| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور عبد الحليم منصور.. يكتب: تدويل الحرمين الشريفين

  • | الثلاثاء, 15 أغسطس, 2017
الدكتور عبد الحليم منصور.. يكتب: تدويل الحرمين الشريفين
د. عبد الحليم منصور

المتابع للعلاقات العربية فى الفترة المنصرمة، يجدها تمر بفترة شد وجذب، وعدم توافق على كافة القضايا العربية، والإقليمية، الأمر الذى حدا بدولة قطر أن تطالب فى الفترة الأخيرة - بعد سلسلة التصعيد ضدها، بسبب عدم تجاوبها مع مصر الكنانة ودول مجلس التعاون الخليجى - بتدويل الإشراف على الحرمين الشريفين فى مكة والمدينة، وذلك بخضوعهما لإشراف دولى بدلا من خضوعهما للمملكة العربية السعودية الشقيقة.

- وهذا الأمر جد خطير لأنه بذلك يدعو إلى التدخل فى الشئون الداخلية لدولة شقيقة هى السعودية، وفضلا عن ذلك التدخل فى الشئون الخاصة بنا نحن المسلمين، وهذا نذير شؤم على الأمة كلها، وعلى مقدساتها، وعلى ما يتصل بأمور دينها، وعقيدتها.

- إن للحرمين الشريفين مكانة عظمى فى نفوس كل المسلمين فى العالم، لأن أحدهما: حرم الله عز وجل بيته الحرام، وهو أول بيت وضع للناس، قال تعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ». والآخر: حرم رسوله عليه الصلاة والسلام، قال عليه الصلاة والسلام فيما روى عن أبى الزبير عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن إبراهيم حرم مكة، وإنى حرمت المدينة، ما بين لابتيها، لا يقطع عضاها - والعضاه: بالقصر وكسر العين وتخفيف الضاد المعجمة كل شجر فيه شوك - ، ولا يصاد صيدها».

- وهذه المكانة العظمى للحرمين الشريفين تجعل تعلق قلوب المسلمين وأبصارهم بهما قويا، ومن غير اللائق والمعقول أن يتم التعدى من أبناء جلدتنا، على ما له اتصال بعقيدتنا، وديننا، ومقدساتنا، عن طريق تدويل ما يتعلق بالحرمين الشريفين، ونزع سلطة المملكة العربية السعودية عنهما.

- وإذا كان هذا الأمر يمثل إشكالية دينية لدى دول العالم العربى والإسلامى، فى المساس بمشاعر المسلمين ومقدساتهم، فإن فيه أيضاً مساسا بالمواثيق الدولية، وقواعد القانون الدولى، التى تنص على مبدأ المساواة فى السيادة بين الدول، وعدم جواز التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة، لاسيما أن المملكة السعودية الشقيقة لديها من الوسائل والقدرة على تنظيم أمور الحج، وكذا العمرة على مدار العام، بشكل غير مسبوق، ولها من الخبرة فى تنظيم شعائر الحج على مدار ما يربو على ألف وأربعمائة عام ما لم يتوفر لغيرها من الدول، فضلا عن انفاقها بشكل غير مسبوق على توسعة الحرمين الشريفين، وصيانتهما، وفق خطط زمنية، بما يفى بمتطلبات جموع المسلمين فى شتى أنحاء المعمورة.

- كما أنها تعمل على إراحة الحجيج بكل السبل والوسائل، لأنها تعلم أن هذه البقعة هى حرم الله، وحرم رسوله عليه الصلاة والسلام، ومن ثم فالتزامها بهذا الأمر ينبع من العقيدة الدينية التى تحتم عليها فعل كل ما من شأنه أن يؤدى المسلمون مناسك الحج والعمرة فى أمان وراحة تأمين.

- إن طلب تدويل الحرمين الشريفين طلب له أطماع دينية فى المنطقة، وله أغراض خبيثة فى بث مزيد من الفرقة، والوقيعة بين دول العالم العربى والإسلامى، ويحقق أغراض إيران التى تسعى بكل قوة لتدويل الإشراف على الحرمين الشريفين، ويأتى طلب دولة قطر فى هذا التوقيت ليصب فى نفس الاتجاه، لتزداد نيران الفرقة والتشتت، وبدلا من أن ينشغل العرب والمسلمون بقضاياهم الإقليمية والدولية، يظلوا قابعين فى خلافاتهم الداخلية، ليظل بأسهم بينهم شديدا، وصدق الله العظيم إذ يقول: «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» الأنفال: (46)

- إننا نطالب دولة قطر وغيرها من الدول العربية بالعودة إلى الحضن العربى، كى تتوحد الأمة فى مواجهة عدوها الخارجى، وكى تقضى جميعها على الإرهاب الذى يقض مضجعها ليل نهار، وكى نحافظ على كياننا كعرب ومسلمين، وعلى مقدساتنا فى فلسطين، وفى السعودية، وحتى تظل راية الإسلام السمح المعتدل عالية خفاقة فى كل مكان من ربوع العالم.  حمى الله الأزهر * * حمى الله الجيش

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg