| 23 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

سليمان جودة.. يكتب: حفاوة ملكية بالأزهر وبالإمام

  • | الخميس, 26 يوليه, 2018
سليمان جودة.. يكتب: حفاوة ملكية بالأزهر وبالإمام
سليمان جودة

أسعدنى أن تستقبل بريطانيا الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، بحفاوة كبيرة تليق بالرجل، وتليق فى الأول وفى الآخر بالمشيخة ذات التاريخ، التى يتربع الشيخ على رأسها منذ ثمانية أعوام.. فالحفاوة كانت مُضاعفة: مرة بشيخ الأزهر، ومرةً ثانية بالرمز فى الأزهر الشريف! 

وحين استقبلته الملكة اليزابيث، ملكة البلاد، كان ذلك تقديراً مُضافاً.. فهذه الملكة لا تخرج لاستقبال أحد من زوار بلادها، إلا إذا كان يمثل قيمة دينية أو سياسية عالية، ولابد أن الدكتور الطيب كان يمثل الحالة الأولى، بمثل ماكان الرئيس الأمريكى دونالد ترمب يمثل الحالة الثانية، رغم أفكاره التى تخلو من الرحمة، ومن الحكمة، ومن الإنسانية، فكانت الملكة فى انتظاره عندما وصل لندن قبل أيام فى زيارة  صاخبة! 

وحين قالت الملكة بعد استقبال الإمام الأكبر، إن العالم يُعوّل كثيراً، وفى ظروفه الصعبة الراهنة، على دور أوسع للقيادات الدينية الكبيرة، فإنها كانت تُلقى على أزهرنا العريق مسئولية مُضافة، وكانت تعرف أن الأزهر على قدر هذه المسئولية! 

وقد كان الدكتور الطيب واضحاً عندما قال بعد الاستقبال، إن الأزهر سيظل يبادر بالدعوة إلى الحوار بين أصحاب الديانات المختلفة، وإن الحوار فى كل حالاته، ليس معنياً بالعقائد، ولايتدخل فيها، لأن كل أصحاب عقيدة أحرار بطبيعة الحال فيما يعتقدون، بشرط أن يحترم كل فريق من أصحاب العقائد، الفريق الآخر، فلايناقشه فيما يعتقده، ولا يقلل من شأن عقيدته التى يؤمن بها! 

وقد تذكرتُ الدكتور على السمان، يرحمه الله، الذى قضى سنوات حياته الأخيرة، قبل أن يرحل العام الماضى، فى الدعوة إلى الحوار بين الأديان.. وقد كان يؤمن تماماً بأن دعوة كهذه يمكن جداً، أن تؤدى إلى نتيجة مضمونة فى آخر الأمر، وكان يعمل بتنسيق كامل مع الأزهر، وكان على يقين من أن قضية الحوار تستحق، ولم يكن ييأس من المبادرة بالدعوة، ولا من الاستمرار فيها، رغم هجوم عنيف كان يتعرض له فى أوقات كثيرة.. لقد كان تقديره أن ما هو مشترك بين أصحاب الديانات فى العالم كثير، وأن مواضع الاتفاق أكثر من مناطق الخلاف، وأن علينا أن نتجنب مناطق الخلاف، ونتمسك بمساحات الاتفاق والعيش المشترك! 

وأعتقد أن الأزهر الشريف يحمل هذه الروح،  فى كل دعوة من جانبه إلى أى حوار، وأعتقد أن كل دعوة أزهرية إلى حوار من هذا النوع، هى إشاعة لكل القيم الإيجابية بين الناس، وهى أيضاً رغبة فى أن يعى كل أصحاب ديانة، أن فى إمكانهم العيش مع الآخرين فى سلام، دعت إليه كل الأديان دون استثناء.. فليست هناك ديانة سماوية كانت أوغير سماوية، إلا وكان السلام باعتباره مبدأ، وباعتباره قيمة، وباعتباره طريقاً، من بين الأركان الأساسية فيها! 

ولذلك حضر الإمام الأكبر منتدى شباب صناع السلام، الذى انعقد فى العاصمة البريطانية، ولهذا أيضاً دعا الله سبحانه وتعالى أن يلقاه، وهو يمشى فى طريق صناعة السلام.. أعطاه الله الصحة وطول العمر ليكون فى طليعة الذين يُمهدون هذا الطريق فى أنحاء الأرض! 

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg