| 19 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

الدكتور مصطفى عرجاوي.. يكتب: حاسبوا قبل أن تحاسبوا

  • | السبت, 9 ديسمبر, 2017
الدكتور مصطفى عرجاوي.. يكتب: حاسبوا قبل أن تحاسبوا
الدكتور مصطفى عرجاوي

لا بد أن نتأمل الكلمات التى توزن بميزان الذهب، الكلمات الحكيمة التى تدعو كل واحد منا إلى محاسبة نفسه، والمأثورة عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه حيث قال: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم» وذلك إعمالاً وتفعيلاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله»- أخرجه الترمذى.

هذه الكلمة الحكيمة المختصرة «حاسبوا قبل أن تحاسبوا» جمعت فى طياتها خيرات الدنيا والآخرة، لأنها تدفع كل إنسان إلى مراجعة نفسه، فلا يقبل على أى فعل غير مشروع أو أى ظلم مهما صغر حجمه أو ضعف تأثيره، لأنه يعلم بأن قيوم السماوات والأرض يحاسب على مثقال الذرة مصداقاً لقوله تعالى: «فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره» سورة الزلزلة، فيسارع إلى إحقاق الحق وإن كان لغيره، وإلى إبطال الباطل وإن صدر منه أو غيره، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، كما أن الناطق بالباطل شيطان متكلم، وليضع نصب عينيه قول الله تعالى: «ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد» ق: 18.

فيعقل لسانه عن الخطايا والآثام، ويقيد يده بقيم الحق والعدل والإنصاف والانتصاف لغيره مهما كان بينه وبين هذا المظلوم من ضغائن أو أحقاد، يفعل ذلك من ذات نفسه بنفسه، لأن الذى يستطيع أن يتحكم فى ذاته ولا ينقاد لهواه وشهواته، يمكنه أن يحكم غيره، وإلا فلا، لأن فاقد الشىء لا يعطيه.

وإذا كانت المحاسبة الذاتية للنفس والمحاكمة التلقائية للتصرفات تتم من المواطن العادى لنفسه بنفسه، فهى مطلوبة من باب أولى من كل من هو فوق المساءلة والمحاسبة من المرءوسين، فكل مسئول أو قيادى فى مؤسسة عامة أو خاصة عليه أن يحاسب نفسه حساباً عسيراً، ويطلب البطانة الصالحة ويشجع من يظهر له عيوبه أو يقدم له النصيحة لأن من خيار الناس من ينصح بالحق فمن الدين النصيحة، وعلى من تم نصحه أن يمد هذا الخير لغيره عند الاقتضاء، فلا يبخل على غيره بهذا الخير، وأكثر الناس حاجة قد تصل إلى حد الضرورة، ولى الأمر فى كل وزارة أو مؤسسة أو هيئة... أو أى موقع إدارى أو تنفيذى، لأن المحاسبة للنفس هى الطريق السوى للنجاح والفلاح فى الدنيا والآخرة.

هذا والله تعالى من وراء القصد.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
4.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg