| 10 مايو 2024 م

أراء و أفكار

فضيلة الدكتور "عباس شومان" وكيل الأزهر.. يكتب: الأزهر .. وبشارة النصر

  • | الإثنين, 9 أكتوبر, 2017
فضيلة الدكتور "عباس شومان" وكيل الأزهر.. يكتب: الأزهر .. وبشارة النصر
د. عباس شومان .. وكيل الأزهر الشريف

فى تاريخ الأمم والشعوب أيام لا تنسى مهما مر عليها الزمان، بل إن هذه المناسبات تحمل من معانى الكرامة والنصر والعزة للشعوب ما يحملها على أن تستحضرها وتخلد ذكراها، وتأخذ منها ما يعينها فى حاضرها ومستقبلها.

ومن المناسبات الطيبة التى شكلت فارقا فى تاريخ مصر يوم النصر والعزة يوم السادس من أكتوبر عام 1973م الموافق العاشر رمضان 1393 هـ، وهو يوم نصر الله فيه مصر والعرب على الاحتلال الصهيونى الإسرائيلى الغاشم بسواعد جنود فتية وصفتهم السُّنة بأنهم «خير أجناد الأرض»، وذلك بعد سلسلة من الهزائم المرَّة.

وقد كنت زمن الحرب طالبا صغيرا فى بداية المرحلة الإعدادية لم أتجاوزها بعد،  وبالرغم من حداثة السن إلا أنى كنت أشعر وغيرى بمرارة غريبة، وإحباط وأسف جراء هزيمة 1967م، وأذكر أننا كنا نلتف حينئذ حول الراديو نتلقف أية معلومة تهزم هذا الإحساس البغيض بالانكسار، وتبعث فى النفس أمل الانتصار.    

ولا أنسى أبدا هذا الشعب الذى لم يتأخر عن تقديم المساعدة، فالبعض ذهب إلى الجبهة، والبعض ذهب إلى المستشفيات، والبعض يتبرع، والكل يسعى ولا يتأخر فى خدمة وطنه، بل كان الجميع يسعى فى تحقيق النصر والغلبة والعزة والكرامة لهذا الوطن.

وأذكر كذلك هذا الشرف الذى أدركته بالالتحاق بجيش مصر العظيم، ومشاركة ضباطه وجنوده حياة الجندية وحماية الوطن، ولا أنسى مشاعر الفخر التى ملأت وجدان أفراد هذا الجيش بهذا النصر الساحق، وما زالت تملأ نفوس المصريين والعرب أيضاً.

وحين تمر على خاطرى هذه الذكريات أجدنى أخاطب من كل قلبى شعب مصر الراقى، وأهنئه بهذه المناسبة الطيبة، وبالفوز فى حرب الكرامة، وأشد على سواعد جيش مصر وأبنائه الأبطال، وأفخر بهم وهم يباشرون مهام حماية الأرض والعرض من الخارجين على هذا البلد الأمين، الذين يعبثون بمقدرات هذا الوطن.

وأجدنى كذلك مناديا بنى قومى قائلا: إن الله الذى نصرنا يوم الكرامة على الصهيونية ومن ساندها من القوى الدولية، قادر كذلك على أن ينصرنا اليوم لننهض ببلادنا، فتكون فى مقدمة الدول، ولننهض بأمتنا لتكون هادية للأمم، إن أخذنا بالأسباب التى أباحها لنا رب العالمين.

إن الحروب يلزمها عدة وعدد وعتاد وإعداد، لكن الجيش المصرى ومن عاونه تسلح بما استطاع من هذا كله، وقبل كل هذا ومعه تسلح بالإيمان بالله، والإخلاص له، ولذلك كان هتاف الجنود على أرض المعركة: «الله أكبر»

إن تسلح الجنود بالإيمان بالله بالإضافة إلى الأخذ بأسباب الدنيا كان أهم عوامل النصر، ولذلك لم يكن غريبا أن تأتى البشارة بالنصر على لسان رجال الأزهر الشريف قبل وقوعه من الجنود البواسل على أرض عزيزة هى مهبط الوحى وممر الأنبياء.

إن النبى الذى وصف جنود مصر بأنهم خير أجناد الأرض لم يكن بعيدا عن انتصارهم وبلدهم، فقبل حرب العاشر من رمضان كانت هناك رؤية مبشرة من شيخ الأزهر وقتها الإمام عبدالحليم محمود، ساقها إلى الرئيس محمد أنور السادات، فكانت أحد أسباب ترسيخ أمل النصر فى نفس رئيس مصر. رأى الإمام والعالم عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الشريف فى هذا الوقت قبل حرب أكتوبر رؤية مبشرة خاصة أن البلد كان يمر بظروف صعبة بعد الهزائم المتتالية من العدو الصهيونى، وإحساس الشعب المصرى بالانكسار والهزيمة حيث رأى رسول الله صلى الله علية وسلم فى المنام وأخذه هو ومعه علماء المسلمين والقوات المسلحة وعبر النبى قناة السويس فى إشارة منه إلى نجاح العبور للجيش المصرى.

وحين استيقظ ذهب على الفور إلى الرئيس محمد أنور السادات وأخبرة بما رآه فى المنام ليرسخ فى عقل السادات أمل النصر والعبور، واقترح عليه أن يتخذ قرار الحرب مطمئنا إياه بالنصر وبعدها ذهب مسرعا إلى منبر الأزهر الشريف وألقى خطبة قال فيها إن حربنا مع إسرائيل هى حرب فى سبيل الله وإن الذين يموتون فيها شهداء ولهم الجنة ومن تخلف عنها منافق.

ولم يقف دور الأزهر عند هذه الرؤيا الطيبة، بل إن رجال الأزهر الشرفاء شاركوا بأنفسهم فى الحرب لحث الهمم واستنهاض العزائم، وانطلقت كتائب الدعاة بين الجنود لتخبرهم أن النصر لا يكون بقوة السلاح فقط، وإنما يكون بقوة الإيمان، وبالصدق مع الله تعالى، وبوضوح الهدف الذى يقاتل من أجله الإنسان، ويكون بالتوكل على الله «بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ» وأنه إن مات مات شهيداً، وإن عاش عاش حميداً، فكانت صيحة المجاهدين فى الميدان (الله أكبر).

لقد نزل علماء الأزهر الشريف مع الجنود ساحة القتال لتثبيتهم معنويا، وكانوا يرافقونهم فى الخنادق وفى أماكن التحصينات، وكان لديهم تصريحات خاصة حمراء اللون يتقدمون بها إلى خطوط القتال الأولى، وينزلون إلى الثكنات العسكرية، وقد سجلوا صفحات ناصعة فى التأهيل النفسى من علماء الأزهر للجنود.

ولا ننسى أن نصر أكتوبر تضافرت كل هيئات البلد على إنجازه على رأسهم القوات المسلحة.

إن هذه الحرب التى ردت إلى مصر أراضيها المسلوبة من هذا العدو الصهيونى الغاشم لا ينبغى أن تنسى، بل يجب أن يتذكرها الناس جيلا بعد جيل؛ ليتعلموا قيمة هذا الوطن، وليشعروا فى قرارة أنفسهم بمكانته ومنزلته، فيعملوا على رفعته.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg