| 18 مايو 2024 م

أراء و أفكار

علماء الأزهر والمثقفون يتحدثون عن الشيخ "العطار"

  • | السبت, 9 سبتمبر, 2017
علماء الأزهر والمثقفون يتحدثون عن الشيخ "العطار"

د.عبدالمقصود باشا.. أستاذ التاريخ الإسلامىالإمام الراحل كان أحد عظماء مفكرى الأزهر.. والتاريخ يعرفه بـ«إمام المجددين وكبيرهم»

د.محمود الصاوى.. وكيل كلية الدعوة الإسلاميةشارك فى صناعة نهضة مصر الحديثة.. وقاد حركة إصلاحية أحدثت حراكاً علمياً فى مصر والعالم الإسلامى

د.فوزى فهمى.. الرئيس الأسبق لأكاديمية الفنونصيحة الشيخ العطار أحدثت ثورة فى نظام التعليم المصرى.. ووضعت أقدام المثقفين المصريين على طريق المعرفة والعلوم الحديثة

 

قال الدكتور عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر؛ أن الشيخ حسن العطار، كان من كبار علماء الأزهر وعظماء مفكريه، واستحق بجدارة أن يلقب بـ«إمام المجددين وكبيرهم»؛ مشيراً إلى أن الإمام الراحل تولى مشيخة الأزهر الشريف فى الفترة من عام 1930 ميلادية وحتى وفاته فى 22 مارس 1935 ميلادية.

لمسات باقية

أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر؛ أكد أن لمسات الشيخ العطار، ما زالت باقية منذ رحيله وحتى الآن، فهو صاحب الرأى والمشورة فى إرسال طلاب أزاهرة إلى العالم المتقدم عسكرياً وطبياً وفيزيائياً وبحرياً وما إلى ذلك من العلوم الحديثة؛ فقد أشار على حاكم مصر فى ذلك الوقت محمد على باشا، أن يوفد طلاباً من الأزهر الشريف إلى أوروبا لينهلوا من العلوم المتقدمة التى وصلوا إليها ثم يعودون لينفعوا بها الأمة الإسلامية.

«باشا»؛ أضاف أن الشيخ حسن العطار هو من أشار أيضاً على محمد على باشا، بضرورة إرسال وفود طلابية أزهربية إلى أوروبا ليتعلموا فنون القتال والحرب المختلفة والحديثة؛ قائلاً: «وكان الإمام يقصد من وراء هذه المشورة تكوين جيش مصرى قوى، يستطيع الدفاع عن الوطن بعد أن أصبحت مصر فى ذلك الوقت مطمعاً لكل الدول الكبرى، وأصبح موقعها الجغرافى تنمو الرغبة فى الهيمنة عليه، ولذلك رأى الشيخ العطار ضرورة الوقوف فى وجه هؤلاء الطامعين عن طريق تكوين جيش كان الأزاهرة هم خط دفاعه الأول».

أستاذ التاريخ الإسلامي؛ أشار إلى أن الشيخ حسن العطار، خاف على أعضاء هذه البعثات العلمية والعسكرية أن يذوبوا فى المجتمع الأوروبى ويستهويهم المقام هناك وعدم العودة مرة أخرى إلى أرض الوطن، فتجسدت حنكته فى الإشارة على حاكم مصر فى ذلك الوقت محمد على باشا، أن يعين لهؤلاء المبعوثين إماماً هو تلميذه رفاعة رافع الطهطاوى، الذى كان أحد طلاب الأزهر المتفوقين والمتخصصين فى العلوم الدينية ليفتيهم فى أمور دينهم ويؤمهم فى الصلاة ويعدل لهم أى اعوجاج سلوكى أو نفسى.

حكمة الشيخ

ومن حكمة الشيخ العطار أيضاً - والحديث ما زال للدكتور عبدالمقصود باشا - أن اجتمع بأعضاء هذه البعثات قبل مغادرتهم أرض الوطن، وشرح لهم ما تتعرض له مصر من أخطار خارجية ومؤامرات عالمية وكان يهدف من وراء هذا أن يثتثير فيهم الحمية الوطنية التى تشجعهم على بذل المزيد من الجهد للنجاح فى مهمتهم؛ ثم حثهم على التعلم الجاد لتحقيق أقصى استفادة من التقدم العلمى الذى وصل إليه الغرب فى شتى مجالات العلوم، وأكد لهم أنهم أمل مصر والعالم العربى والإسلامى فى تحقيق التجديد والإصلاح العلمى.

أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر؛ أوضح أن أعضاء تلك البعثات العلمية كانوا خير سفراء لوطنهم فى بلاد الغرب، وأنه تأسس على أيديهم وعقب عودتهم مرة أخرى إلى المحروسة جيش وطنى قوى استطاع أن يمد نفوذ مصر إلى أعالى النيل بالسودان، وإلى فاشودة الواقعة على بحيرة فكتوريا، ونجح محمد على باشا بواسطة هذا الجيش الوطنى أن يبسط سلطان مصر على الجزيرة العربية كلها.

ثورة علمية

الدكتور عبدالمقصود باشا، أكد أن مصر جنت الكثير من الثمار جراء دعوات الشيخ حسن العطار التجديدية والإصلاحية؛ قائلاً: «أفكار الإمام الراحل أحدثت ثورة علمية فى شتى ربوع مصر، وكانت سبباً رئيسياً فى إنشاء مدرسة الطب، والتى تخرج فيها أطباء على قدر رفيع من العلم والمعرفة، وقس على ذلك مدارس الصيدلة والهندسة والفلك التى أنشئت أيضاً فى ذلك الوقت، وجميعها تحول فيما بعد إلى كليات مستقلة».

«باشا»؛ أوضح أنه لولا مناداة الشيخ حسن العطار، بضرورة الانفتاح على حضارة الغرب والاستفادة من تقدم أتباعها العلمى لما عرفت مصر فى ذلك الوقت الكثير من العلوم الحديثة وعلى رأسها الطب، ولك أن تتخيل حجم الكوارث الصحية التى كانت تعصف بالمجتمع المصرى قبل إرسال البعثات العلمية إلى أوروبا وإصلاح نظام التعليم بسبب أن حلاق القرية كان هو الطبيب الذى يشخص الأمراض ويعالج المرضى.

المدارس المتخصصة

أستاذ التاريخ الإسلامي؛ أشار إلى أن الشيخ العطار، كان له بالإضافة إلى ما سبق ذكره فضل عظيم فى الفكر والثقافة المصرية والعربية؛ فقد اهتم بتعليم تلاميذه - الذين كان على رأسهم رفاعة رافع الطهطاوي - اللغات وأنشأ مدرسة مخصصة لهذا الغرض بجانب إنشائه العديد من المدارس العلمية المتخصصة والتى كان لها الأثر الأكبر فى انفتاح مصر وشعبها على العالم الخارجى.

الدكتور عبدالمقصود باشا، اختتم حديثه عن الشيخ حسن العطار، قائلاً: «ولم يتوقف عطاء إمام المجددين الشيخ العطار عند هذا الحد؛ بل إنه فاق ذلك بكثير خاصة إذا علمنا أن الإمام الراحل كان بارعاً - بجانب تبحره فى العلوم الشرعية - فى الكثير من العلوم الحديثة مثل الطب والرياضيات؛ فالعالم الأزهرى قديماً كان موسوعة علمية والشيخ العطار كان من العلماء الموسوعيين الذى لا ينكر فضله إلا جاحد».

إمام المجددين

الدكتور محمود الصاوى، وكيل كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة؛ يؤكد أن الشيخ حسن العطار هو أحد المشاركين الأساسيين فى صناعة نهضة مصر الحديثة، وأول صوت نادى بإصلاح الأزهر؛ قائلاً: «كان إماماً للمجددين، وقائداً لحركة إصلاحية غيرت الوجه الحضارى لمصر بل والعالم الإسلامى كله؛ فقد كان الإمام الراحل متضلعاً فى العلوم الرياضية، فضلاً عن نبوغه فى العلوم الشرعية والعربية».

وكيل كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، يضيف بأن «أفكار الشيخ حسن العطار، سبقت زمانه، فهو وعلى غير المعتاد من علماء الأزهر فى ذلك الوقت كان يرى ضرورة الانفتاح على الغرب للنهل من علومهم الحديثة ونقلها إلى الشرق، وكان ينادى بحتمية التجديد وعدم الركون إلى النقل عن العلماء الأجلاء السابقين؛ فكان من نتاج أفكاره أن شهدت مصر حراكاً علمياً وبحثياً وفكرياً وثقافياً ما زالنا نجنى ثماره الطيبة حتى وقتنا الراهن».

ثورة علمية

«الصاوى»؛ يشير إلى أن الثورة العلمية والإصلاحية التى أحدثها الشيخ حسن العطار، فى المجتمع المصرى تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن علماء الأزهر الشريف هم رواد نهضة مصر الحديثة والمرتقين بها إلى مصاف الدول المتقدمة فى شتى المجالات فى كل زمان ومكان؛ قائلاً: «إن أيادى الفضل التى أهداها الشيخ العطار للمصريين لم تتوقف على سنوات حياته فقط؛ بل امتدت عقب وفاته متجسدة فى تلاميذه النجباء والذين كان أبرزهم الشيخ رفاعة رافع الطهطاوى والذى أدخل فى النظام الدراسى الأزهري - عقب توليه أمور المشيخة - المواد العلمية الحديثة لتدرس جنباً إلى جنب مع المواد الشرعية والعربية؛ ليصبح الأزهر منذ ذلك الوقت أعرق صرح علمى على مستوى العالم تخرج علماء نجباء متبحرين فى أمور دينهم ودنياهم».

وكيل كلية الدعوة الإسلامية؛ يؤكد أن علماء وطلاب الأزهر الشريف لم يعرفوا طوال عمر هذه المؤسسة العريقة الذى يمتد لأكثر من ألف عام أى نوع من أنواع الجمود الفكرى أو الانغلاق الحضاري؛ قائلاً: «مصر وجميع دول العالم العربى والإسلامى عرفت معنى التجديد ونجحت فى تحقيق الإصلاح والتبادل الحضارى والثقافى من خلال علماء الأزهر الشريف، ولعل الإمام الراحل الشيخ حسن العطار كان نموذجاً حياً يجسد هذه المعانى بكل وضوح؛ فدعواته الدائمة بحتمية الإصلاح والتجديد، وكذلك النهج الذى سار عليه هو وتلاميذه من بعده يفندان كل المزاعم والافتراءات التى يدعى أصحابها أن علماء الأزهر الشريف منغلقون على الماضى ولا تربطهم أى صلة بمجالات العلم الحديث».

الدكتور محمود الصاوى، اختتم حديثه لـ«صوت الأزهر»، قائلاً: «نقول لكل المدعين على علماء الأزهر الشريف، أنه لولا هؤلاء العلماء الأجلاء وعلى رأسهم الإمام المجدد الشيخ حسن العطار لما عرفت مصر طريقاً لعلوم الطب والصيدلة والهندسة والطبيعة والفلك والرياضيات وما إلى ذلك من علوم متقدمة، ولولا علماء الأزهر لما سلكت العقلية الثقافية المصرية طريقها إلى إجراء حوار حضارى وثقافى مع الأمم الأخرى؛ إن علماء الأزهر الشريف كانوا وما زالوا وسيظلون بمشيئة الله هم قادة ركب التقدم ورواد الإصلاح والتجديد فى كل زمان ومكان».

صيحة العطار

الروائى والكاتب الدكتور فوزى فهمى، الرئيس الأسبق لأكاديمية الفنون؛ يؤكد فى دراسة له أعدها حول الحملة الفرنسية على مصر، بعنوان: «صيحة الشيخ حسن العطار»، أن الأزهر الشريف كان بعلمائه وطلابه فى طليعة نضال المصريين ضد الغزو والاحتلال الفرنسى، وذلك بالرغم مما كان يملكه الغازى من منجزات علمية بارزة، عرفها المصريون فى سلسلة معاركهم معه، وأثارت دهشتهم بما تشكله من فتوحات جديدة فى معارف العلوم، لكن ما إن انتهى الاحتلال حتى اصطدمنا بالمفارقة، التى تقودنا إلى المدلول العميق لمعنى «التجدد» فى المنظومة الثقافية المصرية، التى واجهت المعرفة بالإكراه المفروض بوصفها مشروع احتواء وترويض واغتصاب، وتصدت لها بالممانعة والمناهضة.

«فهمى»؛ يضيف فى الدراسة ذاتها: «ثم بعد الاحتلال كشفت المنظومة الثقافية المصرية عن خيار مسالك انفتاحها للحصول على المعارف؛ إذ إن هذه الفتوحات العلمية الجديدة وضعتها أمام رهان التجدد.. رهان الطموح لامتلاك الإنجاز الغائب؛ فكانت المفارقة؛ إذ من الأزهر - المكان ذاته الذى واجه وقاوم اغتصاب الفرنسيين عنفاً وسيطرة واحتلالاً - طالب الشيخ محمد العروسى بأن تدرس فى الأزهر علوم الطب والكيمياء والطبيعة، ثم دوت الصيحة المشهورة لشيخ الأزهر الجليل حسن العطار بأن: بلادنا لا بد أن تتغير أحوالها وتتجدد بها من المعارف ما ليس فيها».

المعارف الجديدة

الرئيس الأسبق لأكاديمية الفنون؛ يشير إلى أن المنظومة الثقافية المصرية تجاوزت بصيحة الشيخ حسن العطار تجربتها المؤلمة؛ لتخضع لضرورة تجددها بالحصول على المعارف الجديدة، التى تستلزم الاتصال وامتلاك زمام اللغات وطاقة التعايش مع منتجى هذه المعارف والإنجازات، ثم التلقى عنهم اختياراً، وبدت مسالك الانفتاح فى استقدام العلماء، وإرسال البعثات إلى فرنسا ذاتها، لكن دون استلاب ودون ادعاء بالعصمة، ومطاردة الظل ومقاومة التجدد.

«فهمى»؛ يؤكد أن: «صيحة الشيخ العطار، كانت العامل الرئيسى فى إحداث ثورة إصلاحية فى النظام التعليمى المصرى بل وفى العقلية المصرية بمختلف توجهاتها؛ كما كانت تلك الصيحة أيضاً إحدى العتبات التاريخية للمنظومة الثقافية المصرية، فى اعتمادها على ذاتها لتستأنف مسيرتها وتواصلها فى معركة فقدان المعنى، التى تجلت فى صراعها المركب تجاه الغازى حرباً، والذى كان متفوقاً معرفة وعلماً، فهى وإن دافعت ضد انتهاك نظام وجودها، قد بادرت فى الوقت ذاته إلى الانفتاح لمواصلة خصوصيتها، وإعادة صياغة علاقتها بالآخر، لتؤسس طوراً جديداً فى صراعها ضد إخفاقاتها، ولتجدد أدوات إدراكاتها وفهمها».

الرئيس الأسبق لأكاديمية الفنون؛ يختتم دراسته، قائلاً: «إن دعوات وأفكار الشيخ حسن العطار، أزاحت المفاهيم التى كانت تطمس قيم العقلية المصرية، وأحدثت استجابة بالمواءمة والفهم لمستجدات الحياة؛ فكانت المنجية من متاهة الاستقالة فى مواجهة الواقع، إما تجاهلاً برفض آلى، وإما افتتاناً بتقليد أعمى، أو إقالة الواقع حين تحجبه أو تنفيه ذات أداة قراءته ومعاينته، أو تنتج فهماً مصطنعاً له، حيث الامتحان الكاشف لحيوية أى منظومة ثقافية فى مجتمع ما، يتبدى حين تخضع ذاتها للاستجواب بشأن شروط مصداقيتها وحدودها تجاه واقعها وراهنها، وذلك ما جسدته صيحة شيخ الأزهر الجليل حسن العطار».

  محمد أبوالعيون

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg