| 18 مايو 2024 م

أراء و أفكار

أزهريون على خط النار

  • | الخميس, 5 أكتوبر, 2017
أزهريون على خط النار

هتاف «الله أكبر» لم يكن متفقاً عليه لكنه خرج تلقائياً من صدر كل جندى ينتظر لحظة العبور

رغم الدور الدعوى والمعنوى الذى قام به دعاة الأزهر من خلال الجولات والمحاضرات التى قدموها للجنود لرفع معنوياتهم وبث روح الايمان والفداء والثقة بينهم والتى تكللت بتحقيق النصر جنبا إلى جنب مع الاستعدادات العسكرية والقتالية لقواتنا المسلحة فإن دور الأزهر الشريف لم يتوقف عند هذا الحد، بل كان له دور تاريخى فى حرب أكتوبر المجيدة، حيث شارك العديد من أبنائه وشيوخه فى الحرب، سواء بالمشورة أو بالدعوة وتحفيز الهمم بين الجنود والحث على القتال، أو بمشاركة جنود من أبناء الأزهر فى الحرب حاملين السلاح دفاعا عن الأرض والعرض.. وكان كل من الشيخ محمد متولى الشعرواى، والشيخ عبدالحليم محمود، والشيخ حسن مأمون، والشيخ محمد الفحام، من أبرز علماء الأزهر الذين استعانت بهم القوات المسلحة خلال الحرب بوجودهم وسط الجنود أثناء استعدادهم للقتال، من أجل حث الجنود على مواصلة القتال وتحقيق النصر.. وفى السطور التالية ترسم «صوت الأزهر» ملامح وجوه أزهرية بذلت الجهد والعرق على جبهة القتال حتى تحقق النصر واستردت مصر كرامتها..

د. طه أبوكريشة: الدعم المعنوى لعلماء الأزهر كان موازيا لدور الجنود والمقاتلين

يروى الدكتور طه أبوكريشة نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق ذكرياته على الجبهتين، حيث شارك فى حرب 67 وحرب أكتوبر 73 قائلا: «التحقت بكلية الضباط الاحتياط التى كانت موجودة بمنطقة فايد بالإسماعيلية، واستمرت خدمتى بالكلية 10 سنوات منذ 1963 حتى 1974، وكنت مكلفا بمهمة الشئون المعنوية فى القوات المسلحة فى المناطق المتعددة شمالاً وجنوباً وشرقاً، وخلال هذه الفترة التى لا تنسى، والتى تعتبر نقطة بارزة فى رحلة عمرى.

ويستطرد أبوكريشة: مازلت أتذكر ما تم فى حرب 67 والأسباب التى أدت إلى الهزيمة فى هذه الحرب، ورغم الهزيمة إلا أنها كانت بمثابة نقطة الانطلاق إلى النصر، والتحضير المسبق لحرب أكتوبر 73.

وتابع: دور علماء  الأزهر والدعاة كان موازيا لدور الجنود والمقاتلين من أبناء القوات المسلحة فالروح المعنوية يجب أن تتساوى مع الروح القتالية التدريبية وقد كان علماء الأزهر يتعايشون مع القوات فى مواقعها مذكرين لهم بعوامل النصر التى يجب أن يتزودوا بها إلى جانب التدريب العسكرى، بالإضافة إلى أنهم استطاعوا تجهيز قواتنا المسلحة تجهيزاً معنوياً، من حيث المحافظة على أداء الصلوات المفروضة وصيام رمضان، والالتزام بكل الواجبات الدينية، عن طريق الندوات التى تُذكرهم بالماضى المجيد فى تاريخ الإسلام وفى كافة المناسبات التى تتعلق بهذا التاريخ العظيم كذكرى الهجرة النبوية الشريفة، وغزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، إضافة إلى ذكرى التاريخ فى مقاومة الصليبيين، ومقاومة قطز للتتار إلى غير ذلك من المناسبات.

 وعلل سبب اختيار القادة موعد حرب أكتوبر فى شهر رمضان لأن هذا الشهر هو شهر الانتصارات فى التاريخ الإسلامى منذ غزوة بدر الكبرى وفتح مكة، وأنه تم استخدام رمز دينى للمعركة حيث أطلقوا عليها الاسم الحركى وهو «بدر»، بالإضافة أن «بدر» لها وزنها التاريخى الذى كانت تمثله كأول انتصار لجيوش الإيمان على جيوش الكفار وكذلك أول لقاء على الرغم من قلة جيش المؤمنين فى العدد والعدة وكثرة عدد المشركين فى العدد والعدة.

ونوه إلى أن صيحة «الله أكبر» كانت أول دلائل النصر حيث زلزل صداها الأعداء وألقى الرعب فى قلوبهم، وأن الجنود استطاعوا بفضل علماء الأزهر والدعاة أن ينتصروا فى وقت قصير جدا على الجيش الذى كان دائما يعلو صوته بانه الجيش الذى لا يقهر، حيث استردت الكرامة والعرض قبل الأرض، للعالم العربى والإسلامى، وتم من خلال ذلك محو الهزيمة السابقة فى حرب 67.

د. عمر هاشم: شيخ الأزهر رأى بشائر النصر.. والجنود: «لن نفطر إلا فى الجنة»!

يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، الذى كان من ضمن المشاركين فى حرب أكتوبر المجيدة، إنه شارك مع الجنود فى حرب العاشر من رمضان، وذلك من خلال وجوده مع الجنود لتثبيتهم معنويا، ودعم روحهم المعنوية، وحثهم على القتال والنصر، مشيراً إلى أن بعض علماء الأزهر ممن كانوا فى الجيش وقتها كانوا يخرجون مع الجنود إلى ساحة القتال لتثبيتهم معنويا، وكانوا يرافقونهم فى الخنادق والثكنات، وفى أماكن التحصينات، ويؤازرونهم، ويقاتلون معهم، وكانت لديهم تصريحات خاصة بهم، تميزهم، بحيث كانوا يوجدون مع الجنود فى كل مكان. وأوضح هاشم، أن شيخ الأزهر وقتها الدكتور عبدالحليم محمود، صعد منبر الجامع الأزهر، وأخذ يخطب فى الناس، ويؤكد لهم بأن الحرب مقبلة وسوف ننتصر، وأنه يستبشر خيرا بأن النصر مقبل، وأضاف أن الشيخ عبدالحليم محمود استعان فى هذا الصدد بأساتذة جامعة الأزهر ورجال الدعوة لتعبئة الروح المعنوية لأبناء قواتنا المسلحة، وأنه عند لقاء العلماء بأبناء الجيش فى شهر رمضان أثناء الحرب أفتى بعض الدعاة للجنود بأنه نظراً لحرارة الجو وحاجة الحرب إلى كامل طاقتهم، من المستحب الأخذ برخصة الفطر لتكون عونا لهم فى الانتصار على العدو الصهيونى، بيد أن بعض الجنود أجابوا قائلين: «لا نريد أن نفطر إلا فى الجنة!».

وأشار إلى أن الشيخ عبدالحليم محمود، قبيل حرب رمضان المجيدة، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة، فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر، وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئناً إياه بالنصر، ثم لم يكتف بهذا، بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف، وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبيناً أن حربنا مع إسرائيل هى حرب فى سبيل الله، وأن الذى يموت فيها شهيدٌ وله الجنة، أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق. وتابع: وكانت نتيجة الإعداد الجيد الذى قام به الجيش المصرى، مضافاً إليه طمأنة الدكتور عبدالحليم محمود لرئيس البلاد وحَفْزه إياه على شن الحرب ضد قوات الصهاينة، التى تحتل جزءاً غالياً من تراب مصر، هى ما أسفرت عنه الحرب الرمضانية المجيدة من نصر كبير.

الشيخ صلاح نصار: صيحة التكبير زلزلت العدو وبثت الحماسة فى جنودنا

يروى المشرف العام على الجامع الأزهر الأسبق الشيخ صلاح نصار، دورا كبيرا فى حرب أكتوبر له ولزملائه من الدعاة والعلماء، حيث ذهب مع عدد من مشايخ الأزهر الذين استعانت القوات المسلحة بهم، حيث تم إنشاء سلاح فى الجيش يُطلق عليه «سلاح التوجيه المعنوى» يدخُله طلاب ومشايخ الأزهر وأرجع الفضل للإمام الأكبر الراحل الشيخ عبدالحليم محمود - رحمه الله - الذى بدأ أول حملة للتوجيه المعنوى والتدريب المعنوى الدينى، من خلال تجنيد علماء وخريجى الأزهر وكان لكبار أئمة ومشايخ الأزهر كالشيخ محمد متولى الشعراوى، والشيخ محمد الغزالى، والشيخ محمد نجيب المطبعى، والشيخ عبدالحليم محمود الفضل فى إلقاء المحاضرات ووعظ الضباط وكبار القادة، وبالنسبة للمشايخ حديثى التخرج من «التوجيه المعنوى» فقد تسلموا «مساجد الكتائب» وشحنوا الجنود من خلال الحديث عن غزوة بدر وبطولات الصحابة الكرام.

ووصف نصار، بعض الجنود والقادة بالأسطورة، على مواقفهم المشرفة، فقد ارجع بعض القادة الانتصار إلى صيحة التكبير المدوى فى أرض المعركة «الله أكبر» التى زلزلت العدو وبثت الحماسة فى قلوب جنودنا، وأكدوا أنهم لم يتفقوا على أن يهتفوا بها فهى كانت بداخل كل جندى وعبروا عن ذلك بهذه الكلمات من دافع قوى جعلهم حريصين على الانتصار بكل قوة وحزم وعزم، وأن ما أثار إعجابه أيضاً التزام الجنود بعدم الإفطار خلال الحرب بل صام أغلبهم على الرغم من متاعب الحرب، حيث كانت لديهم روح عالية وقوة دافعة.

د. محمود مهنى: حاربت مع الأبطال نهاراً وخطبت لتحميس الجنود ليلاً

قال الدكتور محمود مهنى عضو هيئة كبار العلماء إنه شارك فى حرب الاستنزاف ببناء الأماكن التى كان ينام فيها الجنود ويضعون أسلحتهم، ومن ثم تم تدريبه على استخدام السلاح الآلى والنصف آلى، وأنه فى حرب الكرامة بعد حصوله على الليسانس عام 1973م توجه على الفور لتقديم نفسه فى التجنيد باكياً، خوفاً من أن تكون سنة الحرب ويخسر رؤية أبنائه مرة أخرى، وقرر وقتها أن يهدئ روعه ويستعين بالله ويتوجه إلى النوم بعد الصلاة والتضرع لله، وأثناء التعبد غفا إلى النوم، ليأتيه القطب عبدالرحيم القنائى فى الرؤية ممسكاً بذراعه وقائلاً له: «لا تخف يا محمود».

وأضاف مهنى أنه توجه مستبشراً بعد الرؤية إلى القوات المسلحة ليحضر المعركة ويحارب على خط النار فى إحدى كتائب الدفاع الجوى، ليجتهد فى محاربة العدو نهاراً ويخطب فى زملائه الجنود بضرورة تحقيق النصر والاعتصام بحبل الله وعدم التراخى فى مواجهة العدو لنيل الشهادة فى المساء، موضحاً أنه شاهد على معجزة خروج المياه من الأرض فى صحراء سيناء بعد حفر شبر واحد فقط رغم أن الأرض كانت قاحلة، وأنه وقف حارساً للبلاد بعد ضرب قناطر قنا، بصحبة الرائد محمد أحمد حطاب قائد الكتيبة الذى لم يتهاون فى الدفاع عن مصر.

وأشار مهنى إلى أنه تلقى خبر النصر بالسجود لله، ليقرر العودة إلى الكلية بعد عامين من الخدمة فى الجيش عقب انتهاء الحرب، ولكنه فوجئ بتعيين زميل له أقل منه فى الدرجات، ليقرر التظلم فى خطاب رسمى إلى الرئيس السادات، وعلى الفور أمر الرئيس الراحل بأن يتم إصدار قرار وزارى له و5 آخرين يعانون من نفس الضرر ليتم تعيينه فى الكلية معيداً، مشدداً على أن نصر أكتوبر كان أهم شىء فى حياته، وأن أبناء مصر جميعهم كانوا على قلب رجل واحد.

د. عبدالغنى زهرة: عشت أجواء النصر وحزن فقدان شهيدين من العائلة

قال الدكتور عبدالغنى زهرة أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر، إنه شهد استشهاد عمه وزوج عمته فى حرب أكتوبر المجيدة، وإنه رغم صغر سنه إلا أنه عايش أجواء الهزيمة والنصر واستعدادات الجنود ذهاباً وإياباً من وإلى المعسكرات على الجبهة فى الطرقات حتى لحظة النصر التى كانت مختلطة بالبكاء فرحاً وحزناً على الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن يعيش الوطن.

وأضاف زهرة فى ذكرياته عن فترة حرب أكتوبر المجيدة أنه كان يمد يد العون لكل الطلاب الذين وجدوا فى المعاهد الأزهرية مقبلين من مدن القناة منذ النكسة وحتى لحظة الانتصار، مشيراً إلى أنه كان يحرص على الاستماع لشيوخ الأزهر العظام الذين كانت حناجرهم تجاهد فى سبيل الله لحث الجنود على الجبهة والشعب المصرى نحو الصمود وتقبل قرارات الحرب، وعدم الحزن على الشهداء الذين افنوا أرواحهم فى سبيل الله والوطن.

د. عبدالغفار هلال: عاصرت محاكاة خط بارليف قبل الحرب فى نهر النيل

قال الدكتور عبدالغفار هلال عميد كلية اللغة العربية الأسبق إنه وقت حرب الكرامة عام 1973 كان مدرساً مساعداً فى كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعاصر الاستعدادات التى كان يقوم بها الجنود منذ نكسة 1967، وكان وأصدقاؤه يتناقشون حول التخطيط البارع للرئيس الراحل أنور السادات فى تدريب الجنود على عبور خط بارليف، عقب محاكاة القناة والخط الذى قالوا عنه لا يقهر فى تدريبات حية بنهر النيل وعمل ساتر ترابى أكبر وأضخم منه سرياً دون أن يعلم العدو ذلك للتدريب الحى.

وأضاف هلال أن الحالة المعنوية للشعب المصرى كانت فى ريعانها بعد عبور قناة السويس والاستماع إلى أنباء الانتصار فى المذياع، موضحاً أنه حرص على زيارة الجنود البواسل فى الجبهة عقب أسبوعين من الحرب لمشاهدة «دشم» العدو المسلحة ونقاط الحرب العميقة والهياكل العبثية للإسرائيليين والمستشفيات الميدانية، مشدداً على أنه لن ينسى على الإطلاق لحظة فرحة المصريين والطلاب فى الجامعات والمدارس بالنصر العظيم على العدو.

د. عبدالمقصود الباشا: خطاب السادات فى مجلس الشعب هز كيان المصريين

قال الدكتور عبدالمقصود الباشا أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر إنه عاش أيام الحرب وهو فى الثانية والعشرين من عمره بين مكذب ومصدق للبيانات التى كانت تصدر من وسائل الإعلام وقتها، مشيراً إلى أنه كان يجلس بصحبة أبناء الشعب المصرى فى الطرقات يتهافت على الأخبار، وأنه عند إعلان النصر شاهد الجميع فى حالة من البهجة والسعادة لم ير عليها الشعب المصرى من قبل، متابعاً: «التكبير ملأ الطرقات والمساجد امتلأت عن آخرها، وتم تشغيل الابتهالات من شيوخ الجوامع بعد رفع الأذان مع دعوات الجميع باستكمال النصر للنهاية وأن يحمى المولى أبناءنا على الجبهة»، موضحاً أنه لم تكن هناك قابلية لأن يستمع أحد لأى من الأغانى سوى الوطنية التى كانت تحمس الجميع على الوقوف خلف القائد المغوار أنور السادات والجنود الأبطال، متذكراً خطاب السادات أمام مجلس الشعب عندما أعلن نجاح القوات وتوغلها فى سيناء، واصفها بـ«اللحظة الحاسمة التى هزت وجدان المصريين».

أحمد نبيوة – محمد فرج

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg