| 20 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

د. عبدالحليم منصور.. يكتب: العقلية الجامعة لرجل الدين

  • | السبت, 1 ديسمبر, 2018
د. عبدالحليم منصور.. يكتب: العقلية الجامعة لرجل الدين
د. عبد الحليم منصور

فى حديثه يوم الاثنين الماضى أثناء الاحتفال بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام، تحدث فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى عن العقلية الجامعة لرجل الدين، والتى يجب أن تقود قاطرة تجديد الخطاب الدينى على النحو الذى يناسب الزمان والمكان، والعصر والمصر، وهذه مسألة فى غاية الأهمية، فليس كل شخص صالحا لأن يجدد الخطاب الدينى، فهناك كثيرون يحسبون أنفسهم رجال دين ويطلون على الناس بخطاب دينى لا يناسب المرحلة، وينفر الناس من دينهم بدلا من أن يشجعهم عليه.

نحتاج فى هذه المرحلة إلى رجل الدين الذى يملك أدواته ووسائله فى تخصصه الدينى على النحو الذى يمكنه من أداء رسالته بشكل صحيح، وفضلا عن ذلك يجب أن يكون ملما بأعراف الناس وعوائدهم، وكذا مصالح الناس، ومصلحة الوطن العليا، بحيث يكون لديه المكنة الكاملة فى تنزيل الأحكام الشرعية على الواقع بشكل صحيح، ولكننا للأسف نرى رجالا منعزلين عن واقعهم، متقوقعين حول ذواتهم دون أن ينظروا إلى العالم من حولهم وإلى التطورات الرهيبة التى تمس كل أمور الحياة.

نحتاج فى هذه المرحلة إلى العقلية القادرة على فهم النصوص الشرعية، وسبر عللها، والتعرف على وجودها، وتخلفها، والتى تميز بين العام والخاص، والمطلق والمقيد من النصوص، فضلا عن المجمل والمبين، العقلية القادرة على التخير من أقوال الفقهاء ما يحقق المصلحة، وترك ما لا يؤتى ثماره الآن.

نحتاج إلى العقلية المؤمنة بالمواطنة، والتعايش السلمى الإنسانى بين البشر، بغض النظر عن دينهم، أو معتقدهم، حتى يتعاون الجميع إلى الارتقاء بمنظومة الحياة، ويحلقوا بالوطن فى آفاق بعيدة من التقدم والتطور.

تلكم العقلية القادرة على الابتكار وعلى قراءة التراث قراءة نقدية، وليست قراءة تقديسية فضلا عن التسليم بكل ما جاء فيه، ذلك أن التراث عبارة عن اجتهادات قام بها العلماء السابقون ووضعوا من خلالها الحلول المناسبة لزمانهم وعصورهم، ولكنها ليست بالضرورة الآن صالحة كلها لزماننا، ولبيئاتنا التى تحتاج إلى فقه جديد، وفهم جديد للنصوص فى ضوء المتغيرات التى تستجد كل يوم.

وهذه العقلية الجامعة هى القادرة على مواجهة الفكر المتطرف ونقده، ومناقشته، ودحره، وبيان عواره، وتحصين العقل المصرى من الاختطاف، وتحصين الشباب من المفاهيم الملتبسة، العقلية القادرة على وضع حلول ناجعة لكل ما يستجد من مشكلات، فى ضوء مقاصد الشرع الحنيف، بما يحقق مصالح الأفراد، والوطن على وجه سواء.

وهذه العقلية الجامعة التى تحدث عنها فخامة الرئيس لن توجد بين عشية وضحاها، وإنما لا بد من وضع خطط استراتيجية قصيرة وطويلة الأمد، يتم من خلالها صياغة العقلية المنشودة صياغة صحيحة من خلال تدريس كل القضايا الجدلية ذات الأبعاد الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، والتعليمية، لهذه العقول فى ضوء المتغيرات الحياتية، بما يؤهلها بعد ذلك لعرض هذا الخطاب على العامة فى المساجد، والمعاهد، وفى شتى دور التعليم المختلفة، بحيث تترسخ هذه الثقافة فى سائر عقول المصريين.

وفى سبيل ذلك لا بد من جمع هذه المسائل التى تم دراستها فى ضوء المتغيرات الجديدة، ويتم طباعتها فى مجلدات، وترسل إلى المكتبات العامة والخاصة، وإلى دور التعليم المختلفة، بل ولابد من تدريس بعض هذه المسائل فى المقررات الدراسية فى شتى المراحل التعليمية بما يسهم بشكل قوى فى صياغة العقول بشكل فاعل، بحيث نخرج فى أقرب وقت كتائب من العقول الجامعة التى أشار إليها فخامة الرئيس بحيث تكون قادرة على قيادة منظومة الخطاب الدينى فى الداخل والخارج، حتى نستطيع تغيير الصورة الذهنية عن الإسلام فى الغرب، وحتى نستطيع فهم النصوص الشرعية فى ضوء مقاصد الشرع، وفى ضوء المصالح العليا للبلاد، فضلا عن مصلحة مجموع المواطنين، بهذا وغيره نستطيع أن ننتج هذه العقلية الجامعة التى قال عنها الرسول عليه الصلاة والسلام: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» هذه العقلية هى القادرة على النهوض بالوطن والتحليق به فى آفاق بعيدة من التقدم والتطور على النحو الذى ينشده جميع المصريين.

حمى الله مصر ،، حمى الله الجيش

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg