| 20 مايو 2024 م

أراء و أفكار

محمد مصطفى أبو شامة.. يكتب: إن كان في أرضك مات شهيد

  • | السبت, 28 أكتوبر, 2017
محمد مصطفى أبو شامة.. يكتب: إن كان في أرضك مات شهيد
محمد مصطفى أبو شامة

من ماتوا فى طريق الواحات لن يكونوا آخر الشهداء، قائمة الشرف تنتظر المزيد من الأبطال، الحرب مستمرة والمعركة لن تتوقف والإرهاب وَجَّه كل مقدراته إلى مصر بعد أن قُطِعَت أوصاله فى سوريا والعراق، ولا تزال ليبيا عارية من سلطة مركزية تستر أمننا القومى وتحمى حدودنا من تسلُّل السلاح والعتاد والمارقين المأجورين الذين تمولهم «أم الإرهاب» ودوحته، وحمى الله قواتنا الجوية، وقوات حرس الحدود الذين تصدوا لبعض شرور كادت تأتينا عبر حدودنا الغربية المفتوحة مع الجماهيرية السابقة.

فى أكتوبر، شهر البطولة والملحمة العظيمة فى 1973، تستعر نار الغدر وتُغتال أحلام الفجر، وتثكل الحبيبات.. الأمهات والزوجات.. ويتيَتَّم الأبناء والبنات، وتخفت أصوات الأغنيات الفَرِحَة، ويبقى صوته وحيداً يصدح ويقاوم آهات البكاء والنحيب؛ تبقى «مدد» هى اللحن الصافى والدواء الشافى، أغنية الموسيقار محمد نوح التى كان يردد بحماسة فى مطلعها من كلمات الشاعر إبراهيم رضوان: «إن كان فى أرضك مات شهيد.. فيه ألف غيره بيتولد.. مدد.. مدد».

كان الحزن قد اجتاحنا بقسوةٍ قبل أيام، بعد أن أعلنَتْ وزارة الداخلية فى بيان رسمى، السبت الماضى، استشهاد 16 من رجال الشرطة فى حادث الواحات، بينهم 11 ضابطاً، بالإضافة لـ13 من المصابين، أثناء مداهمات قامت بها القوات لعناصر إرهابية فى إحدى المناطق بالعمق الصحراوى بالكيلو 135 بطريق (أكتوبر - الواحات) بمحافظة الجيزة.

إلا أن الله قَدَّر أن يتبدد سواد سحابة الحزن؛ فالأرض التى ترويها دماء طاهرة تُنبِتُ وتُثمِر خير الأشجار، ومن طَرْح هذه الأرض الطيبة من شاهدتُهُ فى لقاءات تليفزيونية يتحدث وعرفت قصَّتَه التى كنت أجهلها؛ إنه الشاب المصرى شريف سيد مصطفى، الطالب فى السنة الأولى بكلية الصيدلة جامعة الأزهر، الذى توِّج بالمركز الثانى فى المسابقة العالمية «تحدى القراءة العربى»، التى أُقيمَت تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبى. وقد نجح شريف (ممثل الأزهر) فى الوصول للتصفيات النهائية بعد منافسة مع أكثر من 7 ملايين و400 ألف طالب وطالبة من 41 ألف مدرسة شاركت فى التحدى على مستوى 25 دولة، ووصل إلى التصفية النهائية التى جرت فى دبى بين أعلى 16 متسابقاً خضعوا لاختبارات شفهية وتحريرية أمام لجنة التحكيم، وفق معايير خاصة.

وقد حَظِى شريف بشرف مقابلة الإمام الأكبر هذا الأسبوع، ليهنئه ويبارك له نجاحه وتميزه فى تمثيل الأزهر الشريف، فقد كان نموذجاً يفتخر به كلُّ مصري؛ نموذجاً صحيحاً وصادقاً لخريجى مدرسة الأزهر الفكرية والثقافية والتنويرية، التى صقلت عقل الطالب الأزهرى شريف وأسهمت مع أسرته العظيمة فى خلق شخصية متميزة لشاب مصرى ينتظره الكثير فى مستقبله، وأدعو الله أن ييسر الطريق أمام الحلم الذى أعلنه وأذاعه على الدنيا كلها، حيث تمنَّى أن يدرس الطب فى الخارج، وأن يتخصَّص فى المخ والأعصاب ويتعهَّد بثقة الحالم الطموح بأن يحصل على جائزة نوبل بمشيئة الله.

لا أظن أن شريف يبالغ فى أحلامه، فالفتى القاهرى الذى يقرأ 100 صفحة فى 6 دقائق معتمداً على قراءة العين السريعة، والذى حفظ القرآن الكريم فى 3 أشهر بعد أن تعلم التجويد (حفظ القرآن بالقراءات العشر)، كما حفظ صحيحَيْ البخارى والمسلم فى 40 يوماً، هو نفسه المحاور البارع الذى ظهر فى أكثر من لقاء تليفزيونى واثقاً من نفسه ومن أحلامه، حتى إنه أسعدنا فى إنشاده الدينى الطيب الذى يعكس تسامحاً وتسلحاً فى شخصيته يجعلانه مع أقران له يثمرون فى أرض مصر الطيبة ويزهرون فى كل ربوعها، محاربين أشداء فى مواجهة سرطان الإرهاب فى كل مكان وزمان.

شكراً شريف لقد جفَّفْتَ دموعنا، ورسمت «ابتسامة أمل» فخفت أوجاعنا.

وإن كان فى أرضك مات (شهيد).. فيه ألف (شريف) بيتولد..

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg