحياة، بحيث يجدون اليسر أمامهم فى أى عمل يقومون به، وفى أى نشاط يمارسونه، وفى أى تكليف يكلفون به مادام ذلك كله فى نطاق العمل الصالح الذى لا إثم فيه ولا مخالفة لما جاء التوجيه إليه فى صالح الأعمال، إن هذا التيسير الذى جاء الوعد به للمتقين هو الذى جاء الإخبار به فى قول الله عز وجل: «ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا، ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا» الطلاق:4-5، هذه بعض شواهد الثمرات الأخروية والدنيوية التى يحظى بها المتقون وهى ثمرات يحققها بفضل الله تعالى صيام شهر رمضان الذى يحقق غاية التقوى التى تؤدى إلى جنى هذه الثمرات، ومن شأن المؤمنين الصادقين المتقين أن يلازموا صفة التقوى فى عقيدتهم وعباداتهم وأخلاقهم ومعاملاتهم فى كل وقت من أوقات حياتهم لأن رب رمضان هو رب سائر الشهور والأعوام.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
3.5

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg