| 28 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

سامح فوزي يكتب "كلمة حق": ثقافة لكل الناس

  • | الأحد, 2 يوليه, 2017
سامح فوزي يكتب "كلمة حق": ثقافة لكل الناس
د. سامح فوزي

وزعت منذ أيام جوائز الدولة على عدد من المثقفين. حصد البعض جوائز، والمجتمع لا يزال بحاجة إلى جهود تنوير حقيقية.

«المثقف»- مصطلح فيه انعزال وربما استعلاء، قد لا نجد مثيلا له فى مجتمعات كثيرة متقدمة، التى ترى أن الحداثة الثقافية هى من نصيب الناس جميعا وليست حكرا على فئة محدودة فى المجتمع ممن يطلق عليهم «مثقفون». إحساس بأن الثقافة دائرية، أى تدور فى فلك حفنة صغيرة، بينما تغيب عن المجموع الشعبى الذى تُرك نهبا لأفكار التطرف، والجهل، وعدم القدرة على التفكير فى المستقبل.

هناك رغبة من جانب من يطلق عليهم المثقفون أن تظل الثقافة سرا خاصا بهم، لا أحد يدخل عالمهم دون استئذان. من هنا نجد بينهم حروبا خفية على أساس التخصص، أو الشهرة، أو الجيل، ويصعب اختراق هذه الدائرة المغلقة.

هناك حالة نزاع موروثة بين الثقافة والإعلام. الثقافة تصبح جماهيرية من خلال الإعلام. وعدم التفات الإعلام إلى الثقافة يجعلها محدودة فى الانتشار، وبعيدة عن المزاج الشعبى خاصة إذا كان الإعلام يقدم من البرامج والدراما ما يهبط بالذوق العام.

إذا أردنا أن يكون للمثقف دور فى المجتمع المصرى ينبغى أن نتوقف أمام عدد من النقاط الأساسية:

أولا: مفهوم الثقافة ذاته. يمكن أن يتحول من مفهوم يخص «النخبة» إلى «الجمهور»، كيف يتسنى تحويل الإصدارات الثقافية إلى ثقافة عامة يطالعها القارئ العادى ولا تقف فى محدوديتها- بلغتها القاسية عند القارئ المتخصص فقط؟

المسألة الثانية المركزية بمعناها الجغرافى، والنخبوى، والجيلى، كيف يمكن تحقيق «العدالة الثقافية» بمعناها الواسع، بمعنى أن تذهب الثقافة إلى الأطراف، والمدن الريفية والحضرية على السواء، ولا تستأثر بها المدن الكبرى؟

المسألة الثالثة هى التقدم والاستنارة، ونبذ أفكار التطرف والعنف. هنا نقف أمام ملاحظة ذكرها «وسينى الأعرج»- المثقف الجزائرى، لماذا يبدأ عدد كبير من المثقفين فى طريق العلمانية، ثم ينتهى بهم الحال مدافعين عن التطرف الدينى؟ وهو الأمر الذى حاولت أن تفسره مثقفة لبنانية هى «منى فياض» بانه انتهازية كسب ولاء الجماهير. يفعل بعض المثقفين ذلك، فى حين يرون أن خصمهم الأساسى هى المؤسسات الدينية.

فى الحديث عن الثقافة شجون كثيرة، وعناوين فرعية لا تنتهى، لكن القضية التى تبدو محورية وأساسية هى كيف يمكن أن تكون الثقافة، فى لحظات التردى، طوق النجاة فى مواجهة التطرف، وبناء الوعى النقدى، والحفاظ على الذاكرة؟ مسألة صعبة تتطلب إعادة بناء المؤسسات الثقافية، وتحديث الصناعات الثقافية بمعناها الواسع، والتأثير على الوعى الجماهيرى بما نجحت فيه الجماعات المتطرفة، وفشلت فيه المؤسسات الثقافية حكومية وغير حكومية.

التحدى الذى يواجه المؤسسات الثقافية جميعا فى العالم العربى هى التخلص من حالة «الكهانة الثقافية»، وتحويل الثقافة إلى منتج عليه طلب جماهيرى، وليست منتجات نخبوية، تنحصر فى جمهور صغير، بينما يعج المجتمع بأفكار التخلف والرجعية. وهذه مسألة ليست سهلة، ولكنها تحتاج إلى مؤسسات، وحراك ثقافى، وقبل هذا وذاك، إرادة سياسية بأن يكون للثقافة صوت مسموع، وليس مساحيق تجميل.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg