| 30 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

محمد أبو شامة.. يكتب: حج "النافلة" أم صدقة "التطوع"؟

  • | الأحد, 20 أغسطس, 2017
محمد أبو شامة.. يكتب: حج "النافلة" أم صدقة "التطوع"؟
محمد مصطفى أبو شامة

يهل علينا «ذو الحجة» كل عام، محملا بمشاعر الإيمان والأمل فى القرب من المولى عز وجل، ويداعب الشوق قلوبنا المتطلعة إلى فيض خيرات الليالى العشر من هذا الشهر العظيم، والتى يتوجها «يوم عرفة»، أسعد أيام المسلمين، عندما يصطف حجيجهم على جبل عرفة فى اليوم التاسع ليؤدوا الركن الرئيسى من مناسك الحج، ويدعوا الله بقلوب خاشعة آملين أن يصدق عليهم قول النبى عليه الصلاة والسلام فى حديثه الشريف: «َالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّة»، بينما يكثف متابعوهم عبر شاشات التليفزيون من عموم المسلمين (الصائمين تطوعا فى هذا اليوم) دعاءهم وابتهالهم لأن يكونوا من المحظوظون وتصلهم «دعوة ربانية» ليحجوا فى العام التالى.

ورغم الرغبة الجامحة لدى غالبية المسلمين فى تأدية الحج أو العمرة وتكرارهما كل ما أمكن ذلك، فإن الجدل يشتد سنوياً قبل موسم الحج، حول أولوية التفضيل بين الحج والتصدق بأمواله على الفقراء، خاصة هذا العام الذى اشتد فيه الفقر وتعاظمت معاناة المصريين بفعل قرارات اقتصادية رأى متخذويها حتميتها لإصلاح اقتصاد البلاد، وبالغ البعض قبل شهور بمطالبة الدولة منع المصريين من الحج والعمرة هذا العام، وتقلصت المبالغات واستقرت عند «نافلة» الحج والعمرة.

ويختلف الكثيرون مع ما وصل إليه الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية وبعض علماء الإسلام فى سائر بلاد الأرض، من أن كفاية الفقراء والمساكين والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغير ذلك من وجوه تفريج كرب الناس وتخفيف آلامهم وسد حاجاتهم، والتى يجمعها معنى «الصدقة»، تسبق فى فضلها حج النافلة.

وفسرت «الإفتاء المصرية» ذلك بأن أحب النفقة إلى الله تعالى هى ما كان أنفع للناس وأجدى فى صلاح أحوالهم وإنعاش اقتصادهم، واستندت إلى ترتيب الأولويات فى التشريع الإسلامي؛ الذى أوصى عند التعارض بتقديم المصلحة المتعدية على القاصرة، والعامة على الخاصة، والناجزة على المتوقعة، والمتيقنة على الموهومة.

وفى المقابل، اتفق علماء كبار على مر التاريخ على أن حج النافلة أفضل من الصدقة بالمال الذى سينفق فى الحج، ومنهم ابن تيمية الذى قال: «الْحَجُّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ الَّتِى لَيْسَتْ وَاجِبَةً»، استنادا لقول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سئل أى الأعمال أفضل؟ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ، (رواه البخارى ومسلم).

وهناك أحاديث نبوية متعددة أيدت المعنى السابق وعظمت من قيمة الحج والعمرة وتكرارهما، وهو ما لا ينفيه أصحاب الرأى الأول لكنهم يوضحون قائلين: «هذه الأحاديث الشريفة تتناول استحباب التطوع بالحج والعمرة عند انتفاء المعارض وعدم تزاحم الحقوق فى أموال المكلفين، ولم يكن تكرار الحج والعمرة متعارضاً مع كفاية الفقراء وإنعاش الاقتصاد، فأما إذا تكاثرت الحقوق وتزاحمت واشتدت الحاجة إلى أموال الأغنياء لمواساة الفقراء ونجدة المحتاجين، وكانت نفقات الحج والعمرة باهظة التكاليف بحيث لو أُنفِقَت على الفقراء لقامت بكفايتهم وأصلحت أحوالهم».

ولن يتوقف الجدل حول التفضيل بين الحج والصدقة، وظنى أن النوافل وأعمال التطوع فى الإسلام يجب أن تخضع لقرار الشخص الذى سيقوم بها وقدرته ورغبته وحاجته الإنسانية، فهى أمور لا يصلح معها الفتاوى الجاهزة والموجهة، طالما ما يقوم به من نوافل (سواء حج أو عمرة أو صدقة أو صوم) يأتى فى إطار الحلال والمشروع.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg