| 29 أبريل 2024 م

متابعات

باحث أزهرى يضع خارطة طريق بالألمانية لمواجهة الإرهاب

  • | الجمعة, 8 يناير, 2016
باحث أزهرى يضع خارطة طريق بالألمانية لمواجهة الإرهاب

كتبت هدير عبده:
أضحت ظاهرة «الإرهاب» التى تنسب إلى بعض المنتسبين إلى الإسلام من الجماعات المسلّحة، حديث الساعة، والشغل الشاغل، ليس لدى العالم العربى والإسلامى فحسب بل والعالم الغربى أيضًا. والسبب فى ذلك يرجع إلى إشكالية توصيفها، وتعقيد أسبابها ودوافعها، وصعوبة معالجتها، وكثرة الأعمال الإرهابية التى تقوم بها هذه الجماعات فى الداخل والخارج.. وحول هذه الظاهرة ورؤية الاسلام لعلاجها جاءت دراسة ازهرية بعنوان "الإسلام وعلاج ظاهرة الإرهاب" للباحث السيد بسيونى يوسف بركات المعيد بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر،لنيل درجة الماجستير بقسم الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية (شعبة ألماني).
وأشار الباحث الى أن مشكلة العنف أو ما يُعرَف فى وسائل الإعلام بـ «الإرهاب»، التى تنسب إلى بعض الجماعات الإسلامية المسلّحة هى نتاج كتلة من الأسباب السياسية الداخلية والخارجية، والفكرية، وتهميش التعليم الدينى فى مناهج التعليم العام.

أسباب فكرية
ونبهت الدراسة الى أن أهم الأسباب الفكرية التى قادت بعض الجماعات الإسلامية إلى العنف منها التساهل فى تكفير المسلمين، تجاهل ضوابط إعلان الجهاد، العمل على عودة الخلافة. فلقد أدّى تساهل بعض الجماعات فى تكفير من عداهم من المسلمين إلى استشراء ظاهرة العنف والإرهاب بين المسلمين. فعلى الرغم أن تكفير جماعة إسلامية كل من عداها من المسلمين يرجع إلى عهد الخوارج، إلا أنه قد أحياهذه الفتنة من جديد من الجماعات المعاصرة «التيار التكفيري» الذى تنسب كثير من أفكاره إلى سيد قطب فى كتابه الشهير «معالم فى الطريق»، متمثلاً فى ظهور جماعة التكفير والهجرة فى أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضى على يد شكرى أحمد مصطفى، كما أدى تجاهل بعض هذه الجماعات إلى الضوابط التى وضعها العلماء الثقات فى سبيل إعلان الجهاد القتالي، مثل التحقق القاطع من أن الدماء المراقة ليست معصومة فى الشرع، وانتفاء الموانع الشرعية التى تمنع من هذا الجهاد أو هذا القتال، وغلبة المصلحة على المفسدة،وإذن الحاكم المسلم - قد أدى أيضًا إلى استشراء هذه الظاهرة.
موضحاً أن النقطة المحورية فى هذا الفهم الخاطئ للجهاد تكمن فى أن بعض الشباب يعتقد أن الجهاد فى الإسلام غاية لا وسيلة، فإن الناظر إلى النصوص الشرعية يجد أن كل الأدلة الشرعية الخاصة بالجهاد قيدته بكونه فى «سبيل الله»، وهو ما يؤكد اندراج الجهاد «القتال» فى باب الطرق والوسائل، لا الغايات والمقاصد.
واستنتجت الدراسة أن كل وسيلة غير الجهاد تؤدى مقصوده يجب اللجوء إليها؛ لأن الأصل حفظ الأنفس، وأنه فيما يتعلق بعودة الخلافة يعتقد بعض الشباب أن نظام الخلافة ركن من أركان الدين. فى حين أن نظام الخلاف فى الأصل، نظام سياسى بشرى قابل للتطبيق من عدمه، وذلكحسب ظروف العصر الذى يعيش فيه المسلم، كما أدّى إلى تبنى العنف بين بعض الجماعات الإسلامية المسلحة، توفّر المصادر الفكرية المغذية لنبتة العنف لدى أتباعها، مثل: فتوى قتال التتار وجواز قتل الأسير المسلم الذى تترّس به الأعداء لابن تيمية، وبعض كتابات «أبى الأعلى المودودي» مؤسس «الجماعة الإسلامية» بباكستان عام 1949م، وخاصة كتابيه «المصطلحات الأربعة» و«الانقلاب الإسلامي»، وكذلك بعض كتابات «سيد قطب»، وخاصة كتابه «معالم فى الطريق»؛ فقد استندت هذه الكتابات جميعًا إلى فكرة «الجاهلية» و«الحاكمية»، وبعض كتابات «شكرى أحمد مصطفى» قائد «جماعة المسلمين» المعروفة باسم «التكفير والهجرة»، سواء كراساته أو كتاب «الخلافة» أو «التوسمات»، رسالة «الإيمان» لصالح سرية، كتيب «الفريضة الغائبة» لمحمد عبد السلام فرج، ورسالة حتمية المواجهة لقادة الجماعة الإسلامية المسلّحة بمصر.
وتابع الباحث: كما لا يمكننا أن ننسى فى هذا المقام خطورة تهميش المنهج الدينى الذى يحتوى على قضايا الجهاد والدماء والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر- فى التعليم العام غير الأزهري. هذا التجاهل لمثل هذه القضايا فى المناهج التعليمة، قد أدى إلى خروج الطالب من الثانويةدون أن يعلم كيف يتعامل مع النصوص الدينية الآمرة بالقتال أو الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وإذا أردنا أن نعالج ظاهرة العنف التى تنسب إلى بعض الجماعات الإسلامية فى الداخل والخارج، فلن يكون ذلك بالشجب أو التنديد، ولكن يكون بوضع إستراتيجية شاملة تستطيع أن تتغلب على الظروف والدوافعالتى أدت إلى استشراء هذا الظاهرة.
المواجهة الفكرية
وأشار الى أنه من هنا تقع مسئولية علاج هذه الظاهرة على الجميع فى الداخل والخارج. هذه الإستراتيجية يمكن أن تكمن فى المواجهة الفكرية مع دعاة العنف؛ لأن معظم العنف ناتج عن شبهة فكرية والفكر لا يقاوم إلا بالفكر، ولنا شاهد فى التاريخ الإسلامي، ألا وهو نجاح الحوار الذى حدث بين ابن عباس وطائفة الخوارج، فقد استطاع أن يخفض عددهم إلى النصف، وكذلك من خلال إقامة عدالة اجتماعية وسياسية بين أفراد المجتمع؛ كى لا يستغل الفقر ونقص الحريات فى إشعال فتنةالتذمر الشعبي. إننا لن نستطيع أن نتغلب على عنف الجماعات الإسلامية، إلا بالتحرّك السريع فى طريق القضاء على الفقر، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، الأمرَ الذى تستغله بعض الجماعات التى ترفع رايات الدين حتى تصل إلى بغيتها.
كما أوضحت الدراسة أنه بإمكان هذه الإستراتيجية تطبيق القانون العادل تجاه كل من تسوّل له نفسه ترويع الآمنين.قال تعالي:" إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْى فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ. إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "، وكذلك استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وانما قال الباحث «استكمال» تطبيق أحكام الشريعة؛ لأن كثيرًا من القوانين –المطبَّقة الآن فى مصر مثلًا- ترجع إلى الشريعة الإسلامية كما فى قوانين الأحوال الشخصية، وعلاقات الأسْرة والمواريث. فالأمر كما قال الشيخ جاد الحق على جاد الحق – شيخ الأزهر الأسبق-: إذا كان فى دستور الدولة أن دينها الرسمى هو الإسلام، وأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيس للقانون، يجب تغيير كل قانون يخالف المقطوع به من أحكام الإسلام، ويحرّم على كل مسلم أن يقضى بهذا الحكم المخالف. أما الحكم المختلَف فيه، فلا حرمة فى القضاء به، والأمل كبيرٌ فى البلاد الإسلامية أن تنقّى قوانينها من الدخيل الذى يتنافى مع الإسلام".
كما تتضمن تلك الاستراتيجية دعم الأزهر الشريف؛ لأنه هو الحامى لفكر الأُمَّةِ من التطرُّفِ والتَّشدُّدِ، ولولا الأزهرُ الشريفُ لضاعَت وسطيّةُ الشريعةِ بين أفكار هؤلاءِ الذين يخرجون على الأمّةِ فى كلّ زمانٍ ومكانٍ، وتفعيل دور الإعلامفى تكريس مبدأ المواطنة والتعايش السلمي؛ وذلك لأن الإعلام يلعب دورًا مهمًّا ومؤثِّرًا فى توجُّهات الرأى العامِّ واتجاهاتِهِ وإذابة التطرّف بين الشباب، تجديد آليات الخطاب الدينى، فلقد أصبحت الحاجة إلى تجديد آليات الخطاب الدينى ضرورة ملحة فى عصرنا هذا؛ لكثرة التحديات التى تواجهنا، فى ظل الهجمات الشرسة التى تشهدها المنطقة، والتى تستوجب التخلّص من الأفكار المغلوطة والشاذة التى تقود بعض الشباب إلى العنف والإرهاب، الحصيلة الدينية التى يجب أن يحصل عليها كل الشباب فى مختلف مراحل التعليم العام.
وأشار الباحث الى وجوب زيادة الحصيلة الدينية التى يجب أن يحصل عليها كل الشباب فى مختلف مراحل التعليم العامّ غير الأزهرى - فيما يتعلق بقضايا الجهاد والدماء المعصومة فى الإسلام، وخطورةالتساهل فى التكفير، وضوابط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، كعامل أساسى لعلاج ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب التى يقوم بها بعض المنتسبين إلى الإسلام؛ لأننا وجدنا أن معظم قيادات الحركات والجماعات الإسلامية بمصر وغيرها ليسوا من خريجى المدارس والمعاهد والكليات الشرعية.

طباعة
كلمات دالة:
Rate this article:
لا يوجد تقييم

رجاء الدخول أو التسجيل لإضافة تعليق.








حقوق الملكية 2024 جريدة صوت الأزهر - الأزهر الشريف
تصميم وإدارة: بوابة الأزهر الإلكترونية | Azhar.eg