| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور عمار علي حسن.. يكتب "تجديد": أسباب بقاء الجماعات المتطرفة على قيد الحياة "2 -2"

  • | الأحد, 13 أغسطس, 2017
الدكتور عمار علي حسن.. يكتب "تجديد": أسباب بقاء الجماعات المتطرفة على قيد الحياة "2 -2"
د. عمار علي حسن

طرحت فى مقال الأسبوع الماضى أربعة أسباب تؤدى إلى بقاء الجماعات والتنظيمات الدينية التى تسعى للوصول إلى السلطة السياسية، وحيازة الثروة الاقتصادية، وتحول الإسلام من عقيدة دينية إلى أيديولوجيا، وهى حاجة السلطة الحاكمة لها ومساعدتها إياها فى بعض فترات التاريخ المعاصر، وتفريغ الساحة أمامها من المنافسين المدنيين، وضعف التيار المدنى بوجه عام، إلى جانب غياب المشروع الوطنى.

أما العامل الخامس فهو القوة المتواصلة التى يضخها الخارج فى أوصال هذه الجماعات والتنظيمات، فى سياق توظيفها لخدمة مصالحه. فمن المنشأ قامت هذه الجماعات على أكف الخارج، إذ لعب الاحتلال الإنجليزى دورا أساسيا فى إنشاء «جماعة الإخوان المسلمين» فى مصر، و«الجماعة الإسلامية» فى الهند، وفق قاعدة «فرق تسد» التى برع الإنجليز فى تطبيقها، وذلك لإجهاض الحركة الوطنية المدنية التى كانت تطالب بالاستقلال.

وعاد الأمريكان، الذى ورثوا نفوذ الإمبراطورية البريطانية فى العالم الإسلامى، ليوظفوا هذه الجماعات فى مواجهة الاتحاد السوفيتى السابق، مثلما رأينا فى حركة الجهاد الأفغانى، التى حشدت إليها «سى. آى. إيه» عددا هائلا من شباب العالمين العربى والإسلامى، وبعدها جاءت «القاعدة» ثم «داعش» التى تتراكم الأدلة والقرائن على أنها، فى جانب مهم وأساسى منها، صناعة خارجية.

ولأن القوة الخارجية تستعمل هذه الجماعات والتنظيمات كـ «حصان طروادة»، الذى يُمكِّنها من أن تدس أنفها فى شئون بلادنا، فهى حريصة كل الحرص على أن تبقى هذه الجماعات موجودة ومستمرة وقوية، ولذا تمد لها يد العون كلما تلقت ضربات من السلطات الحاكمة، كى ترمم نفسها، وتشكل تهديدا للسلطة، وتواصل وظيفتها التاريخية فى إعاقة مجتمعاتنا عن التطور فى اتجاه المدنية والتحديث.

والعامل السادس هو استغلال التدين المنساب فى المجال العام، لجذبه نحو المشروع السياسى لهذه الجماعات. فكثير من الرؤى والمقولات التى تطلق على المنابر وفى أروقة المعاهد الدينية والجمعيات القائمة على «الدعوة» تتماهى مع جوانب من مشروع «الإسلام السياسى»، وبالتالى تحرث الأرض أمامه وهو يلملم جراحه، ويرمم شروخه، ويسعى إلى العودة مرة أخرى ليصبح رقما ذا بال على الساحة الاجتماعية السياسية.

أما العامل السابع فهو أخطاء السلطة الحاكمة فى التعامل مع الجماعات الدينية السياسية، إذ تصر على أن الحل الأمنى هو الأنجع، وتجهل أو تقلل من قيمة الحلول الأخرى الأقوى والأرسخ. فمواجهة هذه الجماعات يجب أن تتأسس على أن المعركة معها فكرية بالأساس، وهنا يبدأ دور التعليم والتثقيف والإصلاح الدينى والإعلام فى المواجهة، ثم هى معركة سياسية تتطلب وجود حياة سياسية طبيعية تصنع بمرور الوقت البدائل المدنية.

فإغلاق المجال السياسى، واحتداد القمع والكبت، يعطى فرصة للجماعات الدينية السياسية كى تنمو، مستغلة تعويق الآخرين، الذين يفتقدون مع القمع أى فرص لتنمية وجودهم بالتواصل مع الناس، بينما لا يعدم «الإسلام السياسى» وسائل الوصول إلى الجمهور، عبر منابر المساجد والجمعيات الخيرية والمناسبات الدينية.

لكل هذا نجد أن الجماعات الدينية السياسية، وفى مطلعها جماعة الإخوان، امتلكت دوما القدرة على «التطور الحلزونى» عبر التاريخ الحديث والمعاصر، بينما يعتقد المتعجلون والغافلون، من أهل الحكم، مع كل ضربة يوجهونها إليها أنها قد انتهت إلى الأبد، مع أنهم لم يفعلوا ما يؤدى، على الأقل، إلى تعويقها تماما، وهذا يؤدى إلى استعادتها لعمقها الاجتماعى أو مجتمعها العميق مرة أخرى.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg