| 26 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

عماد الدين حسين.. يكتب: الأزهر.. والموقف القاطع في القدس

  • | الجمعة, 15 ديسمبر, 2017
عماد الدين حسين.. يكتب: الأزهر.. والموقف القاطع في القدس
عمادالدين حسين

يحسب لشيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ومؤسسة الأزهر، أنه اتخذ موقفا مبدئيا وسريعا وقويا من قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية المحتلة. الشيخ لم يهادن ولم يفكر فى الحلول الوسطية والمواءمات التى لجأت إليها العديد من المؤسسات والهيئات والتنظيمات والحكومات العربية والاسلامية فى هذه الأزمة تحديدا. 

فى اليوم الأول كان هناك بيان واضح رافضا ومنددا بالقرار، وفى اليوم الثانى كان هناك القرار الشجاع لشيخ الأزهر ،برفض مقابلة نائب الرئيس الأمريكى مايك بينس خلال زيارته المفترضة للقاهرة فى يوم ٢٠ من شهر ديسمبر الجارى.. بيان الإمام كان واضحا وهو أنه: «لا يمكن أن نجلس مع مزيفى التاريخ، وسالبى حقوق الشعوب، أو من يعطون ما لا يملكون لمن لا يستحقون»!!!!.. لم يكتف شيخ الأزهر بذلك، بل خاطب أهالى القدس بقوله: «لتكن انتفاضتكم الثالثة، بقدر إيمانكم بقضيتكم ومحبتكم لوطنكم، ونحن معكم، ولن نخذلكم».

فى اليوم الثالث تطور موقف الأزهر وشيخه بصورة نوعية، حيث دعا بشكل رسمى إلى مقاطعة المنتجات الأمريكية، وكذلك تلك التى تنتجها دولة الاحتلال.

 الشيخ عباس شومان وكيل الأزهر قال: «إنه بعد هذا التحدى والاستفزاز والاستهانة بمشاعرنا والتباهى بهذا القرار الباطل، الذى أصدره ترامب، فاعتقد أنه لا يليق بمسلم أو مسيحى أن يشترى منتجا أمريكيا أو صهيونيا، وكذلك كل دولة تتخذ قرارا مماثلا».. ويحسب للكنيسة المرقسية والبابا تواضروس اتخاذه قرارا مماثلا  بعدم مقابلة نائب الرئيس الأمريكى، احتراما لمشاعر ملايين العرب، كما قال بيان للكنيسة المصرية. . قد يسأل البعض، وما الجديد فى موقف الأزهر وشيخه فى هذه الأزمة ؟!.

تقديرى الشخصى أن التنديد بقرار نقل السفارة مهم جدا، ورفض اللقاء مع نائب الرئيس خطوة رمزية أكثر أهمية، لكن الأهم على الإطلاق هو الدعوة لمقاطعة البضائع والسلع والمنتجات الأمريكية. كثير من الهيئات والأحزاب والنقابات وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى دعت وتدعو إلى مقاطعة السلع الأمريكية منذ سنوات طويلة حينما بدأت العلاقات الرسمية بين مصر والكيان الصهيوني عقب زيارة السادات للقدس في نوفمبر 1977،ثم توقيع اتفاقيات كامب ديفيد في سبتمير 1978، وبعدها توقيع معاهدة السلام بين البلدين في مارس 1979، بوساطة ورعاية امريكية كاملة، لكن تأثير هذه الدعوات لم يكن على المستوى المطلوب، لدرجة أن البعض كان يسخر ويقول، إنه كلما دعا البعض إلى مقاطعة المنتجات الأمريكية والاسرائيلية، كلما زاد عدد العرب والمسلمين الواقفين فى طابور الراغبين فى الهجرة لأمريكا!!!. لكن الوضع يفترض أن يختلف حينما تأتى الدعوة من مؤسسة الأزهر، بكل ما تحمله من قيمة وهيبة روحية ومعنوية، ليس فقط فى مصر أو حتى المنطقة العربية، ولكن فى كل العالم الإسلامى.. هذه الدعوة تطور مهم للغاية لأنها تنتقل من لغة البيانات والتصريحات والمواقف اللفظية ــ مع كل التقدير لها ــ إلى مرحلة العمل الحقيقى، ومواجهة الأزمة على أرض الواقع، بديلا للغة الشجب والاستنكار والإدانة والإعراب عن القلق، التى صارت السلعة والبضاعة الأكثر انتشارا فى بيانات غالبية البلدان العربية والإسلامية، من دون القدرة على اتخاذ موقف عملى بسيط، يجعل ترامب ومن يؤيده يدركون أن هناك ثمنا سوف يدفعونه نظير انحيازهم الفج للاحتلال الصهيونى البغيض لكل فلسطين وعاصمتها القدس العربية الشريفة.

تحية واجبة لموقف مشيخة الأزهر والدكتور أحمد الطيب، ونتمنى أن يستمر هذا الموقف، وأن تكون هناك متابعة مستمرة، وتفعيل حقيقى لهذه الدعوة، ليس حبا فى المقاطعة والعداء مع الولايات المتحدة، ولكن حتى تصل رسالة لمن يهمهم الأمر، بأن هذه الأمة لم تعد جسدا هامدا كما يعتقدون.. وإنا لمنتظرون.

طباعة
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg