| 28 مارس 2024 م

أراء و أفكار

أ.د. عباس شومان .. وكيل الأزهر الشريف..  يكتب: مبدعون حول الرسول .. لقد جئت على قدر يا أبا هريرة

  • | الأربعاء, 13 يونيو, 2018
أ.د. عباس شومان .. وكيل الأزهر الشريف..  يكتب: مبدعون حول الرسول .. لقد جئت على قدر يا أبا هريرة
د. عباس شومان .. وكيل الأزهر الشريف

الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد وآله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين وبعد،

بالتأكيد عندما نطالع العنوان لا يسعنا إلا أن نعرف أن أبا هريرة هو الموهبة التى نتكلم عنها اليوم ذلك أنه رضى الله عنه امتلك تلك القدرات والمهارات التى لا تتوافر فى الكثيرين، لقد كان صاحب نمطٍ فريد لم يتوافر لكثير من الناس، أسلم أبوهريرة على يد الصحابى الجليل الطفيل بن عمرو الدوسى رضى الله عنه وكان عمره عند إسلامه نحو ست عشرة سنة، وظل فى أرض قومه دوس إلى ما بعد الهجرة بست سنين حيث وفد مع قومه فى العام السابع من الهجرة على رسول الله بالمدينة. نعم جاء أبوهريرة متأخراً جداً، إلا أن النبى بفطنته وذكائه، ونظره الثاقب، ورؤيته الصحيحة، وإدراكه الدقيق لقدرات أصحابه ومواهبهم، استطاع أن يوجه تلك الموهبة الجديدة التى انضمت لركب المسلمين التوجيه الأمثل، حيث أيقن حاجة الأجيال المقبلة من المسلمين إلى من ينقل لهم تراثه وتعاليمه بل وحركاته وسكناته وآدابه، فاهتم به النبى ورباه وكان الناس يدعونه فى الجاهلية (عبد شمس)، فلما شرَّفه الله بلقاء النبى قال له: (ما اسمك)؟، فقال: عبد شمس، فقال ـ: (بل عبدالرحمن). فقال: نعم عبدالرحمن، بأبى أنت وأمى يا رسول الله، لقد أحبه أبوهريرة حُبَّاً شديداً لدرجة أنه منذ أن قدم إليه لم يفارقه أبداً، لقد جئت على قدر يا أبا هريرة بتدبير الخالق الحكيم سبحانه وتعالى، لتكون عضواً بارزاً فى أداء هذه المهمة بانتقاء من الرسول الكريم فالصحابة مختلفون، منهم القادة، ومنهم قراء القرآن الكريم، ومنهم التجار، وفيهم الزراع، كل هذا ورسول الله يعى أن فى الصحابة من يكتب الوحى الإلهى، كما أن منهم من يكتب الحديث النبوى، لكن عدد هؤلاء الكتبة فى هذا العصر قليلاً جداً، فالعرب فى هذا الوقت لم تكن تعتمد الكتابة والقراءة كمنهج وحيد لنقل المعارف، ثم إن من يعرف القراءة والكتابة يحتاج لكسب المعيشة فقد لا يجد وقتاً كافياً لملازمة النبى حتى يؤدى تلك المهمة الخطيرة فى هذا الوقت المهم من تاريخ الأمة الإسلامية، فكل صحابى اختار وجهةً أتقنها، وبرع فيها، لكن العبقرية النبوية تظهر بشكل جلى فى كيفية تنسيق هؤلاء جميعاً لبناء المجتمع السليم الراقى المتعاون، لقد اختار أبوهريرة التفرغ الكامل لخدمة النبى وتلقى العلم عنه، وأحياناً يكون للتفرغ معنىً، فيا طلاب العلم فى كل مكان، اشغلوا أنفسكم بالقراءة ومطالعة العلم والبحث والدراسة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، ويهاجم كثير من المغرضين إكثار أبى هريرة من الرواية ويطعنون فيه ويقولون كيف يروى أبوهريرة عدداً أكبر مما رواه أبوبكر وعمر وعثمان وعلى مع أنهم سبقوه للإسلام!!! وينسى هؤلاء أن كل إنسان ميسر لما خلق له، ويرد أبوهريرة مبيناً أن سر تفرّده فى هذا الفن هو تشجيع النبى لهذه الموهبة الفطرية ودعمه لها فكان دائما ما يقول: (إنكم تقولون: أكثر أبوهريرة عن النبى والله الموعد، وإن إخوتى من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخوتى من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأً مسكينا ألزم رسول الله على ملء بطنى، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما: (لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضى مقالتى هذه ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتى شيئا أبدا). فبسطت نَمِرة ليس عليَّ ثوب غيرها حتى قضى النبى مقالته، ثم جمعتها إلى صدرى، فوالذى بعثه بالحق ما نسيت من مقالته ذلك إلى يومى هذا.

لقد كان رضى الله عنه ينمى هذه الموهبة بعد هذه الليلة فيجعل النصف الأول من الليل لدراسة الحديث وتكراره ومراجعته حتى يحفظ منه ما قد يخاف أن ينساه، إنه مثال لكل من يملك هدفاً نبيلاً يسعى إلى تحقيقه فيرزقه الله التوفيق ومحبة الناس، لقد قال: يا رسول الله، ادع الله أن يحببنى أنا وأمى إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله ـ: اللهم حبب عُبيدك هذا يعنى أبا هريرة وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين. قال أبوهريرة: فما خلق مؤمن يسمع بى ولا يرانى إلا أحبنى، رضى الله عن أبى هريرة ورزقنا محبته.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg