| 18 مايو 2024 م

أراء و أفكار

الإسلام اعتبر الآخر جزءاً منه.. وسجل مبادئ التعايش في دستور دولته الأولي

  • | الجمعة, 24 نوفمبر, 2017
الإسلام اعتبر الآخر جزءاً منه.. وسجل مبادئ التعايش في دستور دولته الأولي

المنفتح على الآخر

قالت الدكتورة زكية محمد حواس أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بالمنصورة جامعة الأزهر، إن الإسلام بلغ درجة عالية من السمو حتى جعل الآخر جزءاً منه، ووضع هذه المبادئ كمواد فى دستور دولته الأولى دولة النبوة والخلافة الراشدة، وجعلها صياغات دستورية فى المواثيق والمعاهدات والعهود التى عقدتها الدولة الإسلامية مع «الآخرين» الذين قامت بينهم وبين دولة الإسلام علاقات ومصالح وارتباطات، ثم تجسد كل ذلك فى الواقع والحضارة والتاريخ. وأضافت أن الرسول عندما قدِم المدينة غرس فيها بذور التسامح بين المسلمين وغيرهم فأقام معاهدة مع اليهود تنص على السماحة والعفو والتعاون على الخير والمصلحة المشتركة وحافظ على هذا الميثاق لكن اليهود سرعان ما نقضوه.

وتابعت أستاذ الفقه: لما جاء وفد نصارى نجران أنزلهم الرسول فى المسجد فلما حان وقت صلاتهم تركهم يصلون فى المسجد فكانوا يصلون فى جانب منه، ولما حاوروا الرسول حاورهم بسعة صدر ورحابة فكر وجادلهم بالتى هى أحسن وأقام الحجة عليهم ولم يكرههم على الدخول فى الإسلام بل ترك لهم الحرية فى الاختيار، وقد أسلم بعضهم بعدما رجعوا إلى نجران.

وأوضحت أستاذ الفقه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يوصى كثيرا بأهل الذمة والمستأمنين وسائر المعاهدين ويدعو إلى مراعاة حقوقهم وانصافهم والإحسان إليهم وينهى عن إيذائهم ومن ذلك ما رواه أبوداود فى سننه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: «ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسٍ فأنا حجيجه «أى أنا الذى أخاصمه وأحاجه» يوم القيامة» وعن عبدالله بن عمرو رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما».

واستطردت: إذا أجار أحد من المسلمين مشركا فى دار الإسلام فيجب معاونته على ذلك ويحرم خفر ذمته ففى الصحيحين عن أم هانئ بنت أبى طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، وقلت: يا رسول الله، زعم ابن أمى، أنه قاتلٌ رجلا قد أجرتُه، فلان بن هبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ». وروى أبوداود فى سننه أن رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمّتِهِمْ أدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَرُدّ مُشِدّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ، وَمُتَسَرّيهمْ عَلَى قَاعِدِهِمْ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فى عَهْدِهِ».

وتستعرض الدكتورة زكية بعض المواقف الدالة على سماحته صلى الله عليه وسلم مع غير المسلمين منها موقفه صلى الله عليه وسلم مع يهودى يدعى زيد بن سعنة أراد أن يختبر حلمه صلى الله عليه وسلم قال زيد: لم يبق شىء من علامات النبوة إلا وقد عرفتها فى وجه محمد حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما: يسبق حلمُه جهلَه ولا يزيده شدةُ الجهل عليه إلا حلما.. فاشترى ثمرا قبل نضجه واعطى للنبى صلى الله عليه وسلم مالا... قال: فلما حل الأجل أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه وهو فى جنازة مع أصحابه ونظرت إليه بوجه غليظ وقلت: يا محمد ألا تقضينى حقى فوالله ما علمتكم بنى عبدالمطلب إلا مطلاً، قال فنظر إلىّ عمر وعيناه يدوران فى وجهه كالفلك المستدير ثم قال: يا عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع وتفعل ما أرى؟! فو الذى بعثه بالحق لولا ما أحاذر لومه لضربت بسيفى رأسك.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر فى سكون وتؤدة وتبسم ثم قال: أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر؛ أن تأمرنى بحسن الأداء وتأمره بحسن الطلب، اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزد عشرين صاعا من تمر.. فأسلم زيد بن سعنة رضى الله عنه وشهد بقية المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفى عام تبوك رحمه الله.

وأشارت حواس إلى أن المقارن بين سماحة المسلمين حين يكتب لهم النصر والتمكين وبين ما سجله التاريخ من وحشية فى الحروب الصليبية وخلال فترات الكشوف الجغرافية والاستعمار الذى حل بكثير من بلاد الإسلام حقبة من الزمن يتجلى له الفارق. ويقول المستشرق لين بول: «فى الوقت الذى كان التعصب الدينى قد بلغ مداه جاء الإسلام ليهتف «لكم دينكم ولى دين»، وكانت هذه المفاجأة للمجتمع البشرى الذى لم يكن يعرف حرية التدين، وربما لم يعرفها حتى الآن.

نعمات مدحت

طباعة
كلمات دالة: محمد رسول الله
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg