| 24 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

وكيل الأزهر الشريف أ.د. عباس شومان .. يكتب: عبدالله بن عباس .. حبر الأمة

  • | الخميس, 31 مايو, 2018
وكيل الأزهر الشريف أ.د. عباس شومان .. يكتب: عبدالله بن عباس .. حبر الأمة
د. عباس شومان .. وكيل الأزهر الشريف

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم القيامة.

حديثنا اليوم عن الصحابى الجليل عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب بن هاشم، ابن عم رسول الله حبر الأمة وترجمان القرآن، الذى ولد قبل هجرة المصطفى  بثلاث سنوات، وتوفى النبى  وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ورغم ذلك حرص على تهذيبه وتربيته، وإعداده إعداداً قويماً، وتوجيهه التوجيهَ السَّليم؛ فنراه يحمله على بغلة، أهداها له كسرى، ويقول: «يا غلام». قلت: لبيك يا رسول الله. قال: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة......»، وكأن النبى  لاحظ على الغلام فطنة حادة فأراد أن يجعلها طاقةً مفيدة، وشُعلةً نيِّرة فيما يَنفع ويفيد الأمَّة، ويوجهه إلى استثمار موهبته واستغلالها فقال: «اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل»، رواه الحاكم فى المستدرك. قال ابن عباس: ((ضَمَّنِى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْحِكْمَةَ)) متفق عليه.

ولا شك أن بركة دعاء النبى  لابن عباس رضى الله عنه ظهرت فى أقواله وأفعاله وتصرفاته، فتحقق فيه قول الحق تعالى وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً البقرة من الآية (269)، ولما قبض رسول الله  استشعر ابن عباس المسئولية الملقاة على عاتقه فطلب من رجل من الأنصار أن يجتهدا فى جمع العلم من الصحابة فتعجب منه قائلاً: (واعجبا لك يا ابن عباس، أترى الناس يفتقرون إليك وفى الناس من أصحاب رسول الله  من فيهم)، وكثيراً ما يفتر حماس الشباب فى عصرنا الحاضر من كلمات المثبطين العاجزين عن تحقيق أهدافهم، فيتوقفون عن الأمل إلا أن أهل المواهب والأهداف السامية من أمثال ابن عباس تتحطم تلك الكلمات تحت أقدامهم، فإذا به ينشط فى طلب العلم من الصحابة، حتى قال: (وإن كان يبلغنى الحديث عن الرجل فآتى بابه وهو قائل فأتوسد ردائى على بابه يسفى الريح على من التراب فيخرج فيرانى)، فيقول: (يا ابن عم رسول الله  ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلى فآتيك؟) فأقول: (لا، أنا أحق أن آتيك) قال: (فأسأله عن الحديث)، ويعيش هذا الأنصارى حتى يرى الناس وقد اجتمعوا حول ابن عباس فيقول نادماً: «هذا الفتى كان أعقل منى»، لقد منحه الله الحكمة، ونور قلبه بنور القرآن، فصار ابن عباس حصناً حصينا للمسلمين من كل خرافة، ومن كل مبالغة فى الدين، لأنّ أخطر شىء فى الدين المبالغات، ويلحظ الخلفاء الراشدون الحكمة تتفجر من أقوال ابن عباس وتصرفاته فيقدمه أبوبكر، ويقربه الفاروق عمر ويقول: (ذلك فتى الكهول، له لسان سئُول، وقلب عقول)، وإذا واجهته معضلة دعا إليه كبار الصحابة، ودعا معهم عبدالله بن عباس، ويوليه عثمان إمامة الحج، فى أخطر لحظات حياته، لما حُصِرَ فى بيته، ويجعله على بن أبى طالب والياً على البصرة، وتتوِّجه الأمة الإسلامية بلقب حَبر الأمة وترجمان القرآن، ولأن السر فى الحكمة يقول ابن عباس (خذ الحكمة ممن سمعت؛ فإن الرجل يتكلم بالحكمة وليس بحكيم، فتكون كالرمية خرجت من غير رامٍ).
 

وبعد حياة علمية ثرية لحق ابن عباس بالرفيق الأعلى عام 68 من الهجرة فى مدينة الطائف، وكان عمره 71 عاماً، ولذا يجدر بالشاب المسلم ونحن فى هذه الأيام المباركات أن يلتمس هذه الأخلاق الراقية، ويقدر الناس حق قدرهم، ويتكاملوا فيما بينهم، واجعلوا من مجتمعكم مجتمعاً عفيفاً نظيفاً راقياً نشيطاً عاملاً منتجاً، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
5.0

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg