| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

محمد مصطفى أبوشامة يكتب "رواق التجديد": أزمة "الإويغور" والتضليل الإعلامي

  • | الثلاثاء, 18 يوليه, 2017
محمد مصطفى أبوشامة يكتب "رواق التجديد": أزمة "الإويغور" والتضليل الإعلامي
محمد مصطفى أبو شامة

إذا كنتَ لا تعرف شيئاً عن «التركستان» وحضارتهم، أنصحك ببذل بعض الجهد على محرك البحث العالمى «google» فستعرف ما يدهشك، وقد تستفيد أكثر إذا استثمرتَ جلستك البحثية فى معرفة «الإويغور» فهم يشكلون واحدة من 56 عرقية فى جمهورية الصين الشعبية، ويتركزون فى منطقة تركستان الشرقية (شينجيانج) على مساحة تعادل (سُدس) مساحة الصين، ويدينون بالإسلام.

وربما تتنبه فى بحثك إلى ظهور أخبار حديثة تربط بين «الإويغور» ومنظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية من جهة، ومؤسستنا العريقة.. الأزهر الشريف، من جهة أخرى، فى علاقة مثيرة تستحق مزيداً من البحث. وإذا تتبعت قصة هذا الارتباط، فستجد تقارير إعلامية كثيرة معظمها ينتسب لـ«المال القطرى» و«الهوى الإخوانى»، تصرخ برومانسية مزعومة وتدافع عمن ادَّعَت أنهم طلاب «الإويغور» الذين جاءوا ليدرسوا فى الأزهر وقُبِض عليهم بواسطة الشرطة المصرية بدعوى ترحيلهم إلى دولة الصين، التى تطارد أبناء هذه الحضارة التركستانية فى كل مكان، وتمارس عليهم أبشع أنواع القهر والتعذيب داخل وخارج بلادهم.

ورغم النفى الأمنى المصرى، الذى تناقلته بعض وسائل الإعلام، والذى نُسِب إلى مصدر أمنى، وجاء فيه أنه «لا صحة لما أُثِير حول استهداف الإويغور من الصينيين المقيمين بالقاهرة، والأمر لا يتعدى كونه مراجعة دورية للإقامة»، إلا أن الأزمة تتصاعد إعلاميا وعلى وسائل التواصل الاجتماعى.

ومن تركيا، مركز الفتنة والتضليل فى العالم، يتزايد أعداد طلاب الأزهر من الإويغور المقبوض عليهم، ومنها انتقلت هذه الأرقام المغلوطة عبر وسائل إعلام دولية يفترض فيها المهنية، مثل BBC وروسيا اليوم وغيرهما، دمجت بين تقرير مخادع لـ«هيومن رايتس ووتش» وهلوسات لناشط إويغورى مقيم فى تركيا، وأصبح عدد المقبوض عليهم بالمئات، رغم نفى تصريحات إعلامية للدكتور محمد مهنا لهذه الأعداد ووَصْفِها بالمضللة، وقد أوضح مستشار شيخ الأزهر أن الإمام الأكبر يتابع بنفسه الموقف مع الجهات المختصة، وأكد أن عدد الطلاب الصينيين (الإويغور) المقبوض عليهم ثلاثة فقط، وشدد مهنا على أنه من حق الجهات المعنية التأكد من سلامة موقف المقيمين من مختلف الجنسيات على الأراضى المصرية.

ولأن القضية ملتبَسَة كان يلزمها تحرِّى الدقة عند التعامل الإعلامى معها، لهذا لم أفهم أن تنشر صحيفة بحجم «الحياة» السعودية خبراً نقلته عن وكالة «رويترز» يصوِّر عملية القبض على الإويغوريين فى القاهرة، كأنها صفقة مشبوهة بين السلطات المصرية والصينية فى إطار تعاونهما الأمنى التآمرى، وأفرط الخبر فى تصوير معاناة المسلمين فى تركستان الشرقية جنوب الصين (وهو أمر ربما يكون صحيحاً)، وأغفل جانباً شديد الخطورة فى القصة، وهو تفشِّى التطرف الدينى بين أقلية الإويغور المسلمة (للأسف)، لحد وجود 5000 منهم بين صفوف «داعش» يقاتلون فى سوريا والعراق، وهو ما يثير قلقاً كبيراً لدى الصينيين، وأدعى أن يثير قلقاً أكبر فى مصر، لا سيما عندما تعلم السلطات المصرية أن عدداً كبيراً من الإويغوريين فى القاهرة لا يحملون جوازات سفر سارية، لعدم تعاون سفارة الصين معهم، وذلك بحسب ما أكده آدم يونس رئيس برلمان الطلاب الوافدين بالأزهر الشريف لموقع «مصراوى» الإلكترونى قبل أيام.

لا شكّ أن كرامة وحرية أى طلاب «مبتَعَث» جاء يطلب العلم من الأزهر قضية لا تحتمل التفريط، لكن أمن مصر التى تكتوى بلهيب الإرهاب هو أيضاً قضية لا تحتمل التشكيك.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg