| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

د. سامح فوزي يكتب "كلمة حق": نوافذ القوة الناعمة

  • | الثلاثاء, 1 أغسطس, 2017
د. سامح فوزي يكتب "كلمة حق": نوافذ القوة الناعمة
د. سامح فوزي

مصطلح شاع، وانتشر، وجرى على كل الألسنة هو «القوة الناعمة». المراد به أن تكون للدولة قوة تؤثر بها فى محيطها الإقليمى والدولى تختلف عن «القوة الصلبة» أى القوة العسكرية. المؤسسات الدينية، الكتاب، المسلسل التليفزيونى، الفيلم السينمائى، والمؤسسات التعليمية قوة ناعمة. وإذا كنا نتحدث عن تراجع دور الاحتلال العسكرى وظهور ما يعرف بالاحتلال الثقافى، أيا كان رأينا فى هذا المصطلح، يصبح الحديث عن «القوة الناعمة» مسألة أساسية.

شواهد العقود الماضية تثبت كيف أثرت مصر فى محيطها بالأزهر، والكنيسة، والفن، والثقافة، حتى كانت رقما مهما، تراجع تأثيرها عندما ضعفت القوة الناعمة، حيث ظهرت مؤسسات من دول أخرى تريد أن تحل محلها، مستفيدة من فوائض مالية توافرت لديها. هناك الآن تفكير فى «هندسة» استعادة القوة الناعمة المصرية فى وقت نحن أحوج ما نكون إليه.

دعنا نتفق فى البداية أن القوة الناعمة ليست فقط قدرات مالية، لكنها فى المقام الأول قدرات بشرية، وعقول مستنيرة، وقدرة على التأثير. قد يكون المجتمع المصرى متعثرا اقتصاديا، لكنه بالتأكيد لديه ميراث ثقافى لا تضاهيه مجتمعات أخرى تظن فى نفسها أن لديها القدرة أن تكون بديلا له.

لا يوجد مجتمع آخر فى المنطقة العربية فيه الأزهر أو الكنيسة المصرية أو السينما، أو الأدب، أو الكفاءات البشرية، أو الآثار، أو الفنون، كل ذلك يدفعنا إلى الثقة فى أنفسنا، وهذه هى البداية، ثم السعى إلى استعادة دوائر التأثير التى تتمتع بها.

عناصر القوة الناعمة هى مؤسسات، أفكار، كادر بشرى.

نحتاج إلى إصلاح مؤسسى، تطوير مؤسسى، سمه ما شئت، المهم أن تصبح المؤسسات أكثر رشاقة تنظيميا، وقدرة على الإنجاز، وتقديم منتجات حقيقية. قد يتطلب الأمر تغييراً فى القانون أو تعديلاً فى اللوائح، وتوفير ميزانيات، وتحديث منشآت.... الخ.

الأمر الثاني- الأفكار- المجتمع يبدو فى أحيان كثيرة جافاً، لا يقدم أفكارا جديدة، فقط إعادة إنتاج لما هو قائم، وعدم القدرة على التفكير خارج الصندوق، وتأتى عادة الأفكار الجديدة من الاحتكاك بالمجتمعات المتقدمة، حيث من خلال التعليم تتولد رؤى جديدة يمكن أن تترجم فى مشروعات على أرض الواقع. كفى شرحاً للواقع، وتقصى جذور المشكلات فى الماضى، المطلوب الآن أفكار يمكن تنفيذها، وحلول لمشكلات قائمة، ورؤية لمستقبل نستشرف به المجتمع المصرى.

ثالثا، وأخيراً، الكادر البشرى، نحن بحاجة إلى بشر مؤهلين. فى السابق مصر أثرت فى السياق المحيط بها من خلال قيادات بشرية مختلفة، علماء دين، أدباء، صحفيين، فنانين، وصارت أسماؤهم ملء السمع والبصر، يتردد صداها فى أرجاء العالم العربى، وامتد تأثيرها إلى أفريقيا وأوروبا وآسيا.

خلاصة القول أن الكل يتحدث عن أهمية القوة الناعمة المصرية، وهى بالتأكيد مهمة، وبوابة للاقتصاد والسياسة، لكن علينا أن نكون جادين فى وضع تصور يحقق الأبعاد الثلاثة: إعادة بناء المؤسسات، ووضع الأفكار الجديدة، وتدريب وإعداد الكوادر البشرية، فلن تتحقق القوة الناعمة دون بنية أساسية، وهذه هى بنيتها الأساسية.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg