| 28 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور طه أبو كريشة يكتب "رؤية": المؤمن وميلاد إيماني جديد

  • | الأحد, 9 يوليه, 2017
الدكتور طه أبو كريشة يكتب "رؤية": المؤمن وميلاد إيماني جديد
د. طه أبو كريشة

من يتأمل فى الثمرات الإيمانية التى يجنيها المؤمنون كلما فرغوا من أداء فريضة الصيام على النحو الذى يحقق لهم هذه الثمرات فإنه يجد أن كل مؤمن يجنى هذه الثمرات يكتسب بها بعثا حياتيا جديدا، وميلادا إيمانيا جديدا كأنه قادم إلى هذه الحياة التى يعيشها قدوما جديدا، تفتح معه صفحة جديدة خالية من أى شائبة من الشوائب التى تتنافى مع حقيقة الإيمان. لقد عرفنا أن المؤمن الصادق الإيمان يدخل مع فريضة الصيام فى معسكر إيمانى يلتزم فيه بكل خلق إيمانى قويم يشمل كل سلوكياته القولية والعملية فى كل لحظة من لحظات ليله ونهاره، وعلى كل حال من أحواله فى سره وعلانيته، وفى خلوته وفى اجتماعه مع غيره، ومن خلال هذا الالتزام يستحق أن يمنح من رب العالمين جائزة القبول والرضا، وشهادة المغفرة، التى تشهد منحها له الملائكة التى أشهدهم عليها رب العالمين حين ناداهم وخاطبهم قائلا لهم «أشهدكم ملائكتى أنى قد غفرت لهم»، وهى شهادة اقتضت منهم أن يقفوا على أبواب الطرق فى يوم عيد الفطر مرحبين بالمؤمنين وهم ذاهبون إلى أداء صلاة العيد قائلين لهم ومبشرين «اذهبوا إلى رب كريم، يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بصيام النهار فصمتم، وأمرتم بقيام الليل فقمتم، فاقبضوا جوائزكما»، ويظلون قائمين على هذه الطرق،حتى إذا فرغ المؤمنون من أداء الصلاة وعادوا راجعين إلى بيوتهم قالوا لهم «ارجعوا راشدين إلى رحالكم فقد غفر الله لكم».

إن هذه الجائزة التى تحتوى على المغفرة الإيمانية هى التى تتضمن فى حقيقتها منحهم شهادة ميلاد إيمانى جديد يستقبلون بها حياة وأياما جديدة كأنهم قادمون إلى الحياة لأول مرة، ولنا أن نتصور كيف يكون شعور المؤمن الصادق الإيمان وهو يستوعب فى يقينه معنى هذه الحياة الإيمانية الجديدة، إنه من غير شك سوف يشعر بأنه مطالب بضرورة الحفاظ على أمانة هذه الحياة، وأن يكون فى كل أوقاته المستقبلية ملتزما بكل خلق قويم، وبكل سلوك حميد، يكون شاهد صدق على أنه حامل حقا لهذه الشهادة، وأنه حقا يحيا فى أنوار هذه المنحة الربانية، ولنا أن نتصور كيف يكون الحال إذا تعدد حاملو هذه الشهادة وهذه الجائزة، الذين يحظون بالميلاد الإيمانى الجديد، إن هذه الحال تمثل فى حقيقتها بعثا إيمانيا متجددا يعيد الأمة إلى مكانها الذى أراده رب العالمين لها فى قوله عز وجل «كنت خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله»، البقرة: 109، وفى قوله سبحانه «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون»، الأنبياء: 92.

إن من أبرز الدلائل على هذه الخيرية وعلى وحدة الأمة أن تعود الأمة سريعا إلى رشدها ورشادها وتنهى ما يبدو على صفحة حياتها من انقسام وتشتت وافتراق، يتخلله ما هو عار عليها من سفك للدماء، وازهاق للأرواح، وهدم للديار، وإشاعة للخوف، وتضييع للأمن، وإهلاك للحرث والنسل، وتشريد للناس من ديارهم وأوطانهم إلى المجهول، على النحو الذى تتوالى أحداثه ومشاهده فى كل وقت من أوقات الليل والنهار فى كثير من البقاع التى تنسب إلى أمة الإسلام.

إن العودة المنشودة إلى حقيقة وحدة الأمة وخيريتها تمثل الأمانة الكبرى التى وضعت فى عنق أولياء الأمر فى كل بقاع الأمة الإسلامية، وهى أمانة سوف يسألون عنها أمام رب العالمين سبحانه وتعالى، ولعل فى الجوائز الإيمانية التى نالوها من وراء أداء فريضة الصيام ما يحفز القلوب على أداء هذه الأمانة أداء إيمانيا يجدد واقع هذه الأمة.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg