| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور طه أبو كريشة.. يكتب "نور وهداية": "وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"

  • | الأربعاء, 2 أغسطس, 2017
الدكتور طه أبو كريشة.. يكتب "نور وهداية": "وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"
د. طه أبو كريشة

من التوجيهات الربانية التى تخاطب مجتمع المؤمنين فى كل زمان وفى كل مكان ما جاء فى قول الله عز وجل آمرا «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» البقرة 195 وهو خطاب وأمر يستوجب التنفيذ والسمع والطاعة دون تفريط.

ودون تقصير ودون تسويف ودون تأجيل لأنه أمر من رب العالمين سبحانه وتعالى المعبود بحق لا معبود بحق سواه، ولان من شأن المؤمنين مع ربهم عز وجل أن يقولوا سمعنا وأطعنا.كما قال الله تعالى عنهم «إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون» النور 51، إن مقتضى السمع والطاعة أن يتحول القول إلى الفعل المرئى المتطور. ومن هنا فإن من شأن المؤمنين أن يترجموا فى حياتهم الأمر الربانى بالإحسان فى كل عمل يقومون به وفى كل قول يتلفظون به. وفى القرآن الكريم توجيهات تتعلق بإحسان القول، ومن هذه التوجيهات الآمرة ما جاء فى قول الله عز وجل «وقولوا للناس حسنا»، البقرة 83 وفى قوله سبحانه «وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن» الإسراء53، وإلى جانب الأمر بالإحسان جاء النهى عن القول السيئ وذلك فى قول الله تعالى «لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما» النساء 148، وفى مجال التوجيه إلى الإحسان فى العمل ما تضمنه قول الله عز وجل آمرا عباده «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون» التوبة 105، فالله عز وجل لا يأمر إلا بالعمل الحسن الذى استوفى كل معالم الإحسان مع التنبيه إلى أن هناك حسابا على ذلك أمام رب العالمين «ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى»، النجم 31، وكما قال الله تعالى «للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون. والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم» يونس 26-27.

إن على المؤمنين أن يتذكروا أن الأمر بالإحسان هو أمر عام يشمل كل مجالات العمل الدنيوى الذى يباشره الإنسان فى حياته على المستوى الفردى وعلى المستوى الجمعى. إن على المؤمنين أن يحسنوا العمل فى طرقاتهم التى يعبرونها ويمشون فيها بحيث لا يكون فيها ما يعوق الحركة وما يؤذي المارة وما يكون سببا فى إتلاف مركبة، أو إزهاق روح، والإحسان هنا هو إحسان قائم على استيفاء كل المواصفات العلمية الخاصة بإنشاء الطرق على النحو الذى نراه لدى دول سبقتنا فى هذا الميدان، وكان الأولى بنا نحن السبق لأننا مأمورون بذلك أمرا ربانيا سابقا على كل أمر بشرى، فالوحى الإلهى فى القرآن الكريم حافل بتوجيهات الإحسان والعمل الصالح الذى يأتى دائما مقارنا لصفة الإيمان، ومن شواهد هذه الحقيقة ما جاء فى قول الله عز وجل مقسما «والعصر إن الإنسان لفى خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر» سورة العصر.

ومن مجالات الإحسان فى العمل ما يتعلق بقضاء المصالح فى سائر الأجهزة التى تتعلق بالحياة اليومية التى يباشرها الناس فى حياتهم، فما من إنسان إلا وله حاجة لدى غيره من الذين أوكل إليهم فى وظائفهم قضاء حوائج الناس دون تفريط ودون إبطاء ودون تعقيد ودون تعليق الإنجاز على مقابل دنيوى حرام. إن الإسلام يرفع من شأن العاملين فى هذا الميدان وينظر إليهم على أنهم مختصون بذلك من رب العالمين قبل الاختيار البشرى للقيام بذلك. ونرى الإشارة إلى هذا الاختصاص الربانى فى قول النبى -صلى الله عليه وسلم- «إن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس يفزع الناس إليهم فى حوائجهم أولئك الآمنون يوم القيامة»، فعليهم أن يكونوا على قدر هذا الاختصاص فى إحسان قضاء الحوائج على النحو الذى يحقق لهم ثواب الأمن فى الآخرة.

هذان مثلان فى مجال احسان العمل يقاس عليهما غيرهما من سائر المجالات الحياتية صناعة وتجارة وزراعة وإعلاما وقبل ذلك كله تربية وتعليما.

إن علينا أن نعترف بأننا نشهد غيابا ملحوظا لفضيلة الإحسان القولى والعملى فى حياتنا، وعلينا أن نثوب إلى رشدنا عاجلا، وننفذ مستجيبين لأمر ربنا عز وجل «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين».

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg