| 18 مايو 2024 م

أراء و أفكار

علماء الأزهر يستنكرون قتل القمص سمعان شحاتة

  • | الخميس, 19 أكتوبر, 2017
علماء الأزهر يستنكرون قتل القمص سمعان شحاتة

استنكر علماء الأزهر الشريف، قتل القمص سمعان شحاتة، كاهن كنيسة القديس يوليوس الأقفهصى بعزبة جرجس بالفشن بمحافظة بنى سويف، الخميس الماضى على يد أحد المتطرفين؛ مؤكدين أنها هذا الفعل «جريمة نكراء»، وأمر «محرم شرعاً» و«مجرم قضاء»، وأن الإسلام أوجب القصاص من القاتل المعتدى على النفس البشرية وبين أن القصاص من القاتل فيه «حياة».

وأشار علماء الأزهر الشريف إلى أن مثل هذه الجرائم تأباها النفوس البشرية السوية، وهى تخالف مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، ونصوص القانون المصري؛ مطالبين أولى الأمر بالضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الجرائم، حتى يكون عبرة لغيره.

 

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن الاعتداء الغادر الذى تعرض له القمص سمعان شحاتة، اعتداء ترفضه الشرائع السماوية وفى مقدمتها شريعتنا السمحة.

وأضاف أن الأصل عصمة دماء وأعراض وأموال الناس على اختلاف معتقداتهم، وأيا كان نوع الحادث ودوافع ارتكابه فهو عمل خسيس سيرفضه نسيج مجتمعنا الواحد بمكونه المسلم والمسيحى، وسيقف الجميع صفا واحدا حتى يسود الأمن والأمان على ربوع مصرنا الغالية.

وجوب القصاص

فى البداية أكد الدكتور عبدالفتاح العوارى، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، أن حفظ النفس أياً كان جنسها أو لونها ودينها من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن هناك العديد من النصوص الصريحة التى تحرم الاعتداء على النفس والتى تتوعد فى الوقت ذاته من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، والمولى عز وجل يقول فى كتابه الكريم: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ»، وهذا النهى فى كثير من آيات القرآن الكريم.

وأضاف عميد كلية أصول الدين بالقاهرة أن الإسلام أوجب فى شريعته القصاص من القاتل المعتدى على النفس البشرية وبين أن القصاص من القاتل فيه «حياة»: «وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ»؛ موضحاً أن القصاص أمر وكله الله إلى ولى الأمر أو من ينوبه من القضاة.

وأشار «العوارى» إلى أن ما طالعتنا به الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى من قيام متطرف بقتل القمص سمعان شحاتة، كاهن كنيسة القديس يوليوس الأقفهصى بعزبة جرجس بالفشن محافظة بنى سويف، أمر «محرم شرعاً» و«مجرم قضاء»، وهو من الأفعال الإجرامية التى تأباها الأنفس السوية، وتستنكرها العقول السليمة، ولا ترتضيها أعراف وقيم وأخلاق مجتمعنا، وتتناقض مع وجوب مراعاة حق الأخوة فى الوطن والمحافظة على جميع ما لهذه الإخوة من حقوق، وفى مقدمتها الحفاظ على النفس والمال والعرض.

دين الرحمة

وأوضح الدكتور عبده إبراهيم، عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة، أن الإسلام دين الرحمة، والمسلمين أمة الرحمة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء»؛ مؤكداً أن الرحمة التى دعا إليها الإسلام رحمة شاملة للإنسان أياً كان دينه أو لونه أو جنسه، وذلك مصداقاً لقول الله تعالى: «لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ»، والرحمة كذلك تشمل الحيوان.

وأشار عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة إلى أن النداء الربانى الوارد فى الآية السابق ذكرها نوجهه لأولئك الذين يقومون من وقت لآخر بقتل من يخالفهم سواء فى الفكر أو فى العقيدة؛ فهذا دليل على ضخامة جهلهم، وبعدهم عن تعاليم الإسلام السمحة؛ قائلاً: «ومن قتل معاهداً أو ذمياً بغير حق لم يرح رائحة الجنة كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة»، والله تعالى يقول: «وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ»، وهو نفى عام يدخل فيه كل الناس، والنفى هنا للوعيد والتحذير والتنفير من العدوان على الناس».

وأكد «إبراهيم» أن ديننا لا يظلم أحد أبداً، ولا تجتمع رسالة الهداية مع منطق العدوان والقتل لغير المسلم ما دام غير معتدى على الوطن أو الدين، وفى هذا السياق يجب أن نذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان جالساً ذات يوم فمرت جنازة من أمامه فقام لها، فقيل له: إنها جنازة يهودى فقال: أليست نفسا، وهذا يدل على عظمة حرمة النفس التى خلقها الله سبحانه وتعالى، وتجسد هذا المعنى وتلك القيمة عملياً فى عهد سيدنا عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - عندما رأى شيخاً متكئاً على عصاه يسأل الناس، فسأل الفاروق عنه فقيل: إنه كتابى، فقال: خذوه إلى بيت المال، فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته وتركناه عند شيبته؛ موضحاً أن النصوص السابقة التى ذكرها وردت فى حق المسلم وغيره؛ قائلاً: «فما بالك فى حق مشاطرك ومناصفك فى الوطن الذى له ما لك وعليه ما عليك، ولذلك أى جريمة يقوم بها المتطرفين تجاه أخوتنا فى الوطن يجب أن تواجه بحزم من قبل القانون المصرى، ولا يجب أن نساعد من يريد النيل من وحدتنا التى عرفنا بها لأكثر من 13 قرناً من الزمان.

مصالح العباد

وأكد الدكتور محمود الصاوى، وكيل كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة، أن من الأسس العظيمة التى قام عليها التشريع الإسلامى هو تحقيق مصالح العباد شاملة جميع مناحى الحياة، وكذلك الحفاظ على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، ومن هذا المنطلق نجد أن حرمة الدماء ليست مقصورة على المسلمين فحسب بل تشمل كذلك غير المسلمين من المعاهدين والذميين والمسـتأمنين؛ مشيراً إلى أن واقعة قتل القمص سمعان شحاتة «جريمة نكراء»، ترفضها كل الأعراف والقيم الدينية والأخلاقية والمجتمعية، وفى مثل هذه الجرائم مخالفة صريحة لأوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولنصوص فقهاء الإسلام عبر جميع العصور؛ فمن انقطع للتنسك وتخلى للعبادة فلا يجوز التعرض له فى وقت الحرب؛ فكيف بمن يقترفون هذه الجرائم الشنعاء وقت السلم.

وأضاف «الصاوى» أن القرآن الكريم وسنة النبى صلى الله عليه وسلم، حذرنا من خطورة اقتراف مثل تلك الجرائم؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا یزال المؤمن فى فسحة من دینه ما لم یصب دما حراما»، وفى حديث ابن عباس - رضى الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشاً يوصيه قائلاً: «اخرجوا باسم الله ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا أصحاب الصوامع»،  وديننا الحنيف لم يترك مثل تلك جرائم القتل بدون ضوابط، فقد جعل لها جزاءات صارمة، كما جعل لها تشريعاً من كتاب الله عز وجل كى لا تكون غابة يأكل فيها القوى الضعيف وتصبح همجية جاهلية ثانية، فضلا عن كون هذه الجريمة «جريمة قانونية» تقتضى الضرب بيد من حديد على يد هذا المجرم ومعاقبته وكل من يقف وراءه كى يكون عبرة لغيره.

لطفي عطية

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg