| 30 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

محمد أبو شامة.. يكتب: "الإسقاط المتعامد" رداً على "وحيد حامد"

  • | الثلاثاء, 15 أغسطس, 2017
محمد أبو شامة.. يكتب: "الإسقاط المتعامد" رداً على "وحيد حامد"
محمد مصطفى أبو شامة

طَرَحَ الكاتب الكبير وحيد حامد سؤالاً خطيراً، جعله عنواناً لمقاله المنشور بصحيفة المصرى اليوم قبل أيام، الذى شنَّ فيه هجوماً على مشروع «أكشاك الفتوى» فى مترو الأنفاق، مزج فيه بين النقد والسخرية مع قدر (لا بأس به) من المبالغة، استَهَلَّه بالعنوان: «هل ستكون دولة دينية؟»، وأكمله بـ«المتن» الذى عَرَّضَ فيه بالمشروع ونَعَتَه قائلاً: «إن هذه البدعة تحمل إهانة للدين نفسه وتستخفُّ به وتتعامل معه على أنه مجرد بضاعة».

وعندما شرعتُ فى الإجابة عن سؤال أستاذى الغالى (مَتَّعَه الله بالصحة والعافية)، تذكرتُ «طريقة مونج» فى «الإسقاط المتعامد» التى تعلَّمتُها فى مادة «الهندسة الوصفية» إبان دراستى فى قسم عمارة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، مطلع التسعينيات من القرن الماضى، قبل أن ينحرف طريقى إلى كلية الإعلام فى الجامعة ذاتها، لأتخرج فى قسم الصحافة، ويتبدل حالى من «معمارى» يهوى الصحافة إلى «جورنالجى» عاشق للعمارة.

وطريقة مونج تعتمد على الإسقاطات المتعامدة للجسم على مستويين متعامدين، أحدهما أفقى والآخر رأسى، وبعد أن تتم عمليات الإسقاط يتم دوران المستوى الرأسى حول خط الأرض، وبعكس عقارب الساعة، لجَعْلِه يتطابق مع المستوى الأفقى، وتهدف هذه العملية إلى تسهيل قراءة وكتابة الرسم. كما أن وضع الإسقاط المتعامد يرسم خريطة لأيِّ شكل هندسى ويجعله فى حالة تقابُل، تصطفُّ فيه النقاط على خطوط مشتركة فى نقطة واحدة تُسمَّى مركز التقابل.

وإذا أخضعنا سؤالَ وحيد حامد لهذه الطريقة الهندسية، فسنصل إلى أن «مركز التقابل» فى فِكْر كاتبنا الكبير هو «فوبيا» الدولة الدينية، التى ربما تكون هى ما دَفَعَتْه لكتابة مسلسله الشهير «الجماعة»، الذى قَدَّم فيه قصة جماعة الإخوان، أشهر جماعة دينية فى تاريخ مصر (بحيادية تُحسَب له)، والذى تسبَّبَ دون قصدٍ منه فى الترويج لهم ومنحهم مزيداً من الشهرة والتأثير فى نُفُوس المصريين، كما مَهَّدَ الجزء الأوَّلِ من المسلسل الطريق لقيام دولَتِهِم الدينية التى كادَتْ تختَطِفُ مصر عقب ثورة يناير 2011، قبل أن يستعيدَها الجيش فى 30 يونيو 2013.

وتأثيرُ مسلسلِ «الجماعة» يجب أن تُخضِعَه الدولة للبحث من خلال مراكز دراسات اجتماعية متخصصة، لتدرك حجم التأثير لصالح «الإخوان»، لا سيما عَقِب عرض الجزء الثانى من المسلسل فى رمضان الماضى، الذى أعاد فيه حامد الروح إلى أفكار سيد قطب المتطرِّفَة، التى هبَّتْ من مَرقَدِها واستعادت طريقها إلى وجدان كثير من المسلمين، وهو ما جعل الجماعة تنشط من جديد، وهو ما اعترف به وحيد حامد صراحة فى مقالِهِ: «عادت جماعة الإخوان إلى فرض وُجودِها فى الشارع المصرى من خلال الملصَقات على زجاج السيارات ونَشْرِ شعاراتها فى الزوايا والمساجد الصغيرة، ونَشَطَ دُعاتُها من جديد، ويتمُّ تسجيل الأهداف من خلال هذا التسلُّلِ الظاهر للجميع».

سبق أن كَتَبْتُ عن مشروع «الكشك» فى مقال سابق: «أعتقد أن (المشروع) تجربة واجتهادٌ محمودٌ من مجمع البحوث التابع للأزهر، ويؤجَر عليه، مثلُه كمثلِ المجتهد فى أمور الدين سواء أخطأ أو أصاب، وأتمَنَّى فقط من المعترضين أن يجربوا بأنفسهم ويزوروا (الكشك)، وألا يكتفوا بالمبالغة فى خطورته على الدين وقُدُسِيَّتِه وعلى الدولة ومدنيَّتِها».

وأؤكد لكاتبنا الكبير أن خروج المشايخ من مكاتبهم ومساجدهم إلى كل ربوع مصر وشوارعها، لنَشْرِ صحيح الدين فى مشاريعَ تُجدِّد فكر الأمة وتنير عقول بسطاء المسلمين التى أظلمها فكرُ «الجماعة» وإرهابُها، لا يقلُّ عن دور الشرطة والجيش فى حماية الوطن.

وأدعوه وكلّ مثقفينا المحترمين الرافضين للأشكال الجديدة فى نَشْر الفكر الإسلامى المعتدل، أن يشاركوا الأزهر بأفكارهم وأطروحاتِهم من خلال مقالاتهم البنَّاءة، لتتكاملَ جهود التنوير وتُثمِرَ أفكارُ التجديد.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg