| 14 مايو 2024 م

أراء و أفكار

د.جمال سعد محمود جمعة.. يكتب "في المليان": يحرفون الكلم عن مواضه

  • | الأربعاء, 27 سبتمبر, 2017
د.جمال سعد محمود جمعة.. يكتب "في المليان": يحرفون الكلم عن مواضه
د. جمال سعد محمود

أصدر ديوان الإفتاء التونسى فى يوم 13/8/2017، بياناً ساند فيه مقترحات رئيس الجمهورية الباحى قايد السبسى التى طرحها فى كلمته بمناسبة العيد الوطنى للمرأة التونسية ودعا فيه للمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث والسماح للتونسيات بالزواج من أجانب غير مسلمين.

فى البداية أود أن أقول لمن ينادون بالمساواة بين الرجل والمرأة ويتشدقون بمثل هذه العبارات الرنانة، إننا لم نجد ديناً من الديانات الوضعية أو دستوراً من الدساتير يكرم المرأة ويضعها فى مكانتها اللائقة بها ويعطيها من الحقوق التى تستحقها مثل ما نجد فى الإسلام الذى كرمها أماً وأختاً وابنة، ويكفينا أن نسترجع ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم فى حجته الفذة الفريدة وهى حجة الوداع: «استوصوا بالنساء خيرا» اخرجه البخارى حديث رقم 5186، ورواه النسائى وأبوداود، وقول الله تعالى: «ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف» البقرة الآية: 228، وقول الله عز وجل: «وعاشروهن بالمعروف» النساء الآية: 19، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم مبيناً ما للأم من فضل عظيم عندما سأله أحد الرجال، فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحق الناس بحسن صحابتى؟ قال: أمك، ثم قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك»، رواه البخارى فى صحيحه كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة رقم5626 ورواه مسلم فى صحيحه كتاب البر والصلة والأدب باب من أحق الناس بحسن الصحبة حديث رقم 6664، فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث الأم ثلاث مرات والأب مرة واحدة لهو خير دليل وشاهد على تكريم المرأة وأنها عماد الأسرة وعصبها، والآيات والأحاديث فى هذا المقام تند عن الحصر، وإذا كانت المرأة فى الإسلام قد حباها الله عز وجل بهذا التكريم والتعظيم فلا يجوز لإنسان أيا كان منصبه ودرجته أن يعدل النصوص الشرعية أو يتدخل بهواه فى تأويلها تأويلاً متعسفاً غير مقبول، ونزيد هذه المسألة إيضاحاً فنقول لا بد لنا أن نحدد مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة كى لا ينشأ الخلط والاضطراب فى هذه المفاهيم، إن المقصود بمفهوم المساواة هو المساواة فى الحقوق والواجبات التى حددها الإسلام حيث لا تكون على أساس الجنس أو اللون أو العنصر، وقد بينا ذلك فى مقالنا السابق، فإذا أردنا أن نطبق مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة كما رسمه الإسلام علينا أن نتساءل هل سوى الإسلام بين الرجل والمرأة فى أحكام الميراث؟ والإجابة عن هذا السؤال تكون بالنفى قطعاً، واقرأ قول الله تعالى: «يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين» النساء صدر الآية 11، إن هذا النص صريح وواضح فى بيان المقصود منه وأنه لا يحتمل التأويل بحال من الأحوال فعلماؤنا الفضلاء بينوا لنا جواز التأويل عند استحالة إيراد المعنى الحقيقى فيؤول تأويلاً مجازياً، أما فى حالتنا هذه فلا يجوز لنا أن نؤول الآية تأويلاً متعسفاً، كما أنه لا يجوز لنا أن نجتهد فى فهمها لأنه لا اجتهاد مع النص، إذ إن الآية قطعية الثبوت وقطعية الدلالة أيضاً، إن الأحكام القطعية لا تقبل الاجتهاد ولا تتغير بتغير الزمان ولا المكان، إن الميراث فى الإسلام من الأحكام الشرعية وإن القرآن الكريم فصل مسألة المواريث فى سورة النساء وهى لا تقبل أى اجتهاد، وهو حكم قطعى لا يجوز المساس به أو الاجتهاد فيه من منطلق القاعدة الفقهية التى تقول: «لا اجتهاد مع النص القرآنى».

إن الدين الإسلامى يتضمن فى شريعته على ثوابت بينة وقطعية وإن من الثوابت أحكام المواريث التى تكفل الله بتفعيلها وبيانها فى القرآن الكريم ولم يدع أمرها لأحد من البشر بخلاف بعض مسائل الدين كما أن نظام المواريث فى الإسلام فيه انصاف للمرأة وليس ظلماً لها كما يقول المغرضون وخاصة أن حقها يعلو حق الرجل فى أحيان كثيرة.

يقول العالم الفرنسى «جوستاف لوبون» أستاذ القانون «إن مبادئ المواريث التى نص عليها القرآن الكريم على جانب عظيم من العدل والانصاف ويظهر من مقابلتى بينها وبين الحقوق الفرنسية والإنجليزية أن الشريعة الإسلامية منحت الزوجات اللواتى يزعمن أن المسلمين لا يعاشروهن بالمعروف حقوقاً فى المواريث لا نجد مثلها فى قوانينا».

إن توريث المرأة على النصف من الرجل ليس على إطلاقه لأن شريعة الإسلام عادلة فى تقسيم التركات حيث يوجد أكثر من ثلاثين حالة ترث فيها المرأة مثل الرجل وأكثر منه أو ترث هى ولا يرث معها الرجل شيئاً فى مقابل أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل وذلك لاعتبارات تقوم أساساً على درجة القرابة، وأعباء تكليف الرجل بجملة من النفقات التى تم إعفاؤها منها وهو تقسيم ربانى للتركات، وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالتزام أحكام القرآن الكريم فى هذه المواريث حيث قال: «اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله» أخرجه الإمام مسلم فى صحيحه كتاب الفرائض باب الحقوا الفرائض بأهلها، أخرجه الإمام البخارى فى صحيحه كتاب الفرائض، وحذرنا الله سبحانه وتعالى من مخالفة شرعه، قال تعالى: «ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين» النساء14.

وفيما يتعلق بزواج المسلمة بغير المسلم فهو محرم شرعاً بالكتاب والسنة والإجماع لأنه يفقد المودة والرحمة المقصودة من الزواج ويعتبر زواجاً باطلاً لقول الله سبحانه وتعالى: «ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا» البقرة الآية221، كما قال تعالى فى عدم حل النساء المسلمات للكفار: «لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن» الممتحنة الآية: 10، كما أن المسلم حينما يتزوج الكتابية لا يمنعها من ممارسة شعائرها الدينية فهو مأمور بتمكين زوجته الكتابية من ممارسة شعائر دينها، بينما زواج المسلمة من الكتابى قد يمنعها من ممارسة شعائر دينها لأنه لا يؤمن بدينها بينما المسلم يؤمن بجميع الكتب والرسل، إن التطاول على القرآن الكريم هو هدم الأحكام المقدسة ظاهره تطوير للفكر الإسلامى وباطنه تخريب ممنهج للدين عامة والإسلام خاصة.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg