| 03 مايو 2024 م

أراء و أفكار

عماد الدين حسين.. يكتب: تشغيل القرآن.. وتشغيل العداد!

  • | الثلاثاء, 15 أغسطس, 2017
عماد الدين حسين.. يكتب: تشغيل القرآن.. وتشغيل العداد!
عمادالدين حسين

يوم 30 من يوليو الماضى قرأت على صفحة الصديق والإعلامى إبراهيم المنيسى رئيس تحرير جريدة الأهلى ما يلى: «سواق التاكسى يشغل إذاعة القرآن الكريم ولا يشغل العداد.. الدين عند البعض شكليات فقط»!.

ما كتبه الصديق هو تعبير صادق وأمين عما يحدث فى المجتمع المصرى منذ سنوات، وللأسف يتفاقم يوما بعد يوم من دون أمل فى تغييره قريبا.

هذا السائق الذى يشغل القرآن فقط من دون تشغيل العداد يعتقد أنه بتشغيل إذاعة القرآن الكريم، فإنه بذلك يكون قد استكمل الشكل الديكورى، ليصبح مسلما صالحا من دون أن يسأل نفسه، إذا كانت سلوكياته وتصرفاته تتوافق مع هذا المظهر والشكل أم لا؟!.

هو يسمع القرآن وهذا أمر جيد بالطبع لكنه يحاول أن يضحك على الراكب أو الزبون بأى شكل من الأشكال، ويخوض معركة دائمة مع الراكب من أجل الحصول على أعلى أجر ممكن للتوصيلة من دون أن يسأل نفسه: هل يتفق ذلك مع صحيح الدين أو القرآن الذى يسمعه؟!.

إحدى الصديقات علقت على صفحتى تقول: «لكن هناك أحيانا بعض السائقين يشغلون القرآن والعداد معا». وآخر كتب يقول إن أحد السائقين قال له «مش معنى أننى شغلت العداد سوف أحاسبك بالعداد!».

طبعا لا نقصد التعميم على سائقى التاكسى، فبعضهم محترمون ويراعون الله فى عملهم وفى الركاب، لكن نتحدث عن ظاهرة التدين الشكلى، وهى بالطبع غير قاصرة على سائقى التاكسى فقط.

نرى الكثير من أصحاب السيارات الملاكى يضعون مصحفا فى مقدمة السيارة وأحيانا فى الخلف، وبعضهم يضع سجادة معتقدا أن ذلك هو جوهر الدين بل إن «بعض اللصوص يسمى الله قبل أن يبدأ عمله ويدعو قائلا: استرها معانا وارزقنا ياقادر ياكريم!!».

إذاً المسألة لا تقتصر على فئة معينة بل هى تشمل كثيرين وأسبابها من وجهة نظرى كثيرة ومتنوعة، ومن بينها النماذج التى يمكن أن نطلق عليها تجار الدين أو حتى بعض الناس العاديين، الذين يركزون على الشكليات فقط بمعنى أنه يؤدى كل ما هو شكلى ومظهرى ويطيل اللحية ويصلى النوافل قبل الفرض ويرتدى الجلباب، لكنه على أرض الواقع يرتكب كل الموبقات.إذا كان موظفا عطل مصالح خلق الله وفتح درج مكتبه ليتلقى كل أنواع الرشاوى من فئة العشرين جنيها إلى الآلاف، وبعدها يذهب لأداء صلاة الظهر ويقضى ساعة جالسا فى المسجد تاركا أصحاب المصالح «ملطوعين» على باب مكتبه!!.

هذا النموذج للأسف متكرر فى قطاعات وفئات كثيرة لأن الثقافة التى سادت فى الحقب الماضية، كانت تشجع على ذلك، رغم أن الحديث واضح وصريح وهو أن «الدين المعاملة».

بالطبع لتغيير هذا الثقافة السلبية نحتاج لجهود كل الجميع وفى مقدمتهم الخطباء والدعاة والأئمة. هؤلاء ينبغى عليهم التركيز طوال الوقت وهم يخاطبون الناس، خصوصا فى خطب الجمعة على خطورة هذه الأفكار، وأن يشرحوا للناس أن الدين ليس فقط مجرد طقوس وشكليات بل هو فى جوهره سلوكيات وتصرفات. ونعلم تماماً أن «الإيمان هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل».

إذاً يستطيع الأئمة إقناع الناس خصوصاً البسطاء بأن الشكليات لا تغنى عن جوهر الدين شئيا، وأن تشغيل القرآن الكريم فى التاكسيات شىء طيب، لكن الأهم أن تتم معاملة الركاب بروح الدين، وبالقانون أى بتشغيل العداد تشغيلا صحيحا عادلا.

علينا أن نؤمن جميعا بأن الجوهر هو الأساس وليس الشكل.. قد نستطيع أن نضحك ونخدع الناس لكن لا يمكن إطلاقا أن نخدع الله «حاشا لله».. «وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون».

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg