| 30 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

عماد الدين حسين.. يكتب: حادث القطار.. وتراجع القيم والأخلاق

  • | الأحد, 20 أغسطس, 2017
عماد الدين حسين.. يكتب: حادث القطار.. وتراجع القيم والأخلاق
عمادالدين حسين

ما الذى أصاب مرفق السكة الحديد لتصبح الحوادث تقع فيه بصورة شبه دورية؟!. طبعا هناك أسباب فنية واقتصادية ليس هذا هو المكان الملائم لمناقشتها.لكن أطرح سؤالاً عن التغيرات المتعلقة بالثقافة والقيم والأخلاق؟!.

فى شهر يناير الماضى قام احد العاملين الشجعان بالسكة الحديد، بوضع فيديو قصير على وسائل التواصل الاجتماعى يظهر فيه بعض السائقين والمساعدين داخل كابينة قطار فى مركز طنطا، يرقصون على أنغام أغنية شعبية وهم يتباهون بتعاطى المخدرات، فى حفلة ماجنة اثارت غضب الكثيرين على ما وصل إليه التسيب والانفلات وغياب الردع بمعناه القانونى والاخلاقى.

لولا وضع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعى، ما علمنا بالقصة، ولولا نشرها على الملأ ما تحركت هيئة السكة الحديد لتبرر وتقول إنها فردية وإنها اتخذت الإجراءات المطلوبة.

ما يشغلنى فى أمر هذه القصة هو الثقافة السائدة والمناخ العام الذى يجعل مجموعة من السائقين ومساعديهم يتبجحون بتعاطى المخدرات علنا فى قطار عمومى وأثناء أداء عملهم.

كيف «أمنوا العقاب فأساءوا الأدب» وما الذى جعلهم مطمئنين إلى أن فعلتهم سوف تمر مرور الكرام؟!.

هذا هو السؤال الذى ينبغى أن يقلقنا جميعا ويجعلنا لاننام حتى نصل إلى تشخيص حقيقى لهذا الفيروس اللعين الذى تسلل إلى أجساد وعقول قطاع لا يستهان به من المصريين.

فى الماضى عندما كان التلميذ يرى مدرسه فى الشارع، يجرى منه خجلا، وعندما كان يدخن سيجارة يطفئها فورا إذا شاهد مدرسه أو حتى شقيقه الأكبر، وليس فقط والده. كانت هناك أخلاقيات عامة تعمل حسابا للكبير وللقيم العامة.

كان من يدخن الحشيش والمخدرات عموما يتوارى عن الأنظار، تماما ويتخذ كل الاحتياطات لكى لا يعلم به أحد، الآن صرنا نرى نماذج من يتباهى علنا بتدخين وتعاطى المخدرات ووضع صوره على الفيس بوك؟!.

كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟! هذا هو السؤال الأهم، لكن السؤال الأكثر أهمية هو: كيف نخرج من هذه الحالة البائسة؟!

سائق القطار كان مثالا للالتزام خصوصا فى دقة المواعيد، فما الذى جرى بحيث تتسلل نماذج مثل حالة طنطا إلى داخل الهيئة، وما الذى يجعل الحد الأدنى من التواصل بين سائقى قطارى بورسعيد والقاهرة، منعدما فتقع الحادثة المأساوية فى مدخل الإسكندرية يوم الجمعة الماضى ويروح ضحيتها 42 قتيلا و132 مصابا؟!.

مرة أخرى لا أتحدث هنا عن النقاط الفنية وميكنة الإشارات وأسباب التعطل، ونقص الميزانية ولكن عن التأهيل والتدريب والتعليم والقيم والأخلاق التى تتفشى فى مجتمع وتغيب فى آخر!.

هذا التراجع فى القيم والأخلاق العامة ليس أمرا مقصورا على مرفق السكة الحديد، لكنه يضرب قطاعات كثيرة فى المجتمع. فى السكة الحديد هناك بالطبع العديد من النماذج المحترمة والخلوقة والملتزمة، لكن أقصد الحال التى وصلنا إليها، والتى تجعل بعض السائقين يتباهون علنا بتناول المخدرات فى قطار متحرك غير عابئين أو مكترثين بالعواقب.

المسائل كلها مترابطة وبالتالى فالإصلاح لا بد أن يكون شاملا وأن يبدأ من البيت والمدرسة والمسجد والكنيسة والإعلام.

مطلوب أن يتحرك كل منا فى مجال عمله ليصلح بقدر ما يستطيع، مطلوب من الأئمة والدعاة والخطباء أن يبذلوا كل جهدهم ليقولوا للناس إن جوهر الدين هو خدمة الناس والسلوكيات الصحيحة، واتقان العمل بأفضل الطرق المممكنة، وليس فقط بتقصير الجلباب وإطالة اللحية وتقصير الشارب.المسجد- ضمن مؤسسات كثيرة- يمكن أن يلعب دورا كبيرا فى هذا الأمر.. فماذا نحن فاعلون؟!.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg