| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

محمد مصطفى أبو شامة.. يكتب "رواق التجديد": فتوى الـ "كُشك" تصل إلى "ماري جرجس"

  • | الخميس, 27 يوليه, 2017
محمد مصطفى أبو شامة.. يكتب "رواق التجديد": فتوى الـ "كُشك" تصل إلى "ماري جرجس"
محمد مصطفى أبو شامة

يُعرَف الـ«كُشْك» فى معاجم اللغة بالكوخ أو الدكّان أو الحجرة، وجمعه «أكشاك». وقد وجد الـ«كشك» نفسه ذات صباح من نجوم الإعلام، بعد أن تعاوَنَ مجمعُ البحوث الإسلامية مع هيئة مترو الأنفاق لإنشاء خدمة جديدة للمواطنين، بتوفير حجرات مخصَّصَة لتزويدهم بالفتاوى الدينية عبرَ متخصصين من علماء ومشايخ الأزهر. وكانت محطة «الشهداء» (مبارك سابقاً) فى ميدان رمسيس بالقاهرة أولى المحطات التى خُصِّصت بها حجرة لهذا الغرض تم افتتاحها قبل أيام، وأَطلَق عليها الإعلامُ «كُشكَ الفتوى».

وكالعادة تباينت ردود الفعل، بين ترحيب من البسطاء وعموم الشعب، وسخط وتخويف من النخبة وبعض المثقفين، وأحترِم وأقدِّر كل الآراء وإن كنتُ أعتقد أن «المشروع» تجربة واجتهادٌ محمودٌ من مجمع البحوث التابع للأزهر، ويؤجَر عليه، مثلُه كمثلِ المجتهد فى أمور الدين سواءً أخطأ أو أصاب، وأتمنى فقط من المعترضين أن يجربوا بأنفسهم ويزوروا «الكُشك»، وألا يكتفوا بالمبالغة فى خطورته على الدين وقُدُسِيَّتِه وعلى الدولة ومدنيَّتِها.

وكالعادة أيضاً أَبْدَعَت القريحة المصرية فى السخرية من الـ«كُشك» لحدٍّ يسحر القلوب، ويُفجِّر الضحكاتِ التى تخفف آلام المخاض الذى تعيشه الدولة المصرية، ويضمِّد جراحَ المعارك التى تُدمِى قلوب المصريين يومياً، ويعتب البعض على هذه السخرية ويُحمِّلُها أكبر مما تحتمل، ويصفها آخرون بأنها عاملُ هدمٍ وضدَّ الدولة، وأراها إكسيرَ حياةٍ وسراً من أسرار البقاء ورثناها عن أجدادِنا، جيلاً وراء جيل، وأضفنا إليها مع كل عصر ما يناسب من «إيفيهات» تُبقِى البسمة خالدة على وجه شعب النيل الذى لا يعرف المستحيل.

لهذا لم أتمالَكْ نفسى من الضحك، عندما قرأتُ إحدى «القلشات» الصحفِيَّة التى ادَّعت أن مواطناً دخل على «كُشك الفتوى» بالمترو يسأله: هل يجوز للمسلم النزول فى «مارى جرجس»؟.. ولمن لا يعلم فإن محطة «مارى جرجس» هى واحدة من محطات الخط الأول لمترو الأنفاق خط (حلوان - المرج).

وهذه «القلشة» تُشبِه أخرى لطبيب ومثقف مصرى أحترمه وأقدِّرُه، ولكنه وصل إلى حدٍّ من المبالغة فى مهاجمة مشروع «الفتوى فى المترو» اقترب من الهزل، حيث وصفه بأنه خطوة على الطريق لظهور جماعة للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (الشهيرة فى السعودية)، وهى مبالغة حارقة لا أتفق معها، ولا يمكن لعاقل تصوُّرُها.

ويمثل خروج المشايخ إلى الناس لإرشادهم فى أمور دينهم تطوُّراً مهماً قاده الأزهر مؤخراً، فقدَّم نماذج مهمة ومؤثرة، منها تجربة «فِرَق الوَعْظ» التى انتشرت وخرجت لتوعية رواد المقاهى قبل شهور، وهو خروج فَرَضَتْه الضرورات والمخاطر التى تحيط بمجتمعنا، وليس خطر الإرهاب فقط هو الداعى لذلك، يكفى ما يُحاصِرُنا من دعوات تحَلُّلٍ وتفكُّك وانهيار أخلاقى، حتى أصبح العقل المصرى بين شقَّيْ رحى الإرهاب والإلحاد، يطحنان ثوابِتَه وقِيمَه ومعتقداتِه ويدمِّران ما بقى من إنسانيَّتِه.

إننا أمام ضرورات تستدعى أن نشجع على أيِّ خروج عن التقليدية، ونحفِّز كلَّ تطور حتى لو حمل قدراً من الخروج عن المألوف، والعجيب أنه فى الوقت الذى تصرخ فيه أصوات تطلب التجديد، تُطِلُّ علينا وجوه تسخر وتزوم وتثبِّط العزم وتلوم.

وإلى هؤلاءِ وغيرِهِم أقول: إن النزول فى «مارى جرجس» حلال، ومحبَّتها تُغنى عن أيِّ سؤال.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg