| 14 مايو 2024 م

أراء و أفكار

محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: فشل عملية توريط "الإسلام" في "لاس فيجاس"

  • | الخميس, 5 أكتوبر, 2017
محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: فشل عملية توريط "الإسلام" في "لاس فيجاس"
محمد مصطفى أبو شامة

رغم صدور أكثر من تصريح «مائع» من الإدارة الأمريكية ترجِّح صعوبة ذلك، فإن آلية صناعة خبر تنفيذ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لعملية القتل الوحشية التى وقعت، فى مدينة «لاس فيجاس»، تستحق الرصد والتحليل، ربما لا يتكرر فخ توريط «الإسلام» فى كل عنف يجرى حول العالم، وهو الفخُّ الذى ينصبه «إعلام دولى مشبوه» تحرِّكُه فى الخفاء أنظمة سياسية وقوى اقتصادية عالمية، تجاهد لتستثمر كل شىء لخدمة أهدافها. على سبيل المثال، هذا جزء من خبر بثته وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) بعد دقائق من وقوع الجريمة، حيث ختمت قائلة: «أعاد إطلاق النار فى لاس فيجاس إلى الأذهان إطلاق النار بشكل عشوائى أثناء حفل لموسيقى الروك، فى باريس عام 2015، مما أسفر عن مقتل 89 شخصاً، ووقع فى إطار هجمات منسَّقَة لإسلاميين متشددين أودَتْ بحياة 130 شخصاً».

والخبر الذى صاغته عقول إعلامية مدَرَّبَة ومحترفة، يظهر بوضوح سوء النية المبيَّت لتوريط «الإسلام» فى الجريمة التى وَقَعَتْ فى الليلة الأخيرة من مهرجان «موسيقى الريف» الذى يحضره الآلاف من الأمريكيين فى أحد مسارح «لاس فيجاس» المكشوفة، حيث أطلق أحد سكان المنطقة، ويدعى ستيفن بادوك (64 عاماً)، الرصاص بكثافة على الجمهور من الطابق 32 فى فندق، فسقط 58 قتيلاً وأكثر مم 500 مصاب، وأطلق الرصاص على نفسه (منتحراً) قبل أن تدخل الشرطة غرفة الفندق التى كان يُطلِق منها النار.

ثم تورَّطَتْ كلُّ وكالات الأنباء العالمية فى بث خبر نقلاً عما تسمى «وكالة أعماق» وهى الناطق الرسمى لتنظيم داعش، يفيد بأن مرتكب الجريمة «بادوك» قد أشهر إسلامه قبل شهور، ثم بعد دقائق قليلة أعلن التنظيم مسئوليته عن تنفيذ عملية «لاس فيجاس»، وبطبيعة الحال تناقلت الخبر كلّ وسائل الإعلام الدولية والعربية والمحلية، ونجح «الإعلام المشبوه» فى تحقيق هدفه لحظياً بتوريط الإسلام فى الدم، وترسيخ الكراهية والغضب تجاهه فى العقول والقلوب الأمريكية المكلومة فى ضحاياها، قبل أن تخرج علينا بخبر حاسم، حيث قال مسئولان أمريكيان كبيران إنه «لا توجد أدلة حالياً على أن مطلق النار الذى قتل ما لا يقل عن 50 شخصاً فى لاس فيجاس مرتبط بأى جماعة دولية متشددة».. والخبر بثته وكالة «رويترز».

أما وكالة الصحافة الفرنسية فقد استمرَّتْ على منهجها، عندما نَشَرَتْ حصراً تقليدياً لجرائم القتل العشوائية التى شهدتها أمريكا خلال السنوات الماضية، واختارت أن تبدأ بالجريمة الوحيدة التى نَفَّذَها أفغانى مسلم وتبناها «داعش» (التنظيم المشبوه والمصنوع فى أروقة المخابرات الأمريكية)، فعلت «أ.ف.ب» ذلك لثقتها فى أن القارئ سيكتفى بالجريمة الأولى ويتعثر فى ذكرياتها، ثم يمر سريعاً على بقية الجرائم فيترسخ فى ذهنه أن مرتكبيها أيضاً من نفس المِلَّة (مِلَّة محمد). وإذا أُزيحَ التراب عن ذاكرة «السمك» التى تتمتع بها معظم شعوب العالم، وتم تنشيطها، فسنتذكر جميعاً كمَّ الجرائم المشابهة التى ارتُكِبَت فى أمريكا وأوروبا، قبل أن تظهر موجة (وموضة) توريط الإسلام فى كل عنف، فهذه المجتمعات الغربية هى التى صَدَّرَتْ لنا كل أشكال العنف.. مارسَتْه علينا عندما استعمرتنا لقرون، ورسخته فى وجداننا بأضخم منظومة «غسل أدمغة»، جَمَعَتْ السينما والآداب والفنون وروَّجَت لها «الميديا» التى أصبَحَتْ حجر زاوية هذه المنظومة، زرعوا كل مناهج العنف وآياته وأشكاله، لنحصد جميعاً الدماء. رحم الله كل ضحايا العنف فى العالم، وألهَمَ أُسَرَ قتلى ومصابى لاس فيجاس الصبر.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
1.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg