| 14 مايو 2024 م

أراء و أفكار

المحكمة في قضية "إهانة الأزهر": جريمة النشر لا علاقة لها بحرية الرأي

  • | الخميس, 12 أبريل, 2018
المحكمة في قضية "إهانة الأزهر": جريمة النشر لا علاقة لها بحرية الرأي

قال مصدر قضائى إن حكم محكمة جنايات الجيزة الصادر لصالح الأزهر الشريف، ضد رئيس تحرير صحيفة الوطن وأحد الصحفيين بالجريدة، بالحبس مع الشغل للثانى لمدة 4 سنوات وتغريمه 40 ألف جنيه، وتغريم الأول عشرة آلاف جنيه وإلزامهما المصاريف الجنائية، وبإحالة الدعويين المدنيتين للمحكمة المدنية المختصة، اعتمد بشكل أساسى على اتهامات النيابة العامة المثبتة، وعلى عجز المحكوم ضدهما فى إثبات صحة ما تم نشره فى الجريدة عن الأزهر الشريف وبعض قياداته، أو إثبات حسن النية فى النشر بما يقنع المحكمة أن النشر تم فى حدود حق النقد المكفول للصحفيين وأصحاب الرأى.

وأضاف المصدر أن النيابة اتهمت المتهمين (الصحفى ورئيس التحرير) بإهانة هيئة الأزهر بأن أسند إليها أموراً لو صحت لأوجبت احتقار الهيئة والحط  من كرامتها وهيبتها، وذلك فى الأخبار محل الشكاية والمنشورة بجريدة الوطن وبالموقع الإلكترونى للجريدة فى الفترة من (14/4/2016، وحتى 28/7/2016) والمعنونة بـ«فساد الأزهر».

وانتهت النيابة إلى أن النشر تم بسوء قصد وباستخدام أخبار كاذبة مضمونها (تلقى الأزهر لهبات بدون موافقة الدولة، وعدم تطوير البنية التحتية للأزهر، وعدم وجود مركز إعلامى للأزهر، وتعيين أستاذ جامعى بالمجاملة إماماً وخطيباً لمسجد بروما، وأنه تم تشكيل لجنة استثنائية لترقية أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، وعدم خضوع الأزهر للأجهزة الرقابية بالدولة، وإيواء عناصر جماعة الإخوان المسلمين بالأزهر، وموافقة الأزهر على إنشاء فرع لجامعة الأزهر بالخارج بدون علم الدولة، وأن معاونى شيخ الأزهر يقومون بعمليات تورية وتغطية كاذبة على جرائمهم المرصودة بحق المؤسسة من عمليات فساد وإفساد للعملية التعليمية، وأن الفلسفة وراء تلك الجملة هى التورية على جريمة إجراء عناصر جماعة الإخوان الإرهابية التى تشارك فى إدارة المشيخة والتى يسيطر معظمها على هيئة كبار العلماء)، وأن باقى المقالات تضمنت عبارات قيام مؤسسة الأزهر بصرف أموال الإعانات والصناديق الخاصة دون أن تقوم بتطوير العملية التعليمية أو الخطاب المدنى، ووصفت الأزهر بالفاسد والمتدنى وشبهته بالسلع الاستهلاكية، ووصفته بأنه يعيش أحط فترات حياته، وكذا وصف القائمين عليه بالفاسدين والعصابة وأنهم يرتكبون الجرائم المالية والأخلاقية وأنهم مجموعة من أصحاب المصالح والمنافع الرخيصة، وأنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان، مع علم الصحفى بكذبها كلها، مما كان من شأنه الحاق الضرر بالمصلحة العامة، وأن الجريدة نشرت كل هذه الأخبار الكاذبة بسوء قصد.

وأثبتت النيابة فى قرار الإحالة والاتهام قذف الصحفى المذكور بطريق النشر المستشار محمد عبدالسلام، بصفته قاضياً بمجلس الدولة ومستشاراً قانونياً لشيخ الأزهر وبصفته موظفاً عاماً، والنيل من سُمعته وشرفه وأخلاقه بأن أسند إليه أموراً لو صحَّت لأوجبت عقابه واحتقاره عند أهله وذويه وذلك بالمقال المعنون «فساد الأزهر وعملية بيع الجامعة»، والمقال المعنون «فساد الأزهر وعزبة عبدالسلام».

وأكد المصدر أن المحكمة نظرت القضية عبر درجتى تقاضى، واطلعت على الأوراق واستمعت للمرافعات والمداولات، وتقدم  كل من سامى فؤاد بيومى المحامى وكيلا عن الأزهر وعن الأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر، وسعد عابدين المحامى وكيلا عن المستشار محمد عبدالسلام، بحافظتى مستندات احتوت على الأعداد المنشورة، فيما لم يتقدم دفاع المحكوم ضدهما بأية مستندات نفى.

وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها: إنه لما كان الدستور قد كفل حرية الرأى، ونص على أن لكل إنسان الحق فى التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، وبأن النقد البنّاء ضمان لسلامة البناء الوطنى، ومن المقرر أن الطبيعة البنّاءة للنقد التى حرص الدستور على توكيدها لا يُراد بها أن تكون منطوية على الفحش أو محض التعريض بالسمعة فقد أوجب أن تمارس تلك الحرية فى حدود القانون لضمان عدم إساءة استعمال هذا الحق؛ إذ إن الحرية لم تأت للإساءة بسمعة الشرفاء أو النيل من كرامتهم، ذلك أن النقد المباح كما هو مستقر عليه بأحكام القضاء هو إبداء الرأى فى امر أو عمل دون المساس بصاحب هذا الأمر أو العمل بغية التشهير به والحط من كرامته؛ ولهذا فإن النشر فى الصحف يجب أن يكون فى إطار المقومات الأساسية للمجتمع على نحو ما أشار إليه الدستور.

كما رأت المحكمة فى حيثيات حكمها أن هذه العبارات السالف بيانها التى وردت بالمقالات المنشورة بمعرفة الصحفى والجريدة قد جاءت بعيدة تماماً عن ضوابط وقواعد حرية الرأى والنقد البناء، وقد خرجت بصورة فجة وساخرة عن هذه الضوابط والقواعد، وتجسدت فيها مظاهر الخروج عن أحكام القانون، وأنها تشكل جريمة سب وإهانة لهيئة الأزهر ونشر بيانات كاذبة بسوء نية من شأنها تكدير السلم العام وإثارة الفزع بين الناس، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة، وهى هيئة نظامية علمية إسلامية تحظى باحترام الشعب المصرى خاصة، كما تحظى باحترام وتقدير دول العالم المختلفة، كما تشكل جريمة القذف بحق موظف عام هو المستشار محمد عبدالسلام، بصفته قاضياً بمجلس الدولة ومستشاراً قانونياً لفضيلة شيخ الأزهر وبصفته موظفاً عاماً.

كذلك أكدت المادة 18 من قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 على ضرورة التزام الصحفى فيما ينشره بتلك المقومات مستمسكاً فى كل أعماله بمقتضيات الشرف والأمانة والصدق وآداب المهنة وتقاليدها بما يحفظ للمجتمع مُثله وقيمه، وبما لا ينتهك حقا من المواطنين أو يمس حرياتهم، كما نصت المادة 19 من ذات القانون على التزام الصحفى التزاماً كاملا بميثاق الشرف الصحفى، وهو ما يوجب عدم نشر الحقائق مشوهة أو مبتوره، وكذا عدم نشر الحقائق مشوهة أو مبتوره، وكذا عدم اختلاق الوقائع أو تصويرها على نحوٍ غير أمين وأيضاً الالتزام بعدم استخدام وسائل النشر الصحفى فى اتهام المواطنين بغير سند.

وذكرت أن من المقرر أن العلانية فى جريمة القذف المنصوص عليه فى المادة سالفة البيان لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز وثانيهما انتواء الجانى إذاعة ما هو مكتوب، ومن المقرر كذلك أن القصد الجنائى فى جريمة القذف أو السب يتحقق إذا كانت المطاعن الصادرة من القاذف أو السب محشوة بالعبارات الخادشة للشرف والألفاظ الماسة بالاعتبار فيكون علمه عندئذٍ مفترضاً، ومتى تحقق القصد فلا يكون هناك ثمة حديث عن النقد المباح الذى هو مجرد إبداء فى أمر أو عمل دون أن يكون فيه مساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته، فإذا ما تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه باعتباره مكنوناً لجريمة السب أو القذف.

وذكرت المحكمة فى أوراق الحكم العبارات الواردة بالمقالات تفصيلاً، ورأت المحكمة أنَّ هذه العبارات التى وردت بالمقالات المنشورة بمعرفة المتهم الأول بصحيفة الوطن وبموقعها الإلكترونى تحت إشراف المتهم الثانى قد جاءت بعيدة تماماً عن ضوابط وقواعد حرية الرأى والنقد البنَّاء، وقد خرجت بصورة فجة وساخرة عن هذه الضوابط والقواعد وتجسدت فيها مظاهر الخروج عن أحكام القانون، وأنها تشكل جريمة سب وإهانة هيئة الأزهر ونشر بسوء نية عنها أخبار وبيانات كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة وهى هيئة نظامية علمية إسلامية تحظى باحترام الشعب المصرى خاصة - كما تحظى باحترام وتقدير دول العالم المتخلفة، كما تشكل جريمة القذف فى حق موظف عام هو المستشار محمد عبدالسلام القاضى بمجلس الدولة والمستشار القانونى لفضيلة شيخ الأزهر.

وحيث إنه لما كانت العبارات القاذفة بما اشتملت عليه من وقائع تتضمن بذاتها الدليل على توافر علم المتهمين بأنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المدعين بالحق المدنى أو احتقارهما، كما أنها جاءت بذاتها شائنة تمس سمعتهما واعتبارهما، وهو ما يقطع بأن المتهم الأول كان باعثه من نشر هذه المقالات الانتقام والتشفى، ومن ثم يكون القصد الجنائى متوافراً فى حق المتهمين.

وحيث إن صحيفة الوطن التى تم نشر المقالات المتضمنة العبارات المسيئة سالفة البيان بها وبموقعها الإلكترونى واسعة الانتشار، ويتم توزيعها على القراء فى معظم محافظات الجمهورية، ومن ثم يكون ركن العلانية متوافراً فى الأوراق وثابتا فى حق المتهمين.

وحيث إنه لكل ما تقدم من حيثيات يكون الاتهام المسند للمتهمين ثابتا فى حقهما يقينياً؛ اذ لم يُمثل ليدفع الاتهام بثمة دفع أو دفاع، ولم يقدم أى دليل على صحة ما قام بنشره من وقائع، وهو الأمر الذى تقضى معه المحكمة والحال كذلك بمعاقبته بمقتضى قانون العقوبات.

وحكمت المحكمة للمتهم الأول على المدعو أحمد الخطيب بالحبس مع الشغل لمدة أربع سنوات، وتغريمه أربعين ألف جنيه لما نسب إليه من تهم، وألزمت المتهم المصاريف الجنائية، وعلى المتهم الثانى المدعو محمود مسلم بتغريمه عشرة آلاف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg