| 13 مايو 2024 م

أراء و أفكار

محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب "رواق التجديد": سقوط الأخلاق بين "الروهينجا".. و"إيرما"

  • | الأربعاء, 27 سبتمبر, 2017
محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب "رواق التجديد": سقوط الأخلاق بين "الروهينجا".. و"إيرما"
محمد مصطفى أبو شامة

تفجَّرَتْ مؤخرا حوادث مؤلمة فى أقصى بقاع الأرض شرقاً وغرباً، بينما كُنّا فى بلادنا نتشاجر (ونتكايد) فى ردود فعلنا حول حادثين من هذه الحوادث توقف أمامهما العالم؛ الأول كان فى ميانمار (بورما) جنوب آسيا حيث مارست أجهزة الدولة والجيش (البوذية) حملةً مرعبة من التطهير العرقى ضد مسلمى الروهينجا (تخللها أعمال تعذيب واغتصاب وقتل) خلَّفَتْ وراءها أكثر من 300 ألف لاجئ ومشرَّد، أما الثانى، فكان إعصار إيرما الاستوائى الذى اجتاح الجنوب الشرقى للولايات المتحدة الأمريكية، والذى يُعتبر أشد إعصار فى منطقة المحيط الأطلنطى منذ عشر سنوات، وقد أسفر عن وقوع خسائر فادحة.

وبين الحادثين انفضحت أخلاقنا، وأخلاقهم، ولم ينجُ أحد من هذا السقوط وهذه “الشيزوفرينيا” السلوكية؛ ففى بلادنا الإسلامية وفى الوقت الذى كنا نستجدى العالم ليتعاطف مع مسلمى الروهينجا الهاربين من بطش نظام فاسد وظالم، خرَجَتْ أصوات شامتة وساخرة مما يحدث للأمريكيين الفارِّين من قسوة الطبيعة فى فلوريدا وشقيقاتها من الولايات الأمريكية، وتعالت أصوات تدعو عليهم بمزيد من الكوارث والدمار.

والموقف العكسى كان أسبق؛ فلم تهتزَّ شعرة واحدة فى رأس العالم الغربى (الحر.. الحنون.. نصير حقوق الإنسان) على ما يحدث للمسلمين، للحد الذى دفع الإمام الأكبر شيخ الأزهر فى بيانه التاريخى لإدانة ما يحدث لمسلمى الروهينجا أن يقول: “إن هذا المشهد الهمجى واللاإنسانى ما كان ليحدث لولا أن الضمير العالمى قد مات، ومات أصحابُهُ، وماتَتْ معه كل معانى الأخلاق الإنسانية، وصمَتَتْ بموتِهِ أصواتُ العدل والحرية وحقوق الإنسان صمتَ القبور، وأصبحت كل المواثيق الدولية التى تعهَّدَتْ بحماية حقوق الإنسان وسلام الشعوب وحقِّها فى أن تعيش على أرضها، أصبح كل ذلك حبراً على ورق، بل أصبح كذباً لا يستحق ثمن المداد الذى كُتِبَ به”.

ولم يكتفِ الغرب بذلك، بل خرجت تقارير إعلامية تُعزِى ما قامت به حكومة ميانمار (بورما) إلى “هجمات شنَّتْها (الجماعة المتمردة) على مراكز للشرطة فى ولاية راخين، ردَّ عليها الجيش بحملة عسكرية واسعة النطاق”، مغفلةً تاريخَ هذه الأقلية المسلمة (الروهينجا) التى تضمُّ نحو مليون شخص وتعد أكبر مجموعة بلا جنسية فى العالم، ومعاناتها عقوداً من التمييز فى بورما (حيث أغلبية السكان من البوذيين)

فيما اكتفى الدالاى لاما، الزعيم الروحى للتبت، بعبارات محايِدَة، منها أنه يشعر بـ”(الحزن الشديد) إزاء العنف فى ميانمار”، وأضاف فى تصريحات صحفية أن “بوذا لو كان فى مثل هذه الظروف كان سيساعد بالتأكيد هؤلاء المسلمين المساكين”.

وبعيداً عن هذا التناقض الأخلاقى الذى يعيشه العالم فى كل قضاياه الإنسانية، لا يفوتنا أن نثمن جهود الأزهر المستمرة، ومحاولاته المتصلة لإيجاد حل لهذه الأزمة، حيث سعى بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين إلى تجميع الفرقاء المتصارعين فى راخين، واستضاف مطلعَ هذا العام بالقاهرة عدداً من القيادات الشابة يمثلون جميع الأديان والعرقيات فى ميانمار، وذلك كخطوة أولى لوضع القضية على طريق السلام؛ إلَّا أن بعض القيادات الدينية فى ميانمار ضَرَبَتْ بهذه الجهود عرض الحائط، وسمحت لهم ضمائِرُهُم بأن يتحالفوا مع عناصرَ متطرفةٍ مِن جيش الدولة المسلَّح، للقيام بعمليات إبادةٍ جماعيةٍ وتطهيرٍ عرقيٍّ ضد المواطنين المسلمين.

حقاً، لا نملك لهم إلا الدعاء فى ظل عالم لا يحترم الفقراء (ولا يشغل بالَه بالمسلمين إلا لو كانوا أغنياء أو من داعش) ، ولكن لن ننسى أيضاً أن ندعو أيضاً لكل هارب أو مضطهد أو مشرَّد أو لاجئ فى أى مكان فى العالم (حتى لو كان كلباً أمريكياً) بأن ينقذه الله ويرده سالماً إلى بيته ووطنه.

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg