| 10 مايو 2024 م

أراء و أفكار

د. عمار علي حسن.. يكتب: درس حرب أكتوبر

  • | الإثنين, 9 أكتوبر, 2017
د. عمار علي حسن.. يكتب: درس حرب أكتوبر
د. عمار علي حسن

كانت حرب أكتوبر ملحمة نصر عظيم لتحرير الأرض، وتحققت بها للعرب جميعاً خمس نتائج مهمة، تنطوى على عبر وعظات جمة، لو أحسنا التعامل معها لكان وضعنا الآن جد مختلفاً:

النتيجة الأولى هى تحقيق النصر العسكرى للمرة الأولى على إسرائيل، والثانية فتح الباب أمام استعادة الأرض العربية التى تم احتلالها عام 1967، أما الثالثة فهى التوحد العربى فى حدث نادر ولحظة تاريخية فارقة، لم تتكرر بالهيئة والكيفية التى جرت عليها، ولا تزال تُضرب كمثل جلىّ على إمكان لمّ شتات العرب وإنهاء تفرقهم، ونبكى على أطلالها وقت الأزمات وأيام العدوان الخارجى علينا. فكثيراً ما تحدث المعارضون والمثقفون والمنشغلون بهموم الأمة وأتراحها عن ضرورة تفعيل «اتفاقية الدفاع العربى المشترك» كلما كان العرب على أبواب حرب، أو فى غمار محنة شديدة، لكن هذه النداءات تذهب أدراج الرياح، ولا تلقى آذاناً مصغية من أحد أبداً، لتبقى روح حرب أكتوبر فريدة فى تكوينها ومسارها، ويبقى الحنين إليها مبرراً.

والنتيجة الرابعة تتجسد فى قدرة العرب، ممثلين فى مصر وسوريا على وجه الخصوص، فى التخطيط العسكرى المحكم، وعلى أفضل وأحدث وجه ممكن بمقاييس سبعينات القرن المنصرم، فالقوات المسلحة المصرية استخدمت أعلى وسائل التمويه والخداع والكتمان والسرية وفى مقدمتها اختيار توقيت غير متوقع لساعة الصفر، ووضعت خطة حربية مذهلة، بدءاً من المسار الذى اتخذه الطيران الحربى، وانتهاءً بخراطيم المياه العملاقة التى فتحت ثغرات كبيرة فى جسد خط بارليف لتمر منها الدبابات المصرية بعد أن عبرت القناة فوق جسور تم تركيبها فى زمن قياسى، مروراً بحائط الصواريخ الذى امتد من بورسعيد شمالاً إلى السويس جنوباً، وتمكن من إسقاط عشرات الطائرات الإسرائيلية فى الساعات الأولى للحرب، والصواريخ الصغيرة الدقيقة التى أصابت الدبابات الإسرائيلية فى مقتل وشلت فعاليتها.

أما النتيجة الخامسة فهى امتلاك العرب قدرة على التفكير المستقيم، الذى يقوم على مراكمة المعلومة فوق أختها، والفكرة فوق مثيلتها، والهدف فوق نظيره، فى صبر ودأب وذكاء وفهم عميق، وليس التفكير الدائرى، الذى يعنى أن ننتهى إلى حيث بدأنا، أو ندور فى مكاننا، بلا تقدم ولا ترقٍ فى الفكر والممارسة. وما جرى فى حرب أكتوبر يمثل رداً على مقولات غربية تدعى أن الشرقيين لا يعرفون سوى التفكير الدائرى.

هذه النتائج الخمس المهمة لا يمكن أن يجرحها فى نفوسنا أبداً كلام من ينتقدون، والحق معهم، قفز السادات على الانتصار العظيم بتنازلاته فى كامب ديفيد، ولا من يتعصبون لبلد عربى ضد آخر فى تفكير قُطرى عنصرى ضيق، ولا من يعادون العرب والعروبة من الأساس، ولا من استغلوا نصر أكتوبر فى كسب الشرعية أو تعزيزها، مثل نظام مبارك الذى اختزل الحرب فى الضربة الجوية. فنصر أكتوبر يُطلب لذاته، ويُستعاد ليس للمتاجرة به، لكن من أجل إيقاظ الهمم نحو إنجازات وطنية كبرى طال انتظارها.

طباعة
كلمات دالة: 6 أكتوبر
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg