| 26 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: "مرارة" الإرهاب.. وطبيب "السكر"

  • | الجمعة, 8 ديسمبر, 2017
محمد مصطفى أبوشامة.. يكتب: "مرارة" الإرهاب.. وطبيب "السكر"
محمد مصطفى أبو شامة

سعدتُ بالرسالة التى وصلتنى من الدكتور أشرف الشيخ استشارى الأمراض الباطنية والغدد الصماء، وصاحب مركز «أبو سيفين لأمراض السكر»، تعليقاً على مقالى السابق: «مكارثية» الأزهر.. والخوف من الله، وفتحت الرسالة باباً لحوار أظنه مهماً، مع طبيب مصرى مثقف ووطنى، لم تقف (خانة الديانة) حاجزاً أمام تدفُّقِه بحرِّيَّة وشفافية وصدق.

بدأ د.أشرف قائلاً: «تعليقاً على مقالك الأخير، ورَفْضِك تحويلَ الأزهر إلى مؤسسة (مكارثية) ترهب المجتمع وتصبح سيفاً يقطع رقبة كل معارض أو مختلف فى الرأى، أوافقك تماماً فى دفاعك عن موقف مؤسسة الأزهر الشريف (فى رفضه لمبدأ التكفير)، لو كانَتْ المشكلة المثارة هى اختلاف فى الرأى، والتى يمكن أن نطبق عليها المقولة الشهيرة «الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية». لكن دعنى أذكِّرْك بأن الموضوع هو مأساة مسجد الروضة التى راح ضحيَّتَها 309 من المسلمين الموحِّدين بالله الناطقين بالشهادتين وهم يصلون صلاة الجمعة فى المسجد، وهنا أتساءل: ما موقفُ كاتبِنا الكبير من هذه الآية، ومن آيات  تناولت الموضوع ذاته: «مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً»!؟..  رأيى أن مؤسسة الأزهر  مترددة (لسبب يعلمه الله) فى أخذ موقف واضح وصريح من مرتكبى الأعمال الإرهابية الخطيرة التى تهدد أمن بلادنا والمجتمع».

وكتبتُ له رداً قلتُ فيه: «عزيزى الدكتور المحترم، أولاً أوضِّح لك أن رفضى منح الأزهر سلطةً استثنائيةً لتكفير أيِّ مصرى، هو مبدأ وموقف شخصى، والآن دَعْنِى أسأَلْك: هل سيتوقف الإرهاب لو قال الأزهر إن (الدواعش) كفار؟ أظن أن إقحام الأزهر فى الموضوع هو محاولة لتشتيت الانتباه، ولكن علينا أن نمتلك شجاعة المواجهة بأنه ربما تكون هناك بعض أخطاء فى المواجهة الأمنية مع الإرهاب، ولا أنكر أيضاً أن هناك أوجهَ قصورٍ فى دور الأزهر، فالكمال لله وحده.

وإن كنتُ أتمنى أن نتعلَّم من الغرب فى تعامله مع جرائمَ هَزَّت العالم مؤخراً، منها مثلاً حادث لاس فيجاس،  فلم يتَّهِم أحد الشرطةَ الأمريكيةَ بالتقصير، ولا عاتَبَ أحدهم الكنيسة واتهمها بأنها السبب، فالعنف أصبح موضةً عالميةً تتخذ من الدين قناعاً أحياناً، وأحياناً أخرى تطل بوجهها القبيح دون أقنعة. 

فما المطلوب من الأزهر تحديداً.. ؟! الجميع يطالبه بتجديد الخطاب الدينى.. كل العقلاء يعلمون أن هذا أمر يحتاج إلى وقت ودعم كل مؤسسات الدولة، وهو أمر يأخذنا إلى فشل التعليم كله فى مصر، وهى الكارثة التى تنذر بما هو أخطر من الإرهاب، وتنبئ بمستقبل مرعب.

وأخيراً: أكرر وأؤكد أن سقوط الأزهر كارثة كبيرة على الإسلام وعلى كل الأديان، لأنه آخر حصون الاعتدال الدينى وأصدق منابر الوسطية، وتراجُعه عن دوره يمنح أرضاً خصباً تستثمرها كل تيارات التطرف من الإلحاد إلى الإرهاب».

وجاء ردُّهُ أكثرَ حسماً، حيث قال: «معك حق فى كل كلامك الموزون المرتَّب لكن داخلى رغبة ملحَّة - ويشاركنى فى ذلك كثير من الأصدقاء مسلمين ومسيحيين - فى أن يتخذ الأزهر موقفاً أكثر وضوحاً أو أكثر قوةً تجاهَ مثل هؤلاء القتلة المأجورين، ويمكن استخدام معانٍ تشير إلى التكفير دون إعلانها صراحةً منعاً من عواقب ذلك، كما أشرت، يمكن مثلاً أن يصدر بياناً يقول فيه إن من يفعل مثل هذه الجرائم الشنعاء هم قتلة ليسوا بشراً ولا مسلمين ولا يعرفون الله  ولا مصريين... إلخ، فبشاعة الجُرْم تولِّد رغبة شديدة فى الانتقام من هؤلاء القتلة الذين يعجز اللسان عن وصف خستهم وشرهم».

فأرسلتُ له رابطَ فيديو، وتبعته بالتعليق التالى: «أرجو أن يتسع وقتك لتستمع وتشاهد (8 دقائق فقط)، هى زمن كلمة فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب فى مسجد الروضة خلال زيارته التاريخية إلى بئر العبد، يوم الجمعة الماضى، وقد قال كلَّ ما كتبتَهُ وطالبتَ به، وقال ما هو أكثرُ قوة، تحديداً من نهاية الدقيقة الثانية هو يتحدث عن الإرهابيين وينعتهم بأشد الأوصاف».

فأرسل لى صديقى استشارى أمراض السكر، إشارات تصفيق وإشادة، قبل أن يختم حوارنا قائلاً: «كلمات رائعة لا بدَّ من إذاعتها مراراً وتكراراً، أتمنى التنبيه على الإعلام المغيَّبِ بإذاعتها عدةَ مراتٍ بدلاً من (هرتلة) أبلة فاهيتا وأخواتها».

وختاماً، شاءت الأقدار أن أُبتلَى بنزلة برد حادة حرمتنى من صلاة الجمعة، فجلستُ أتابعها من مسجد الروضة عبر فضائية «dmc» سعيداً بإعادة افتتاح المسجد بعد الحادث الأليم، فخوراً بحضور الشيخ الطيب ومعه نخبة من رجال الأزهر ورموز المجتمع، وانتهت الصلاة وهمَّ الإمام الأكبر بأن يُلقيَ كلمته المرتقبة، ولكننى فوجِئتُ بالمحطة تقطع الإرسال وتبثّ حديثاً تليفزيونياً قديماً لفضيلة الشيخ الشعراوى، فاضطررت أن (أغير المحطة)، لأستمعَ إلى كلمة فضيلته، مندهشاً من هذا الموقف الذى اتخذته أحدث الفضائيات الخاصة (وأقربها للدولة المصرية)، والتى نقدر الدور الذى تلعبه فى الإعلام المصرى.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
4.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg