| 28 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور "حمادة إسماعيل" يكتب لوجه الله: لاجئون في بلادهم

  • | السبت, 8 يوليه, 2017
الدكتور "حمادة إسماعيل" يكتب لوجه الله: لاجئون في بلادهم
د. حمادة إسماعيل

صدق فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر حين قال فى مؤتمر الأزهر للسلام: «السَّلام الضَّائع الذى تبحث عنه شعوبٌ وبلاد وبؤساءُ ومرضى، وهائمون على وجوههم فى الصحراء، وفارُّون من أوطانهم إلى أوطانٍ أخرى نائيةٍ لا يدرون أيبلُغُونها أم يَحُولُ بينهم وبينها المَوتُ والهَلاكُ والغَرَقُ والأشلاءُ والجُثَثُ المُلقَاةُ على شواطئ البِحار، فى مأساةٍ إنسانيَّةٍ بالِغة الحُزنِ، لا نَعْدُو الحَقِيقةَ لَوْ قُلنَا: إنَّ التَّاريخَ لَمْ يَعْرِف لها مَثيلاً مِن قَبلُ». فهذه كلمات قليلة لخصت معاناة كبيرة لشعوب تركت أوطانها، وهامت على وجوهها تبحث عن أوطان أخرى، يرون معاناة لا يتخيلها عقل، ولا يرضى عنها من يتحلى بأدنى معانى الإنسانية، إنها مأساة اللاجئين السوريين، الذين فى الوقت الذى يبحث العالم المتحضر وينشغل بإيجاد مصطلح مناسب يُطلق عليهم، تراهم مشتتين بين البر والبحر لا يجدون طعاماً ولا شراباً ولا مأوى.

ولقد قامت وكالة الأناضول للأنباء بعمل تقرير عن أحوال السوريين فى مدينة «إعزاز» التابعة لمحافظة حلب شمال سوريا، والتى أقيمت فيها «منطقة آمنة» يعيش فيها السوريون فى ظروف صعبة فى المخيمات، ينتظرون أن تُمد لهم يد العون والمساعدة التى تساعدهم على مواجهة هذه الظروف الصعبة. ولقد فتحت «المنطقة الآمنة» هذه التى تم تأسيسها شمال سوريا الأمل أمام آلاف السوريين الذين اضطروا إلى ترك بيوتهم وقراهم ومدنهم بسبب الحرب، وذهبوا إلى هذه المنطقة التى تزيد أعدادهم فيها عن 300 ألف شخص يعيشون فى خيام متواضعة أقاموها تحت أشجار الزيتون. كما انضم إليهم مقبلون جدد من السوريين من المناطق الأخرى والذين تزداد أعدادهم باستمرار ويواجهون معاناة كبيرة خصوصاً نقص الغذاء، وعدم وجود أماكن إيواء. يقول «ياسر آل عمر» مسئول المساعدات والذى يعمل تطوعاً فى هذه المنطقة إن منطقته المسئول عنها يقيم فيها 4 آلاف و500 سورى.

 وأكد على أن أعداد السوريين تزايدت بكثرة فى العام الأخير، وإنهم يعتمدون على مياه الآبار، لكن كثرة أعداد السوريين جعلت هذه المياه لا تكفى. وأضاف أنهم يحمدون الله على كل حال، وعلى أنهم لا يزالون أحياء على قيد الحياة، كما قال بأن العائلات السورية الموجودة هنا منذ فترة طويلة أمورها مستقرة، ولها خيام، ومصادر للطعام والشراب، لكن المشكلة تكمن فى السوريين الذين أتوا إلى المنطقة حديثاً، خصوصاً الذين جاءوا من مدينة «الرقة» فلا طعام لهم ولا خيام. أما «محمد براق» والد لطفلين والذى أتى إلى هذه المنطقة قبل 6 شهور فيقول: إن بعض الخيام الصغيرة يعيش فيها أربع وخمس عائلات سورية. وأضاف بأنهم يعيشون ظروفاً صعبة، وأن منظمات المجتمع المدنى تساعد الأسر الموجودة منذ فترة طويلة، أما من أتوا قبل شهرين فيعانون معاناة شديدة خصوصاً فى الطعام. أما «يوسف الخرزمى» المدرس الذى يُعلم الأطفال تطوعاً فى هذه المنطقة فقال بأنه لا توجد لديهم دفاتر أو أى مستلزمات مكتبية يحتاجها الأطفال، وإن العائلات الموجودة هنا فقراء للغاية أجبرتهم الحرب على ترك بيوتهم والعيش فى هذه الخيام التى لا تقيهم حر الصيف ولا برودة الشتاء.

فهذه هى حالة السوريين فى بلادهم، وكأن اللجوء قد كُتب على أهل هذا البلد سواء من يعيشون فيه، أو من يعيشون خارجه، فالجميع لاجئون، والجميع مشتتون، والجميع ينتظر الإحسان من منظمات المجتمع المدنى لحل مشاكلهم التى هى أقل ما يجب لأى إنسان على سطح الأرض وهو أن يكون له مأكل ومشرب ومكان للإيواء. فوجود إنسان لا يجد طعاماً ولا شراباً ولا مأوى فى عصر التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وعصر حقوق الإنسان يمثل أكبر صفعة لضمير هذا العصر وإنسانيته، من أجل هذا يناشد كاتب المقال جميع مؤسسات المجتمع المدنى، ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإيصال المساعدات الإنسانية للسوريين فى هذه المنطقة، والعمل على توفير أدنى مستويات الحياة الإنسانية لهم، كما يناشد جميع قادة دول العالم بتجنيب السياسة ولغة المصالح فى التعامل مع القضية السورية، وتغليب البعد الإنسانى فى التعامل معها، واتخاذ خطوات جادة وسريعة فى انهائها الذى يكمن فيه حل قضية اللاجئين من جذورها.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg