| 14 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور عبدالفتاح غنيمة.. يكتب: حرب أكتوبر معركة تاريخية

  • | الخميس, 5 أكتوبر, 2017
الدكتور عبدالفتاح غنيمة.. يكتب: حرب أكتوبر معركة تاريخية
الدكتور/عبدالفتاح غنيمة

فى يونيو عام 1967 باغتت إسرائيل مصر بطريقة مفاجئة وأحدثت النكسة، واستيقظت مصر، وأعادت تنظيم صفوف جيشها بفضل الله على يد الرئيس السادات، إرادة القتال لدى الشعب وقواته المسلحة وحيث لم يتمكن العدو من تدمير إرادة القتال، مثلما تمكن من تدمير بعض الأسلحة والمعدات، ولم تمر ثلاث سنوات إلا وعاد التوازن فى القوة مرة أخرى وسمحت الظروف بتوفير مقومات المعركة الفاصلة فى سيناء.

إن نكسة 67 لم تكن إلا كبوة جواد أصيل، ولم تكن ميزاناً عادلا يحكم به على أصالة الجندية بصفة خاصة، لقد كانت حدثاً عارضاً فى التاريخ وليس فى الأمر مكابرة إذا ذكرنا الكبوة، والتى رفضها الشعب بأكمله قبل أن نذكر أن الجماهير طالبت الرئيس عبدالناصر بالتمهيد لتحرير معركة الأرض، ومن ثم نذكر قمة أمجادنا العسكرية فى حرب أكتوبر 1973 وقد نجد العدو آنذاك فى تصوير أن نكسة 67 تمثل الفارق الحقيقى بين مصر العرب وإسرائيل، وأن هذا الفارق يتزايد إلى الأجيال المقبلة، كم صور أن جنرالات إسرائيل أسطورة، وكل جندى إسرائيلى بطل، وكل مواطن إسرائيلى قادر على الإتيان بالخوارق، وان إسرائيل كدولة قوة لا تقهر كما جاء على لسان قائد قواتها ديان.

كانت نكسة 67 حافزا لمصر والدول العربية لحشد طاقتها الوحدوية والأيديولوجية والنفطية لإزالة أثار العدوان، ولقد أظهرا هذا الحدث الحجم الحقيقى للأمة العربية، ومن هنا جاءت الجدية التى خططت بها مصر معارك أكتوبر المجيد لتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية ولكشف المعدن الحقيقى للجندية المصرية فى ملحمة أكتوبر.

حدد الرئيس السادات الهدف السياسى لمعركة عسكرية من أجل تحرير الأرض بالقوة، وأيقنت المخابرات الحربية المصرية أن نظرية الأمن الإسرائيلى تتمثل فى قناة السويس كمانع مائى يدعمها خط بارليف وتدشيناته، وانتهت مرحلة تخطيط العمليات بالاعتماد على الخطة «جرانيت 2» المعدلة والتى أطلق عليه اسم بدر قبل بدء العمليات.

بدأت حرب أكتوبر بعبور قناة السويس على طول 170 كيلومتراً وتدمير خط بارليف بكل دشمه المدعمة بالقطبان الحديدية والخرسانة وتحرير شريط من الأرض شرق القناة عمقه 10 ، 12 كم مع ضرب كل الأهداف الإسرائيلية فى سيناء بأكملها بتخفيف الضغط على جبهة الجولان السورية، وساهمت فى ذلك جهود القوات الثلاث الرئيسية وهى: القوات البحرية والجوية والدفاع الجوى بتميز كل منها فى القتال النوعى.

وقد وصفت حرب أكتوبر فى مراكز البحوث الحربية العالمية بأنها معركة تاريخية استمرت ثلاثة أسابيع وانتهت بوقف إطلاق النار بطلب من الرئيس السادات من الأمم المتحدة وبضمان الدولتين أمريكا وروسيا.

عندما بدأت حرب أكتوبر نجحت مصر والعرب فى إحداث مفاجأة تكتيكية اهتزت لها إسرائيل وأثرت تأثيرا نفسيا على هيبة القوات المسلحة الإسرائيلية، وعلى الصلف الإسرائيلى ووجهت جولدا مائير رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية «لقد فات الوقت لإيقاف الهزيمة الكبرى لإسرائيل لقد فشلت المخابرات الإسرائيلية فى معرفة توقيت الهجوم على جبهتى قناة السويس والجولان، وقد تجاهلنا النمو الكبير للقدرات العسكرية المصرية التى تمت فى الفترة من 67 إلى 73، وقد نمت نموا كبيرا زلزل إسرائيل بأكملها، وقد تشتت القوات الإسرائيلية على طول القناة وأصبحت ضعيفة الأمر الذى سهل للقوات المصرية صد وتدمير القوات المدرعة الإسرائيلية وفشل الهجوم الإسرائيلى المضاد على طول قناة السويس، وقد أصيبت إسرائيل بالخلل الذهنى الذى أصاب القيادة الإسرائيلية بسبب الهجوم فى يوم عيد الغفران اليهودى، وفى ساعة الغذاء للناس جميعا، وذكرت جولدا مائير: إن الجندى المصرى استخدم الأسلحة المضادة للدبابات «القصيرة المدى» بكفاءة دللت على الإعداد الجيد للمقاتلين المصريين والأداء المتطور للأسلحة، وإن الجندى المصرى المقاتل من المشاة هو المفاجأة الكبرى فى المعركة، وذكرت أن مصر هاجمت 5 فرق مشاة مدعمة على طول الجبهة فى توقيت واحد مما سبب هزيمة منكرة بالإسرائيليين، وأن معدلات الخسائر فى الجيش الإسرائيلى فى الأداء ولاستهلاك المعدات والذخيرة والمفرقعات يفوق معدل الخسائر المصرية بــ 5 أضعاف».

إن معركة العبور للجيش المصرى فى 6 أكتوبر هى قمة الأعمال الميدانية والتى استغرقت 48 ساعة فقط نجحت فيها القوات المصرية نجاحا باهرا بأقصى جهد ممكن واقل خسائر أيضاً، وان السرعة والشجاعة والإقدام فى معركة العبور كانت متوقعة مع نداء الله أكبر على طول الجبهة، وقد قامت جماعات من الصاعقة المصرية، وأفراد من المهندسين بغلق فتحات مواسير النابالم تحت الماء يوم 6/10 ومن قبيل التأكيد اندفعت بعض جماعات الصاعقة بالسباحة تحت سطح القناة للتأكد من غلق المواسير، وكانت بداية موفقة لدرء أكبر خطر عند اقتحام خط قناة السويس.

كانت إسرائيل قد أعدت مواسير قاذفات اللهب التى يصل لهيبها إلى 700 درجة مئوية وبارتفاع 4 أقدام منذ بدايات عام 1970، لأن هذه الحرارة كافية للهزيمة المعنوية للجنود الذين يحاولون اقتحام قناة السويس، وكانت القيادات الإسرائيلية قد أكدت لجنودها وضباطها أن قاذفات اللهب تحت قناة السويس بطولها كافية بمنع عبور المصريين، كما امتلكت إسرائيل مجموعة كتائب الدبابات «1000  دبابة» مرابطة خلف الساتر التراب شرق القناة لتكون خطاً إضافيا من النيران التدميرية لتحصين خط بارليف، بالإضافة إلى الألغام فى طرق الاقتراب منها.

والواقع مع اقتحام قناة السويس الساعة 2.20 مساء 6 من أكتوبر دفعت القيادة المصرية العظيمة جماعات من رجال الصاعقة لاحتلال مرابض النيران ودبابات العدو وحرمة العدو من أهم تحصيناته ودروعه ودفعت برجال إزالة الألغام.

وكان عبور 200 طائرة مقاتلة قاذفة لقناة ساعة 2 مساء على ارتفاع منخفض جدا هو البدء الحقيقى للاقتحام، وقامت بتوجيه ضربات مفاجئة ومدمرة لدشم وتحصينات العدو وحتى مسافة 100 كم، هذه المسافة خير الأدلة على قدرة القوات الجوية المصرية التى لم تترك دشمة أو تحصينة واحدة دون تدميرها.

وكانت مواسير المدافع المصرية على طول القناة تصب قذائفها على النقط الحصينة للعدو لعدد يزيد على 2000 مدفع وهاون لمدة 55 دقيقة.

ونجحت كتائب اللواء البرمائى من عبور البحيرات المرة من طرفها الجنوبى بقوة 20 دبابة و80 مركبة، كما عبرت كتيبة ميكانيكية بالناقلات جنوب بحيرة التمساح، وكانت الموجات الأولى من المشاة التجديف تجاه الشاطئ الشرقى 4000 مقاتل و720 قارباً مطاطياً فوصلت إلى الشاطئ الشرقى، واحتلت الساتر الترابى بكل ما فيه، وتوالت موجات المشاة حتى عبرت 20 كتيبة قوامها 800 ضابط و14 ألف جندى تقريبا ومعهم أسلحتهم، وتمكنت وحدات المهندسين من فتح الثغرات فى الساتر الترابى بعد 4 ساعات من بدء الهجوم وبحلول الغروب أصبح للجيش المصرى 31 معدية تعمل بين الشاطئين، وتم بناء أول كبرى ثقيل، وفى صباح يوم 7 أكتوبر كان قد تم تركيب 4 كبارى ثقيلة ودمر الدفاع الجوى المصرى للعدو 13 طائرة مقاتلة مما اضطرت القيادة الإسرائيلية بإصدار تعليماتها لطياريها بعدم الاقتراب من قناة السويس.

هذه بعض الدروس، ما أحرانا جميعا أن نعى الدروس لكى تكتمل لنا نتائج النصر الذى انتزعناه، ولكى نواصل الإطلاقة التى بدأت بنصر أكتوبر إلى مستقبل قريب مشرق بالمشروعات القومية العملاقة، ومن أجل العدالة والتقدم والبناء، حفظ الله مصر وجيشها.

 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg