| 24 مايو 2024 م

أراء و أفكار

رسول الإسلام.. والسلام

  • | الجمعة, 24 نوفمبر, 2017
رسول الإسلام.. والسلام

فى وضوح لا غموض فيه كانت تعاليم الإسلام منذ بدايتها تنضح بالسلم والسلام والمحبة والوئام، ويكفى أن رسول الإسلام تجلى خلقه وميله إلى السلم فى كل تعاملاته وأقواله وأفعاله يدعو إلى الأمن والأمان، ويفشى السلام.

قال الدكتور جمال الهلفى عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية بكفر الشيخ، إن الرسول كان أحسن الناس أخلاقاً وأعلاها أدباً، وكان رسول الإسلام والسلام أرفع الناس قدراً وألينهم قولاً وأعذبهم لساناً وأفصحهم بياناً، يملا إلى السلم ولا يجنح إلى العنف، ويتجلى ذلك فى الواقعة التى جاءت عن أنس رضى الله عنه الذى قال: «كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجرانى غليظ الحاشية، فأدركه أعرابى فجذبه بردائه جذبة شديدة، فنظرت إلى صفحة عنق رسول الله وقد أثر بها حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال يا محمد مر من مال الله الذى عندك، فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء»، وفى صلح الحديبية ما يكشف عن خلق النبى فى السلام وحقن الدماء، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «والذى نفسى بيده لا يسألونى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها»، أى يريد المصالحة والجنوح إلى المسالمة وترك القتال فى الحرم والكف عن إراقة الدم فيه، وهو معنى تعظيم حرمات الله.

وأشار الهلفى، إلى أن الرسول الكريم تجلى خلقه وميله إلى السلم لما جاء يوم بدر، حيث قال: «ما تقولون فى هؤلاء الأسرى؟ فقال أبوبكر: يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم واستان بهم لعل الله يتوب عليهم، وقال عمر: يا رسول الله أخرجوك وكذبوك قربهم واضرب أعناقهم، وقال عبدالله بن رواحة: يا رسول الله انظر وادياً كثير الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرم عليهم ناراً، فقال العباس: قطعت رحمك. فدخل رسول الله عليهم ولم يرد عليهم شيئاً، فقال ناس يأخذ بقول أبى بكر وقال ناس يأخذ بقول عمر، وقال ناس يأخذ بقول ابن رواحة، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال «إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام، قال (فمن تبعنى فإنه منى ومن عصانى فإنك غفور رحيم)، ومثلك يا أبن رواحة كمثل عيسى قال (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)، وإن مثلك يا عمر كمثل نوح إذ قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا).

وأكد الدكتور محمود الصاوى عميد كلية الدعوة الإسلامية، إن إفشاء السلام من حقيقة الإيمان، ويورث المحبة بين الأنام، وكما قال رسول الله: «والذى نفسى بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شىء إن فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم». موضحاً أنه ليس سلاماً خاصاً للمسلمين وحدهم، بل للبشرية كلها، مشيراً إلى أن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه فى الأرض فأفشوه بينكم، وإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب.

وأوضح الصاوى،  أن أول كلمة نطق بها الجناب النبوى الشريف عندما وطأت قدمه الشريفة المدينة المنورة كانت: «أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام». كما دعا إلى الأمن والأمان والسلامة فى إفشاء السلام، موضحاً أن تحية الإسلام تعنى الدعاء لمن تسلم عليه بالسلامة من كل آفة. لافتاً إلى أنه كان أسوة فى تعامله مع المخطئين فلا يعنفهم أو يوجههم أمام الناس ليحرجهم، بل كان يخطب فى الناس جميعاً بقوله: «ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا».

بدوره، لفت الدكتور عبدالعزيز المرشدى أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بالمنصورة، إلى أن من يتأمل سيرة النبى يدرك أن تعاليمه منذ بدايتها تنضح بالسلم والسلام والمحبة والوئام، ويكفى أن رسالته الإسلام تعنى فى حقيقتها السلام، وتحية الإسلام الخالدة هى السلام الذى هو باب الجنة الوسيع.

وأكد أن منهج المصطفى وتطبيقاته العملية تؤكد أن مهماته بعد الدعوة إلى التوحيد هو ترتيب البيت الإنسانى بالسلام فى ربوع الكون، ويكفى أن نذكر بأن زوجة المقوقس عظيم القبط فى مصر حين علمت بقدوم جيش المسلمين لفتح مصر هدأت من روع الخائفين قائلة: «إن هؤلاء الرجال أتباع رجل أطهر من السحاب فى سمائه، إن هؤلاء الرجال إن سلوا سيوفهم سلوها بحق، وإن أغمدوها أغمدوها بحق»، كل ذلك امتثالاً لتوجيه الحق سبحانه «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»، ويكفى أن نعلم أن المصطفى قد بدل اسم أحد أصحابه إلى سلم وكان يسمى حرباً.

وذكر الدكتور نادى عبدالله أستاذ الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، أن البشرية لم تعرف إنساناً نال من الكماليات الإنسانية مثل سيدنا محمد، فقد أعطى الكمال فى كل نواحى الحياة فى سلمه وفى حربه، وهو فى البداية رسول سلم وسلام، وهذه أساسيات دعوته الكريمة امتثالاً للأمر الإلهى فى قوله تعالى: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن»، فلم يكره أحداً على الدخول فى الإسلام، وإنما كان يعامل الناس بالعقل والمنطق.

وأشار عبدالله، إلى أن رسول الله جسد كل معانى السلام عندما تعرض لأشد أنواع الأذى والمضايقات من المشركين، ولما طلب منه أن يدعو عليهم، قال: «لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبدالله»، فكان يتمنى الخير للجميع. كما كان صلى الله عليه وسلم سلاماً وسلماً للجميع للصغار والكبار، للرجل والمرأة، حتى فى أوقات الحرب التى كانت دفاعاً عن المستضعفين من المسلمين كان يأمر أصحابه أن لا يتعرضوا لطفل أو امرأة أو شيخ كبير ولا يقطعوا شجرة، ومن دخل فى جواره كان فى أمان حتى ولو ظل على شركه، ولما دخل مكة منتصراً فاتحاً كان فى غاية الرحمة والسلام فقال لهم: «ما تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء»، مشيراً إلى أن رسول الله دعانا إلى أن نتقابل بالسلام وأن نتفارق على السلام، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «ألق السلام على من عرفت ومن لم تعرف».

مصطفي هنداوي

طباعة
كلمات دالة: محمد رسول الله
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg