| 20 أبريل 2024 م

أراء و أفكار

د. عبد الحليم منصور .. يكتب: دستور الأخوة الإنسانية فى الميزان

  • | الخميس, 21 فبراير, 2019
د. عبد الحليم منصور .. يكتب: دستور الأخوة الإنسانية فى الميزان
د. عبد الحليم منصور

لا ينكر عاقل ما قدمه الأزهر الشريف والدولة المصرية من خطوات فاعلة فى تجديد الخطاب الدينى فيما يمس العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وخير دليل على ذلك جولات فضيلة الإمام الأكبر فى الشرق والغرب، لإحداث التقارب الفكرى والحضارى بين الأديان، ونشر ثقافة التعاون والسلام بين الشعوب بشكل حقيقى فى الأعوام المنصرمة.

وفى ذات الاتجاه وفى سبيل تقوية العلاقة مع الآخر أقام الأزهر الشريف منذ شهور قليلة مؤتمره: ««الإسلام والغرب... تنوع وتكامل» من أجل التأكيد على مفاهيم التعايش السلمى الإنسانى بين البشر، وأن الأديان السماوية فى حقيقتها وجوهرها ما جاءت إلا لتحقيق مصلحة الإنسان، والإعلاء من قيمة الإخاء الإنسانى، والتسامح، من أجل إسعاد البشرية.

وقبل أيام قليلة عقد لقاء الكبار كما أطلق عليه البعض بين فضيلة الإمام الأكبر، وبين البابا فرنسيس، فى دولة الإمارات العربية الشقيقة، والذى أثمر عن وثيقة الإخوة الإنسانية، التى تستحق أن تكتب بماء الذهب، وأن تدرج فى المقررات الدراسية فى كل دول العالم، فى شتى مراحل التعليم المختلفة، وأن تقام بشأنها الندوات، والحوارات، والمؤتمرات، فى شتى وسائل الإعلام المختلفة، نظرا لما تضمنته من أمور تمثل دستورا للإخاء الإنسانى بين الشعوب، والذى أكد عليه القرآن الكريم بقوله: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» الحجرات: (13) ليؤكد بذلك حقيقة جلية هى أن الحضارات الإنسانية والأديان السماوية لا يمكن أن تقوم على الصراع والتصادم على النحو الذى يروج له البعض فى الشرق أو الغرب، وإنما هى فى الواقع ونفس الأمر تدعو إلى التعاون لا التباين، للارتقاء بمنظومة الحياة، والأخلاق لدى البشر.

وهذه الوثيقة من شأن الاهتمام بها أن تؤدى إلى كثير من الأمور المهمة على مستوى شعوب العالم، أهمها: ترسيخ معانى السلام بين الشعوب، والتأكيد على أن العلاقة بين الشعوب قائمة على السلام والحب والتعاون، وليس الكراهة، وليس أدل على ذلك ما ذكره القرآن الكريم حكاية عما جاء فى شريعة بنى إسرائيل، ما يجرم المساس بالنفس الإنسانية بصفة عامة بغض النظر عن العقيدة، قال تعالى: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِى الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ» المائدة: (32).

نبذ الإرهاب والتعاون الإنسانى بين الشعوب، من أجل مواجهة موجات التشدد، والعنف، الذى تتبناه الجماعات الإرهابية فى كل الأديان، من أجل تحقيق الخير للإنسانية، والحفاظ على الأمن والأمان لدى الشعوب.

نبذ الحروب التى تقع بين الشعوب، والعمل على استخدام البدائل السلمية لحد النزاعات بين الدول، حفاظا على النفوس الإنسانية من أن تراق دماؤها بسبب ما يحدث من حروب.

التأكيد على حقوق المواطنة بين الشعوب، بحيث يكون الجميع متساوين فى الحقوق والواجبات، ولا يحدث تمييز بينهم على أرض الواقع بسبب المعتقد أو غيره.

ترسيخ حرية العقيدة بين الشعوب، وهذا المعنى أكد عليه القرآن الكريم فى قوله تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ» البقرة: (256) وقال تعالى: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِى الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» يونس: (99).

التأكيد على وجود المشترك الكبير بين الشعوب، وأن البناء على المشتركات الإنسانية، والتعظيم من شأنها، واحترام خصوصية الآخر، وحقه فى حرية الاختلاف فى العقيدة، أو غيرها مما يعظم من معانى التعايش السلمى بين البشر.

إن مصر الأزهر بدورها الريادى - من خلال فضيلة الإمام الأكبر ومؤسسة الأزهر الشريف - تقدم للإنسانية أعظم وثيقة لخدمة الإنسانية والبشرية، من شأن الاهتمام بها، وتفعليها، ترسيخ معانى السلام، والتعاون الإنسانى، ونبذ الكراهية، والقدرة على مواجهة موجات العنف الأسود التى تقض مضجع البشرية بأسرها.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg