| 20 مايو 2024 م

أراء و أفكار

سليمان جودة.. يكتب: ما لا يجوز أن يفوت على أهل القرار في بغداد!

  • | الأربعاء, 25 أكتوبر, 2017
سليمان جودة.. يكتب: ما لا يجوز أن يفوت على أهل القرار في بغداد!
سليمان جودة

الذين تخوفوا قبل شهر من الآن، من عواقب انفصال الأكراد عن العراق، يتخوفون هذه الأيام، وبالدرجة نفسها، من عواقب السياسة التى تتبعها السلطة المركزية فى بغداد، مع الأكراد، سواء كانوا فى إقليم كردستان، أو كانوا خارج الإقليم!

والقصة بدأت كما تابعناها من أولها، بأن دعا مسعود بارزانى، رئيس الإقليم، إلى استفتاء فى الخامس والعشرين من سبتمبر الماضى، حول رغبة الأكراد فى البقاء ضمن الدولة العراقية، أو الانفصال عنها فى دولة مستقلة، وقد جرى الاستفتاء فى موعده فعلاً، وكشف عن أن ٩٣٪‏ من بين الأكراد يؤيدون الاستقلال!

وماكادت هيئة الانتخابات فى أربيل، عاصمة كردستان، تعلن هذه النتيجة، حتى أصيبت تركيا، ومعها إيران، بالجنون، وكان رأيهما من رأى الحكومة فى بغداد، وهو منع الاستقلال بأى طريقة!

وكان لدى كل طرف من الأطراف الثلاثة سبب خاص يحركه، فى الاتجاه ذاته الذى يتحرك فيه الطرفان الآخران، سواء كان هذا الطرف هو رجب طيب اردوغان، فى أنقرة، أو كان حيدر العبادى، رئيس الوزراء العراقى، فى بغداد، أو كان على خامئنى، مرشد الثورة فى طهران!

فأردوغان يشعر بالفزع من أن يؤدى استقلال كردستان، إلى إيقاظ الرغبة نفسها لدى أكراد بلاده، الذين يطاردهم هو طول الوقت، والذين يبلغ عددهم ١٥ مليوناً، ويشعرون فى كل يوم بأن حكومته تعاملهم باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، رغم أنهم يحملون الجنسية التركية، شأنهم شأن أى تركى آخر!

والإيرانيون لا ينسون أبداً، أن دولة للأكراد قامت من قبل على الأراضى الإيرانية، وأن مهاباد كان هو اسمها، وأن ذلك كان فى عام ١٩٤٦، وأنها دولة دامت لعام واحد، أو أقل، وأن عدم اتفاق المجتمع الدولى على دعمها، هو فقط الذى وأدها فى مهدها، وأن أكرادها.. أكراد إيران.. يفكرون بالضرورة فى إحياء تلك الدولة الموءودة، إذا ماحانت أى فرصة مناسبة!

وبغداد من جانبها ترى أن السماح بدولة للأكراد فى كردستان، شمال البلاد، لا بد أن يقود العراق فى النهاية إلى التفكك، وإلى أن تقوم دولة أخرى للسُنة، وربما ثالثة للتركمان.. وهكذا.. وهكذا.. لنجد فى الآخر أن العراق الذى عرفناه على مراحل التاريخ، قد ذاب واختفى!

وهكذا اجتمعت كل الأسباب ضد الرغبة الكردية، التى يمكن أن تتعاطف معها إنسانياً، ولكنك لاتعرف كيف تهضمها سياسياً!

ولم تكن الأطراف الثلاثة هى وحدها التى رفضت وصممت على الرفض، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية كانت معها أيضاً، وكذلك موسكو التى أعلنت على لسان نائب وزير خارجيتها أن إجراء الاستفتاء فى موعده، لايعنى الاعتراف بنتائجه!

ووجد الأكراد أن موقفهم بعد الاستفتاء أصعب منه قبل الاستفتاء، خصوصاً عندما جهز العبادى حملة عسكرية ضخمة إلى مدينة كركوك لاستعادتها بالقوة، بعد أن كان بارزانى قد قال إن المدينة تتبع إقليم كردستان!.. وعندما وصلت الحملة إلى كركوك، بمساعدة إيرانية واضحة، فر منها أكراد كثيرون إلى داخل حدود الإقليم!

وبلغ الأمر إلى حد أن بغداد طلبت ولاتزال تطلب من إدارة الإقليم، تسليمها المنطقة الحدودية بينه وبين تركيا وسوريا!.. وأحس أكراد العراق بانهم محاصرون، ومطاردون، كما لم يحدث معهم من قبل!

وهذا بالضبط هو سبب التخوف، لأن الكردى إذا أبت عليه بغداد حقه فى الاستقلال، فلايجوز أن تأبى عليه حقه فى أن يكون مواطناً كامل الحقوق والواجبات، شأن أى عراقى آخر!

المواطنة بمفهومها الشامل، تحمى الأكراد، وتحمى العراق معهم، وهذا مالايجوز أن يفوت على أهل القرار فى العاصمة بغداد!

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg