| 02 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الحرب على التعليم.. القضية الأكبر لجماعات العنف

  • | السبت, 11 نوفمبر, 2017
الحرب على التعليم.. القضية الأكبر لجماعات العنف

من المعلوم بالضرورة أنّ الفكر المتطرّف لا يتماشى مع التعليم والتنوير، إذ تعمل الجماعات المتطرّفة على محاربة التعليم وتسعى جاهدة لإغراق العالم فى ظلمات الجهل وضلالة الأفكار الشاذّة، وحرمان الأجيال المقبلة حقهم فى الحصول على قسط من التعليم يعينهم على خوض الحياة وتحقيق الهدف الأسمى الذى خلق الله الناس من أجله؛ إعمار الأرض، ويساعدهم على المضى نحو مستقبل نافع لحياتهم، ويجعل منهم عناصر فاعلة فى مجتمعاتهم باعتبارهم اللبنة الأولى فى بناء المجتمع.

وقد حازت قضيّة الحرب على التعليم من قبل جماعات العنف والتطرّف اهتمام مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف منذ إنشائه قبل عامين ونصف العام، لا سيّما ما تقوم به جماعة بوكو حرام التى اتخذت من الحرب على التعليم ركيزةً أساسية فى عقيدتها الفاسدة وركناً ركيناً لتصرفاتها غير المسئولة بدايةً من تسميتها التى تعنى «التعليم الغربى حرام»، مروراً بجرائم كثيرة فى تاريخها الأسود استهدفت من خلالها ضرب العملية التعليمية فى مقتل ولعلّ الحدث الأبرز فى التاريخ الدّمويّ لهذه الجماعة؛ جريمة اختطاف قرابة الثلاثمائة فتاة من إحدى المدارس بمدينة تشيبوك وقع فى محراب العلم بزعم تحريم التعليم على الفتيات حتى اتضح الغرض الخبيث بعد ذلك من استغلال أولئك الفتيات جنسياً وحتى فى ميدان تنفيذ العمليات الانتحارية، وفى إطار سعيها لهدم كل ما من شأنه بناء المجتمعات فى مناطق انتشارها بغرب أفريقيا، عاودت جماعة بوكو حرام عملياتها الإجرامية التى تستهدف من ورائها ضرب مستقبل الأمم وإطفاء شعاع الأمل المتمثّل فى جيل يحمل راية العلم مدافعاً عن الإنسانية ساعياً لغدٍ أفضل، قامت بوكو حرام من خلال بعض عناصر الجماعة بارتكاب جريمة جديدة بقتل مدير إحدى المدارس بالنيجر ذبحاً، فى مشهد وحشيّ يظهر الوجه الخبيث لتلك الجماعة التى لا تسعى لبناء ولا تقدّم وإنّما رجعية وتخلّف وتردّى.

وقد وقف مرصد الأزهر لمكافحة التطرّف على تطوّرات هذا الحادث من خلال متابعة ما أعلنته وزارة التعليم فى النيجر بشأن مقتل مدير مدرسة ابتدائية ويدعى بلال مامادو على أيدى عناصر من جماعة بوكو حرام الإرهابية؛ حيث أفادت الأنباء أن عملية القتل وقعت فى قرية جاسكيرو التى تقع فى منطقة ديفا جنوب شرق النيجر بالقرب من الحدود مع نيجيريا. من جانبه أدان وزير التعليم فى النيجر داودأمامادو مارث على حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك هذه الجريمة واصفاً إياها بـالجريمة غير الآدمية. جدير بالذكر أنّ هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها التى نفّذتها بوكو حرام فى هذه المنطقة.

هذا ويرى مرصد الأزهر أنّ هذه الجريمة تتعدى كونها مجرّد عملية قتل وحشيّة بحق أحد الأبرياء الذى طالتهم أيدى بوكو حرام الغادرة، وإنّما للحادث دلالات خطيرة؛ منها أنّ الهدف قد لا يكون قتل شخص فحسب وإنّما توجيه تهديد مباشر لكل من يعمل بحقل التعليم أنّه معرّض للمصير ذاته، القتل أو الاختطاف أو التهديد على أقل تقدير، كما يشير الحادث إلى تطوّر خطير فى أسلوب بوكو حرام وذلك على مستويين: الأول: التنويع فى أسلوب تنفيذ الهجمات بين الذبح والهجمات من خلال انتحاريات أو سيارات مفخّخة، الثانى: اتساع نطاق إرهاب بوكو حرام وخروجه عن الحدود النيجيرية فبالأمس القريب كان الهجوم على مناطق بشمال شرق نيجيريا أعقبته مجزرة وحشيّة بالكاميرون ثم هجوم على أحد مساجد شمال نيجيريا ثم تأتى هذه العملية بالنيجر فى تعبير عن مدى خطورة الموقف والسعى الحثيث من قبل بوكو حرام لتوسيع نطاق عملياتها مما يعمل على تشتيت جهود المكافحة ويتطلب مضاعفة لها وإحكام السيطرة الأمنية خاصة على المناطق الحدودية، الأمر الذى أكّد عليه المرصد فى سبيل الحد من أنشطة الجماعات المتطرّفة التى لا تربطها حدود ولا تحكمها استراتيجية محدّدة وإنّما حدودها الخراب والدّمار واستراتيجيتها العنف والقتل والإجرام. كما يجدّد المرصد تأكيده على أنّ الإسلام الذى يدّعى هؤلاء انتسابهم إليه وعملهم تحت رايته لهو على النقيض مما يقومون به من ممارسات، فكيف لدين استفتح دعوته بالحث على القراءة والتدبّر فى أول آيات كتابه الحكيم أن يحرّم التعليم أو يجرّم التنوير؟!

وحدة رصد اللغات الأفريقية

طباعة
الأبواب: مرصد الأزهر
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg