| 29 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

الأنبا إرميا.. يكتب: رجل الود والمحبة والتآخي

  • | الخميس, 15 مارس, 2018
الأنبا إرميا.. يكتب: رجل الود والمحبة والتآخي

حين يمسك الإنسان بقلمه ليخُط كلماته، فهى بحق نبضات الفكر الذى يجتاح نفسه، وكم تتأثر بما يمر به من مشاعر وأفكار وحَيرة ومواقف، فتضحى انعكاساً لما يعيشه! وربما يختلف حديث الإنسان إلى نفسه عن حديثه إلى الآخرين، إذ إنه فى الأخير يحاول أن تتسع كلماته وأفكاره عن الذات لتقدم ما يمكن أن يعين الآخرين فى مسيرة حياتهم. إلا أنه دائما يظل هناك جزء من أعماقنا فى جميع ما نكتب.

فى مقالة اليوم التى أخُطها لـ«جريدة صوت الأزهر» بعد الدعوة الكريمة التى تلقيتها للكتابة فيها، أود أن أبدأ بتهنئة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. «أحمد الطيب» شيخ الجامع الأزهر، وتهنئة إخوتنا المسلمين فى العالم كله بمناسبة مرور ثمانى سنوات على تعيينه شيخاً للجامع الأزهر فى التاسع عشَر من مارس عام 2010م خلفاً للمرحوم الشيخ د».محمد سيد طنطاوى»؛ وفى هذه المناسبة تحضرنى كلمات مثلث الرحمات «البابا شنودة الثالث» حين أرسل برقية تهنئة، بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بتعيين د.«أحمد الطيب» شيخاً للجامع الأزهر، جاء فيها: «صاحب الفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور «أحمد الطيب» شيخ الجامع الأزهر: خالص تهانئى القلبية باختياركم لهذا المنصب الدينيّ الكبير، الذى تأهلتم له بشخصيتكم الفاضلة وعلمكم الوفير. ليكُن الله معكم يُعِينكم فى كل مسئولياتكم. «البابا شنودة الثالث»». وحقاً تُقدم لنا حياة فضيلته رحلة بحث عن العلم والعمل الجاد فى جميع ما أُسند إليه من مُهمات. حصل فضيلة الإمام على شَهادة «الليسانس» فى العقيدة والفلسفة بعد التحاقه بـ«جامعة الأزهر»، ثم أتبعها بحصوله على درجة «الماجستير»، ثم «الدكتوراه» من الجامعة نفسها. تدرج د.«أحمد الطيب» فى العمل الأكاديميّ حتى صار أستاذاً فى العقيدة والفلسفة بـ«جامعة الأزهر». تولى فضيلة الإمام مناصب كثيرة منها: «عميد كلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان»، وانتُدب «عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين» فى كل من محافظتى «قنا» و«أُسوان». وأيضاً شغَل منصب «مفتى جُمهورية مصر العربية»، ثم «رئيس جامعة الأزهر»، مع عديد من المُهمات الدينية الأخرى؛ وإلى جانب ذلك فهو «رئيس مجلس حكماء المسلمين».

عَلاقات من المحبة والتآخى

اتسمت العَلاقة بين «الأزهر» و«الكنيسة» منذ تولى فضيلة الإمام الأكبر لمسئوليات منصبه بالود والمحبة والتآخى: بدأت مع مثلث الرحمات «البابا شنوده الثالث»، وتستمر مع قداسة «البابا تواضروس الثانى» بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؛ فلا تمر مناسبة احتفالية لدى الأقباط إلا ونجد فضيلته حاضراً للتهنئة، كما فى المناسبات والاحتفالات الإسلامية يتقدم قداسة البابا بالتهنئة؛ فى حين نجدهما يتشاركان فى جميع ما يختص بالوطن، فهما يدركان أهمية أن نكون معاً من أجل الوطن والإنسانية. وتتجلى أسمى حالات الصمود والتكاتف عند حدوث الأزمات والضيقات. ومن منطلق هذه المحبة والتآخى ظهرت فكرة «بيت العائلة المِصرية» لتصبح حقيقة على أرض الواقع.

«بيت العائلة المِصرية»

يُعد فضيلة الإمام الأكبر أ. د.«أحمد الطيب» شيخ جامع الأزهر هو صاحب الفكرة فى إنشاء «بيت العائلة المِصرية»، حيث جاءت بعد واقعة «كنيسة سيدة النجاة بالعراق» فى الحادى والثلاثين من أكتوبر عام 2010م، التى أعقبها الاعتداء على «كنيسة القديسَين بالإسكندرية» فى الدقائق الأولى من غُرَّة عام ٢٠١١م؛ إذ كان من الواضح آنذاك أن تخطيطاً موجَّه إلى مِنطَقة «الشرق الأوسط» لإحداث فُرقة بين المسلمين والمَسيحيِّين، تعتمد على نشر فكر إرهابيّ مؤدّاه «رفض الآخَر». فجاءت المبادرة الكريمة فى أثناء زيارة وفد «الأزهر» برئاسة الإمام الأكبر أ. د.«أحمد الطيب» لمثلث الرحمات «البابا شنودة الثالث» فى الثانى من يناير عام ٢٠١١م، لتقديم العزاء بعد واقعة «كنيسة القديسَين بالإسكندرية»، فعرض فضيلته الفكرة على «البابا شنودة» ولقيَت ترحيباً من قداسته فوافق على الفكرة والمشاركة فى تأسيس «بيت العائلة المِصرية»، وبدأ التنفيذُ العمليّ لتحقيقها؛ وهكذا تأسس «بيت العائلة المِصرية» هيئةً مستقلةً فى عام ٢٠١١م، حيث يكمل المسيرة قداسة «البابا تواضروس الثانى» مع فضيلة الإمام الأكبر د.«أحمد الطيب». ويهدُف «بيت العائلة المِصرية» إلى الحفاظ على النسيج الوطنيّ الواحد لأبناء «مِصر»، ساعياً لتحقيق المحاور التالية:

تأكيد القيم العليا والقواسم المشتركة بين الأديان والثقافات والحضارات الإنسانية المتعددة.

بلورة خطاب جديد ينبثق عنه أسلوب من التربية الخلقية والفكرية، بما يناسب حاجات الشباب والنشء، ويشجع على الانخراط العقليّ فى ثقافة السلام ونبذ الكراهية والعنف، وقَبول فكر «التعددية»؛ من أجل تعرُّف الآخر، وإرساء أسس التعاون والتعايش بين مواطنى البلد الواحد.

رصد الوسائل الوقائية واقتراحها للحفاظ على السلام المجتمعيّ.

وقد قام فضيلة الإمام الأكبر أ. د.«أحمد الطيب» بترشيح «بيت العائلة المِصرية» للحصول على «جائزة الإمام حسن بن على للسلام الدُّولية»، حيث تسلمها فى «أبو ظبى» كل من الأمين العام أ. د.«محمود حمدى زقزوق» وزير الأوقاف الأسبق، والأمين العام المساعد «أنبا إرميا».

وهكذا يُبنى الوطن بأبنائه معاً.

الأُسقف العام ورئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ والأمين العام المساعد لبيت العائلة المِصرية

طباعة
كلمات دالة: شهر الإمام الطيب
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg