| 14 مايو 2024 م

أراء و أفكار

عماد الدين حسين.. يكتب "بالمنطق": حج مكروه.. أم حرام؟

  • | الخميس, 28 سبتمبر, 2017
عماد الدين حسين.. يكتب "بالمنطق": حج مكروه.. أم حرام؟
عمادالدين حسين

عقب نهاية موسم الحج لهذا العام، نشرت بعض الصحف السعودية تحقيقات مصورة عن «الحج الفاخر» أو «حج النجوم السبعة» لأكثر من 700 مسلم من بينهم مصريون.

الصحيفة السعودية فتحت الباب، ثم توالت التقارير التى ذكرت أن تكلفة الليلة الواحدة فى هذا النوع الفاخر جدا من الحج يتكلف ١.٦ مليون جنيه.. ويتضمن خياماً مكيفة الهواء وكراسى للمساج والنوم، وبوفيهاً مفتوحاً، وشواء لعشرات الخراف على الفحم ووسائل تسلية وترفيه تليق بمنتجع سياحى فاخر وليس بالحج!.

هؤلاء الحجاج لا يقضون أكثر من أربعة أيام فى السعودية وربما ثلاثة، يسافرون قبل الوقوف بعرفة مباشرة ويمكنهم المغادرة فى اليوم الثانى لعيد الأضحى باعتبارهم من المتعجلين.

ولأننا نعيش «عصر السوشيال ميديا» بامتياز، فقد صار هذا الموضوع مسيطرا على معظم المنتديات والمناقشات والمجادلات التى اتفقت معظمها تقريبا على انتقاد مثل هذا النوع من الحج للدرجة التى وصفه البعض بأنه «حج حرام» أو «حج مكروه».

قبل سنوات كان بعضنا يتندر على ما أطلق عليه البعض «الحج السياحى». هذا النوع نشأ أولا لمن لم يتمكنوا من الفوز بحج القرعة الذى تنظمه وزارة الداخلية، أو حج الجمعيات التى تنظمه وزارة التضامن الاجتماعى.وشيئا فشيئا بدأنا نشهد ظهورا خجولا «للحج الفاخر» الذى تنظمه شركات سياحية صارت متخصصة فيه.

لكن لم يكن أحد يتصور أن نصل إلى هذه المرحلة التى يكاد فيها الحاج لا يذهب إلا لعرفات، ثم يقوم بتوكيل من ينوب عنه لرمى الجمرات.

الآن صرنا نسمع ونقرأ عن نوادر حج هذه الفئة الذى يتنافى مع طقوس كثيرة منه مع مفهوم الحج باعتباره الركن الخامس للإسلام ومشروط فقط بالاستطاعة والقدرة، وليس استخدام المال للمنظرة والتباهى.

لكن الذى نشر عن حج الـ٧٠٠ شخص وطريقة معيشتهم قد تؤثر على نظرة الكثيرين، بل ربما تعطى سلاحا فى يد أعداء الإسلام للقول إنه يتحول إلى مجرد طقوس.

المفترض أن أحد جوانب فلسفة الحج هو المساواة بين الجميع، بين الغنى والفقير وبين الحاكم والمحكوم بين العربى والعجمى بين الأوروبى الأبيض والأفريقى الأسود.

لكن ما يفعله الـ٧٠٠ حاج وأمثالهم ينسف هذا المفهوم الطبيعى والمنطقى للحج.. هؤلاء يركزون على الطقوس وليس العبادة، على الشكل وليس المضمون، على التعجل وليس التأنى، على مجرد الوجود الجسدى فى مكة وليس الوجود الروحى باعتبار الحج فرصة لغسل الذنوب والعودة كيوم ولدتنا أمهاتنا.

غالبية رجال الدين انتقدوا هذه الظاهرة واعتبروها تتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية ومقاصد الحج.. بل إن أحد رجال الدين اعتبره- فى تصريحات صحفية - «مكروها» بسبب ما يشهده من إسراف وإفساد وضياع للأموال وإهدار آلاف الأطنان من الأطعمة والمشروبات، بل يتخلله الرياء والسمعة والعجب والفخر، وهى أمور تتنافى مع صفات المسلم الزاهد الذى يفترض أنه يخلع رداء الدنيا، ويجود بنفسه وروحه لله، إضافة إلى أن «التنعم» فى الحج يتنافى مع «المشقة» التى يتضاعف أجر الحاج فيها، استنادا إلى حديث صحيح للرسول عليه الصلاة والسلام.

الغريب أن مثل هذه الأفواج التى تضم رجال أعمال وفنانين ولاعبى كرة وشخصيات عامة، يكون معها بعض رجال الدين.والمفترض أن رجل الدين يقوم بتنبيه هؤلاء الحجاج بأن بعض ما يفعلونه يتنافى مع مقاصد هذا الدين الحنيف. صمت رجال الدين الموجودين مع هذا الافواج، على هذه المظاهر مريب جدا، ويتناقض مع أى فهم منطقى للإسلام.

زيادة مثل هذه المظاهر، من شأنها أن تعطى سلاحا فى يد كل من يحاربون الدين، وتسهل من مهمتهم فى إقناع كثيرين بأن هؤلاء «السفهاء» هم من يمثلون الدين وليس الملايين غيرهم، الذين يبيع بعضهم كل ما لديه، بل ويقترض أحيانا من أجل إتمام هذه الرحلة، التى يحلمون بها طوال حياتهم تقريبا.

هل يجب أن تتدخل الحكومات أو الوزارات والهيئات ودار الإفتاء ومشيخة الأزهر، كى تقول لهؤلاء الحجاج إنكم تسيئون إلى الدين وإلى الفريضة وإلى أنفسكم، وإن حجكم بهذه الطريقة قد لا يكون مقبولا وحتى إذا تم قبوله فإنه قد يعطى دلالات سلبية للغاية؟

لو أن هؤلاء الحجاج تصدقوا بالأموال التى صرفوها على هذا الحج الفاخر، فربما حصلوا على حسنات أكثر كثيرا من وجودهم فى الخيام الفاخرة فى منى، والفنادق المتميزة جدا حول الحرم الشريف.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg